يجري الحديث في الآونة الأخيرة في الجزائر، عن توتر في العلاقة بين رئيس الجمهورية والوزير الأول أحمد أويحيى.
وانتشرت على مواقع إعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي، أخبار تتحدث عن نية الرئيس بوتفليقة، إقالة أويحيى، بسبب "خلافات حادة" قد تكون حدثت بين الطرفين.
وقد أرغمت هذه التسريبات قياديين في حزب "التجمع الوطني الديمقراطي"، الذي يرأسه أويحيى، على الخروج بشكل رسمي لتكذيب تلك الأخبار ووصفها بـ"الشائعات".
غياب وتساؤلات..
لكن قبل ذلك، كانت العديد من الأوساط قد تساءلت عن خلفيات غياب الوزير الأول أحمد أويحيى عن سلسلة من الأحداث الرسمية، مثل ذكرى تأميم المحروقات التي أقيمت الاحتفالات الخاصة بها في ولاية وهران، وأيضا قضية التفاوض مع نقابات قطاع التربية الذي جرى مع جهة عليا في الدولة، بدلا من الوزارة الأولى، أو أي مسؤول آخر.
ولم تتوقف حكاية الوزير الأول مع محيط الرئيس بوتفليقة عند هذا الحد، بل كانت لها محطة أخرى مع القرار الذي اتخذه الرئيس بوتفليقة وألغى من خلاله اتفاق الحكومة المتعلق بمشروع خوصصة بعض المؤسسات العمومية.
في نفس الفترة أيضا وجه الوزير الأسبق، شكيب خليل، المحسوب على محيط الرئيس انتقادات كبيرة ومتتالية للوزير الأول، بسبب خياراته السياسية والاقتصادية لمواجهة الأزمة التي تشهدها الجزائر منذ 3 سنوات.
هل انتهى دور أويحيى؟
يؤكد الباحث الجامعي والمحلل السياسي، إسماعيل معراف، في تصريح لـ "أصوات مغاربية"، على أن "ما يفرق بين الوزير الأول أحمد أويحيى والرئيس بوتفليقة هو أكبر بكثير مما يجمع بينهما".
ويستدل المتحدث على موقفه بمجموعة من الشواهد من بينها أن "الجماعة السياسية التي ينتمي إليها الوزير الأول، لا تتحرك إلا بأوامر مباشرة من القائد السابق لجهاز المخابرات اللواء توفيق".
ويضيف معراف "أويحيى يدرك جيدا أنه غير مرغوب فيه عند المحيط الرئاسي، لكن مع ذلك فهو يفضل الاستمرار في مواصلة لعبته السياسية إلى آخر رمق، أو إلى غاية صدور قرار ينهي مهامه، وهو السيناريو المتوقع خلال الأيام المقبلة".
وفي تحليله لخلفيات هذا التنافر والصراع الذي يجمع بين الرجلين في المدة الأخيرة، أفاد المصدر ذاته "أن القصة قديمة وتعود لسنوات عديدة، لكن تم إحياؤها بسبب الاتفاق الذي أبرم بين الوزير الأول، أحمد أويحيى ومنتدى رجال الأعمال والاتحاد العام للعمال الجزائريين، بخصوص التنازل عن بعض المؤسسات العمومية لصالح بعض الخواص".
وبحسب إسماعيل معراف "فقد حاول أويحيى من خلال هذه الصفقة تأليب الرأي الوطني العام ضد الرئيس بوتفليقة، وبالتالي تجريده من قاعدة شعبية كبيرة في حال ما قرر الترشح للرئاسيات المقبلة".
هذا التشخيص يصفه القيادي في حزب التجمع الديمقراطي والبرلماني بابا علي محمد بـ"غير الحقيقي والعاري عن الصحة" ويضيف في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن بعض الأوساط السياسية في الجزائر "تحاول عبثا نفي العلاقة القوية الموجودة بين الرئيس والوزير الأول أحمد أويحيى".
وأكد بابا علي محمد، أن الوزير الأول هو "رجل الثقة الأول عند الرئيس بوتفليقة، وإلا ما كان ليستدعيه من أجل قيادة سفينة الجهاز التنفيذي في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد".
واعتبر المتحدث أن إلغاء بعض القرارات التي قد تتخذها الحكومة من قبل رئاسة الجمهورية هو "أمر جد طبيعي، ولا يمكن لأحد أن يستثمر فيه ويخترع على أساسه قصة وجود صراع بين الرئيس بوتفليقة ووزيره الأول".
20 عاما.. مع الرئيس
وكشف القيادي في التجمع الوطني الديمقراطي أن "أويحيى لم يتوقف خلال كل الاجتماعات الحزبية التي عقدت مؤخرا عن إصدار تعليمات شفوية تحث على ضرورة اتباع سياسة الرئيس واحترام برنامجه الانتخابي".
وأشار بابا علي محمد إلى أن النظام السياسي والدستوري في الجزائر يضع بين أيدي الرئيس بوتفليقة كل الصلاحيات التي تسمح له بإنهاء مهام الوزير الأول في أي لحظة يشاء، وقد فعلها في السابق مع عدد من المسؤولين، "لكن ليس مع أحمد أويحيى الذي تربطه به علاقة مهنية دامت عشرين عاما".
وتعقيبا على ذلك، يقول المحلل السياسي إسماعيل معراف إن الرئيس بوتفليقة يعرف جيدا ما يفعل، وهو "يطبق سياسة البقاء قريبا من شخص لا يثق به ويؤتمن جانبه، خاصة وأنه ظل قريبا منه لمدة 20 سنة، تمكن خلالها من الاطلاع على خبابا وأسرار منظومة حكم بوتفليقة".
ويؤكد المتحدث أن "تنحية الوزير الأول أضحت مسألة وقت فقط، وقد تنهى مهامه قبل موعد الرئاسيات المقبلة".
المصدر: أصوات مغاربية