أقدمت السلطات الولائية في وهران (غرب)، على غلق كنيستين بروتيستانتيتين، وهو الإجراء الذي قوبل بتحفظ شديد من طرف بعض المسحيين، وحتى من قبل بعض النشطاء الحقوقيين.
وبررت السلطات الولائية قرارها بـ"عدم حيازة الكنيستين لترخيص رسمي من أجل النشاط"، على خلاف ما يقوله أتباع الكنيسة البروتستانتية في الجزائر.
وتزامن هذا الحدث مع الشروع في محاكمة جزائري مسيحي من ولاية تيارت، بتهمة "توزيع منشورات دينية بطريقة غير قانونية"، ما أثار الجدل مجددا حول مساعي السلطات في الجزائر بخصوص التعامل مع الأقليات الدينية.
"قرار غير قانوني"
ووصف مساعد قسيس الكنيسة البروتستانتية في وهران (كمال. ب) قرار السلطات بـ"التعسفي"، وقال في تصريح لـ "أصوات مغاربية": تفاجأنا كمسحيين جزائريين من قرار والي وهران الذي أصدر تعليمة تقضي بغلق هاتين الكنيستين".
اقرأ أيضا: اتهامات للجزائر بالتضييق على المسيحيين.. إليك السبب
وأكد المتحدث على "توصل مسؤولي الكنيسة بعاصمة الغرب الجزائري بهذا القرار منذ أيام قليلة فقط، قبل أن تقوم مصالح الأمن بتشميع الكنيستين، ومنع استعمالهما للصلاة، أو لأي نشاط آخر".
واتهم (كمال. ب) أصحاب هذا القرار بـ"محاولة التضييق على نشاط المسيحيين، رغم أن الدستور في الجزائر يقر بحرية المعتقد"، مشيرا في السياق ذاته إلى "قضية الشباب نور الدين.ب (35 سنة) الذي يخضع هو الآخر للمحاكمة على مستوى ولاية تيارت، بعدما ضبطت مصالح الدرك الوطني بعض الكتب الدينية والأناجيل".
مساجد أُغلقت أيضا..
وبحسب مدير التوثيق والاتصال بالمجلس الإسلامي الأعلى، محمد بغداد، "فلا يمكن الحكم على ما أقدمت عليه السلطات الولائية بوهران على أساس أنه تضييق على الحريات الدينية في الجزائر".
وقال بغداد، في تصريح لـ "أصوات مغاربية"، إن "قرارات غلق دور العبادة في الجزائر لا تخص فقط الأماكن التابعة للمؤسسات الدينية المسيحية، بل تشمل أيضا أماكن تابعة للمسلمين".
وأشار المتحدث ذاته إلى وجود العديد من المساجد في ولايات مختلفة من الوطن تم غلقها في المدة الأخيرة، لأنها "لم تحترم الضوابط القانونية وبنيت دون ترخيص مسبق من طرف السلطات الرسمية والولائية".
ونفى مسؤول الاتصال بالمجلس الإسلامي الأعلى أن تكون هناك أي نية لاستهداف المسيحيين أو أي طائفة أخرى في الجزائر، بدليل المرسلة التي تلقتها وزارة الشؤون الدينية مؤخرا من طرف ممثلين عن الطائفة اليهودية في الخارج أكدت خلالها "تنازلها عن دور عبادتها في الجزائر لصالح السلطات، على خلفية عدم وجود أتباع لها في البلاد".
لكن الناشطة السياسية والقيادية في الحركة الديمقراطية الاجتماعية، مسعودة شبلة، تشكك في صحة الرواية التي قدمتها السلطات الولائية بوهران بخصوص قرار غلق هاتين الكنيستين.
وقالت، في تصريح لـ "أصوات مغاربية"، إن "هناكا تضييقا حقيقيا على الأقليات في الجزائر، السلطة تسعى دوما لتطويق وجودهم ومنعهم من أداء شعائرهم الدينية".
وتعقيبا على ما قاله أصحاب القرار بخصوص عدم وجود ترخيص مسبق ورسمي للقاعتين اللتين تم غلقهما أفادت مسعودة شبلة "عندما تقرر السلطة شيئا، فهي تقدم كل التبريرات من أجل تنفيذ خططها وسياساتها".
قانون الشعائر.. الغموض!
من جهته أبدى الناشط ومدير الإعلام الأسبق لوزارة الشؤون الدينية، عدة فلاحي تحفظه على هذا القرار، لكنه أشار إلى أنه "لا يمكن أن نضعه في خانة التضييق على المسيحيين في الجزائر".
ولم يستبعد المصدر ذاته أن "يكون أصحاب القرار قد رضخوا لتأثيرات وضغوطات مارستها أطراف محسوبة على التيار السلفي تعادي الأقليات الدينية".
وتحدث المصدر ذاته عن قانون ممارسة الشعائر الدينية في الجزائر، حيث وصفه بالقانون الذي "يسمح لكل الأقليات، مهما كانت ديانات منتسبيها، أن يؤدوا مناسكهم الدينية بكل حرية، وبدون أي تضييق".
وقال مدير الإعلام الأسبق بوزارة الشؤون الدينية "ربما المشكل يتعلق بسوء فهم بعض نصوص هذا القانون، خاصة بالنسبة لأعوان مصالح الأمن".
التشخيص نفسه يتبناه مدير التوثيق والاعلام للمجلس الإسلامي الأعلى، محمد بغداد، إذ أشار إلى "مجموعة من المشاكل التي تحول دون التطبيق الجيد والصحيح لقانون الشعائر الدينية في الجزائر، خاصة فيما يتعلق بموضوع الأقليات".
المصدر: أصوات مغاربية