"اللغة العربية ليست لغة العرب"، هذا ما خلص إليه الخبير المغربي والدولي في اللسانيات، عبد القادر الفاسي الفهري، في سياق فكرته القائمة على اعتبار أن اللغة العربية لم يطورها العرب.
الفهري يعتبر أن اللغة العربية "لم تكن يوما لغة قومية، بل إن الذين أبدعوا العربية هم المسلمون وليس العرب".
الفهري: ما يحدث تلويث للغة
لا يتوقف طرح الفهري، الذي فصله في ندوة حول السياسة اللغوية بالمغرب، نظمها الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، الجمعة، على هذا، بل زاد موضحا أن "هناك الكثير من مستعملي اللغة العربية يكتبون بها، لكنهم لا يساهمون إلا في تلويث اللغة بما يكتبون".
عوض اعتماد لغة الأم البلد، باشر المغرب سياسات لغوية متخبّطة وذلك منذ الإستعمار حيث حاول حينا فرنسة المجتمع باعتماد الفرنسية في التعليم فلم يفلح وعاد مرات للتعريب فلم ينجح بهاته السياسة خلق في المجتمع لغة ثالثة جانبية وهي اللغة المغربية: تمزج العربية، الفرنسية،الأمازيغية والدارجة. https://t.co/8JJEBBPUkg
— id brahim ايدابراهيم (@IdbrahimM) 22 février 2018
"أصبحنا في الغوغاء اللغوية والأيديولوجيات القاتلة التي تدعو للكراهية وتستعمل العنف"، يقول الباحث المغربي المتخصص أساسا في اللسانيات العربية المقارنة، مضيفا أن هناك "بيئة ملوثة لا يمكن أن يتعلم فيها الطفل اللغة العربية".
ويختم الفاسي الفهري مداخلته قائلا: "الكثير ممن يتكلمون بالعربية لا يعرفون ما هي طبيعة العربية وما هي طبقاتها".
اقرأ أيضا: هل انتصرت الدارجة على اللغة العربية في المغرب؟
هذا الطبقات يقصد بها المتحدث ذاته اللغة العربية "المعيارية الوطنية التي تتحكم فيها معايير المؤسسة الموضوعة لمعيرتها، وهي، عادة، اللغة الأكاديمية التعليمية"، ثم "النوعية العامية التي يتكلمها الذي لا يدخل للمدرسة"، بالإضافة إلى "النوعية الوسيطة التي هي بين الفصيحة والعامية".
عصيد: ليست لغة أم
في المقابل، يؤكد الكاتب والناشط الأمازيغي المغربي، أحمد عصيد، أن اللغة العربية هي لغة العرب قبل ظهور الإسلام، وقد "أبدع فيها العرب وغير العرب على المستوى النخبوي"، معتبرا أنها ليست لغة للتواصل اليومي، و"لم تكن أبدا لغة المجتمعات أو الشعوب".
"العربية بطبيعتها وعبر قرون ليست لغة أم، لأنه لا توجد أم تتحدث مع أولادها باللغة العربية، على عكس اللغة الأمازيغية".
ويقود عصيد طرح هذه النقطة في اتجاه مناقشة فكرة كون "اللغة العربية هي لغة القرآن، وهنا يوضح الباحث المغربي: "بعض المشتغلين في اللغة العربية لهم حديث عاطفي يخلو من العقلانية، هناك نقطة ضعف أساسية يتجاهلونها وهي ربط اللغة العربية بالدين، إذ أنه من بين خصائص اللغة الميتة استعمالها في الحقل الديني".
تبقى اللغه العربيه الفصحى الأجمل دائما..يستخدمها اخوتنا ف المغرب العربي ويخلطونها بكلامهم لذلك للهجتهم جمال من وجهة نظري👌🏻
— شغف (@1iCx6hj96K8infy) 20 février 2018
ويستطرد الناشط الأمازيغي، في تصريحه لـ"أصوات مغاربية"، قائلا: "اللغة العربية لا يمكن لها أن تعبر من المجال الرسمي إلى الحياة اليومية".
ويستدل عصيد على حكمه بكون الإصرار على ربط العربية بالدين "هو الذي سيقتل هذه ويجعلها تنقرض"، باللغة اللاتينية القديمة، موضحا أن اللاتينية كانت، في العصور الوسطى بأوروبا، لغة النخب وعلماء، قبل أن تصير لغة مرتبطة بالدين، ثم ماتت بعد بسبب ذلك.
وفي هذا الصدد، يتابع عصيد حديثه قائلا: "الذي طور اللغة العربية وجعلها لغة منفتحة هم العائلات المسيحية في لبنان وسوريا ومصر، لم يكونوا يقدسونها، بل أعطوها حيوية جديدة في القرن العشرين، لكن للأسف، بسبب الوهابيين تعود العربية إلى قوقعتها القديمة، وهذا هو الخطر الذي يهددها".
المصدر: أصوات مغاربية