باشرت وزارة التربية في الجزائر تبليغ قرارات العزل للأساتذة المضربين، بسبب مشاركتهم في الإضراب الذي دعت إليه نقابة المجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس للقطاع ثلاثي الأطوار "كنابست"، منذ ما يقارب الشهر.
وقدرت بعض الصحف الجزائرية، نقلا عن مصادر، عدد الأساتذة الذين طُبقت عليهم إجراءات الفصل بما يقارب 4 آلاف أستاذ، ما يرهن مستقبل الأساتذة المفصولين وينذر بأزمة في الأفق.
وتتبادل وزارة التربية الجزائرية ونقابة كنابست الاتهامات فيما يتعلق بمسؤوليات عزل الأساتذة، مع تضارب المواقف حول تأثير هذا القرار على جولات الحوار مستقبلا بين الطرفين.
وبعد تعثر جلسات الحوار بين الطرفين وإصرار النقابة على تمسكها بمواصلة الإضراب، دخلت القضية إلى أروقة المحكمة، وقد قضت هذه الأخيرة بعدم شرعيته.
ونشرت وزارة التربية، الأسبوع الماضي، محتوى قرار العدالة مرفق برسالة للمضربين، تذكرهم فيها بأن العدالة قضت بعدم شرعية الإضراب المفتوح المعلن عنه من قبل نقابة كنابست.
وحذرت الوزارة الأساتذة من مواصلة الإضراب، معتبرة أن الأساتذة تخلوا عن مناصبهم طبقا للتشريع المعمول به وهو ما يعرضهم إلى إجراء العزل.
وفي حوار سابق له مع "أصوات مغاربية"، أكد الناطق الرسمي باسم نقابة كنابست، مسعود بوديبة، أن الإجراء الذي أقدمت عليه الوزارة يعتبر غير قانوني ولا يتلاءم مع القوانين معمول بها.
النزاع قانوني ودستوري
وفي هذا الإطار، يقول المحامي عبد الغني بادي إن حق الإضراب مسألة مكتسبة بموجب الدستور، معتبرا أن مطالب الأساتذة المضربين قانونية.
ويقول الحقوقي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إن الإجراءات التي قامت بها نقابة كنابست، على سبيل المثال الإشعار بالإضراب في الوقت القانوني، يؤكد أن "المسألة سارت بطريقة سلمية".
وحسب بادي فالقضاء قال بعدم شرعية الإضراب، "وهذا ما تحتج به الوزارة وتتخذه ذريعة لمواجهة المضربين بعصى القانون".
ويخلص بادي إلى نتيجة مفادها أن "القضية تحتاج لإرادة سياسية للفصل في التنازع القانوني والدستوري حول المسالة، بدل اللجوء إلى القضاء".
الوزارة في قفص الاتهام
ويحمّل الناطق الرسمي باسم نقابة "كنابست"، مسعود بوديبة، مسؤولية فصل الأساتذة إلى وزارة التربية.
ويبرر بوديبة، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، كلامه بالقول إن الوزارة لجأت إلى إجراء غير قانوني، وبالتالي فإن من قام بهذا الفعل هو من يتحمل المسؤولية.
وفي تصور بوديبة، فالوزارة "لم تحترم قوانين العمل من خلال نقلها المعركة إلى العدالة، في حين كان بإمكانها معالجة المسألة في إطار قانون العمل".
هذه الإجراءات المتخذة في حق الأساتذة المضربين، يعتبرها بوديبة، تؤثر على جولات الحوار بين الوزارة والنقابة مستقبلا.
وأوضح أنه "بعدما كان الحوار مقتصرا حول المطالب المرفوعة أصبح منحصرا على تبعات إجراء العزل".
مسؤولية كنابست
في المقابل، يرى مدير مؤسسة تربوية بالجزائر العاصمة، كمال نواري، أن نقابة كنابست "تتحمل المسؤولية كاملة، لأن هناك إجراءات كان ينبغي المرور عبرها قبل اتخاذ قرار الإضراب".
وعدّد نواري المراحل التي كان على النقابة الاجتياز عبرها كالمصالحة والوساطة والتحكيم، مثلما نص عليه قانون العمل، وفي حال فشل هذه الخطوات يكون الإضراب آخر حل، على حد قوله.
لكن النقابة، في اعتقاد نوري، لم تسلك طريق القانون واختصرت الخطوات في الدخول في إضراب مفتوح، "لهذا كان من حق الوزارة اللجوء إلى القضاء".
ويؤكد نواري، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن القرار الصادر من العدالة مبني على أحكام مستوحاة من نصوص قانون العمل، ما يلزم طرفي النزاع الامتثال إلى القرار.
غير أن الأساتذة المضربين، وفق نواري، أصرّوا على تمسكهم بمواصلة الإضراب، ما دفع وزارة التربية إلى تطبيق المرسوم 17ـ321 المتعلق بالعزل بسبب إهمال المنصب.
المصدر: أصوات مغاربية