خلصت دراسة، أعدتها مؤسسة "أنترفيس ميديا"، إلى أن الجزائريين من أكثر الشعوب بحثا عن الصفحات الدينية الأجنبية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.
وبحسب ما ورد في الصحافة المحلية، فإن مُعد البحث لصالح مؤسسة "أنترفيس ميديا"، يونس سعدي، أكد أن "الجزائريين هم أكثر الشعوب تتبعا للمحتوى الديني الإسلامي على فيسبوك مقارنة بالشعوب الأخرى".
وفي التقرير الذي أعده الباحث نفسه، يُمكن تتبع معطيات ملفتة تؤكد تعلق جزائريين بدعاة من السعودية ومصر. وبين هذه المعطيات أن أكثر من 5 ملايين جزائري يتابعون صفحة الداعية المصري عمرو خالد.
وخلص الباحث يونس سعدي إلى أن الجزائريين باتوا أكثر المتابعين للدعاة المشارقة، أمثال عائض القرني ومحمد العريفي، بل يحتل الجزائريون الرتبة الأولى فيما يخص المتابعة.
التسعينات.. الفترة الفارقة
اهتمام الجزائريين بالجانب الديني، عموما، ليس بجديد.. هذا ما يؤكده الباحث في الدراسات الاجتماعية، نجاح مبارك. لكن بحث جزائريين عن الفتوى خارج الجزائر، ومتابعتهم لدعاة مشارقة بعينهم، يرتبط بانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، حسبه.
وفي حديث لـ"أصوات مغاربية"، يكشف مبارك أن بداية الطلاق بين المرجعية الدينية المحلية وبعض الجزائريين ترجع لسنوات التسعينات.
"شاعت أشرطة فيديو لمشايخ لم نكن نسمع بهم من قبل، وقد كان لتلك الأشرطة وقعٌ شديد علينا، جراء تصاعد التطرف الذي شُرب من فتاوى المشرقيين"، يقول مبارك.
وفي نظر الباحث ذاته، فإن سبب شغف جزائريين بشيوخ المشرق، وخاصة الذين يتبنون المذهب الوهابي، هو "الفراغ الفقهي، نظرا لغياب دور إفتاء، وأيضا لبُعد الخطاب الديني المحلي عن توقعات الشباب بالجزائر"، حسبه.
"في الوقت الذي ينتظر فيه الجزائري البسيط الدعم من خطباء الأمة، تجد هؤلاء يبررون إخفاقات السلطة تارة، ويُحَرِّمون احتجاجه على وضعه تارة أخرى"، يردف نجاح مبارك.
وفي سياق حديثه، عن ما يعتبرها هوة تفصل رجال الدين الجزائريين والمواطنين بالجزائر، يؤكد أن "بعض الفتاوى لا تتماشى مع ما يعيشه المواطنون هنا، مثل فتوى تحريم الهجرة غير الشرعية، وتحريم الإضرابات".
وبحسب ما يذهب إليه هذا الباحث الاجتماعي، فإن الجزائريين "أضحوا فريسة لدعاة من مشارب أخرى غير المالكية، بسبب سكوت السلطة عن هذه الظاهرة"، وفق قوله.
"فوبيا" الإعلام
وإذا كان الباحث نجاح مبارك يُرجع فترة بداية تعلق الجزائريين بالدعاة المشرقيين إلى التسعينات، وهي الفترة التي صارت تُعرف بـ"العشرية السوداء"، فإن الباحث في الدراسات الإسلامية، عدة فلاحي، يتبنى المعطى ذاته.
فلاحي يقول إنه خلال فترة منتصف التسعينات، ومع ظهور القنوات الفضائية، أصبح بإمكان الجميع الاتصال مباشرة برجال دين أجانب ضمن برامج تلفزية مباشرة كان التلفزيون الجزائري قليلا ما ينتجها.
كما أن بعض الشيوخ والدعاة الذين لم يعد الإعلام يعطيهم فرصة الظهور، حسب فلاحي، وجدوا في مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة تربطهم بالجماهير المتابِعة.
ويقدم فلاحي هنا مثالا بحالة الداعية المصري، عمرو خالد، الذي يقول إنه "بعد تراجع ظهوره في القنوات الفضائية، صار يستثمر باستماتة في المنصات الاجتماعية، وكان ذلك سر متابعة الجزائريين له عبر فيسبوك".
رجال الدين الجزائريين أيضا صارت لديهم "فوبيا من الإعلام"، وفق الباحث في الدراسات الإسلامية، والذي كان أيضا مستشارا لوزارة الشؤون الدينية.
وانطلاقا من تجربته هاته يحكي فلاحي أنه "كثيرا ما عرض على الشيوخ الجزائريين الحديث إلى وسائل الإعلام، وغالبا ما تردد هؤلاء بسبب خوفهم من الإعلام".
هذا السبب، بحسب عدة فلاحي، "ترك الساحة فارغة أمام الدعاة المشرقيين، وجعل الجزائريين يتعلقون بهم".
المصدر: أصوات مغاربية