قبل ما يقارب السنتين، تأسست في المغرب، هيئة حقوقية جمعوية اختير لها اسم "الجبهة الوطنية لمحاربة التطرف والإرهاب".
كثيرا ما تخرج الجبهة ببلاغات تعبر من خلالها عن مواقفها إزاء قضايا وأحداث مختلفة، فما الذي تقوم به فعليا من أجل محاربة التطرف والإرهاب؟ وما حقيقة كون مواقفها يطبعها الاصطفاف السياسي؟ وكيف ترى وضعية الحقوق والحريات في المغرب خلال السنوات الأخيرة؟
هذه الأسئلة وغيرها يجيب عنها، منسق الجبهة، مولاي أحمد الدريدي في هذا الحوار مع "أصوات مغاربية".
نص المقابلة:
كثيرا ما تصدر الجبهة بلاغات تعبر من خلالها عن مواقفها إزاء قضايا وأحداث مختلفة، بعيدا عن البلاغات، ما الذي تقوم به الجبهة فعليا لمحاربة التطرف والإرهاب؟
أولا نحن نقوم بعملية الترافع، فمن الأمور الأساسية بالنسبة لنا أن يشعر المشرع والسياسي المغربي وكذلك المنفذ للقوانين بخطورة بعض الأفعال التي تكون غالبا وراءها جهات سياسية معينة وأساسا الإسلام السياسي بدءا من حزب العدالة والتنمية وصولا إلى جماعة العدل والإحسان.
نحن ننبه إلى بعض السياسات التي تنطلق من خلفية أيديولوجية تغذي التطرف، ونخلق حركية في المجتمع ضد تلك السياسات، وبالتالي نضغط من أجل تغييرها وعدم اعتمادها.
هناك أيضا جانب إجرائي في نشاطنا، وهناك عدة أمثلة في هذا الإطار كما في حالة التلاميذ الذين وضع لهم سؤال فيه تحريض على الإرهاب، في هذه الحالات يكون لنا عمل فعلي من خلال توقيف الإجراء الذي يكون موضوع إشكال.
نشاطنا يمتد أيضا إلى بعض الملفات التي تكون أمام القضاء، كالأستاذ الذي تعرض لاعتداء بالأسيد من قبل متطرفين، غير أنه في مثل هذه الحالات لا يمكن أن ننشر ونكشف ما نقوم به احتراما لسرية التحقيقات.
عندما تأسست الجبهة اعتبر الكثيرون أنها جاءت لمواجهة حزب بعينه، ما مدى صحة ذلك؟
الجبهة لم تأت لمواجهة أي حزب ولم تؤسس على هذا الأساس، فنحن لسنا معنيين لا بالانتخابات ولا بالوصول إلى السلطة.
نحن مجموعة من الحقوقيين والفاعلين المدنيين التأمنا لمواجهة التطرف والإرهاب، ونحن نرى -وهذه قناعتنا في الجبهة- أن الإسلام السياسي هو واجهة من واجهات التطرف، ومغذي للإرهاب، ونعتبر بأن الإسلام السياسي في المغرب اليوم هو تغطية سياسية للتطرف والإرهاب.
هل تقصد هنا حزب العدالة والتنمية (البيجيدي)، ما دمت قد ذكرته سلفا أثناء الحديث عن الإسلام السياسي؟
أقصدهم كلهم، فليس بين القنافذ أملس كما يقولون، ولا يوجد إسلامي معتدل وإسلامي متطرف، كلهم مثل بعضهم البعض، خصوصا حين يتعلق الأمر بقضايا مرتبطة بالنساء أو بالتربية أو بالحقوق الفردية، كلهم يصبحون متشابهين.
هل ترى إذن أن هناك تراجعا على مستوى الحقوق والحريات بعد وصول البيجيدي إلى الحكومة؟
بطبيعة الحال، هناك تراجع وتراجع كبير، والدليل على ذلك هو قانون محاربة العنف ضد النساء، الذي رفضت الوزيرة أن تضمنه المفاهيم التي تؤمن بكونية حقوق الإنسان.
من جهة أخرى متى كان لدينا وزير لحقوق الإنسان يتوجه إلى جنيف ويقول نحن مع الخصوصية؟ ومتى كان لدينا وزير لحقوق الإنسان يقول عن المثليين إنهم وسخ؟
هذا دون الحديث عن تراجعات أخرى علاقة بالحق في التظاهر والتعبير وغيرها.
هل ما سبق يعني أنك ضد وصول أي إسلامي إلى السلطة؟
أولا أنا لست ضد الإسلام ولا المسيحية ولا اليهودية ولا اللائكية أو غيرها، ولكن ما أقوله أن المشروع السياسي لا يجب أن ينبني على مرجعية دينية كيفما كانت.
نعتبر أن العقيدة والدين حرية شخصية، ولكن حين يدخل الدين في السياسة تخرب السياسة ويخرب الدين كذلك، كما أن المشروع السياسي الذي يقوم على الدين، أي دين، يؤدي إلى التطرف.
هل تقصد إذن أن العلمانية هي الحل؟
بطبيعة الحال، العلمانية هي الحل.
أما عما يقال عن وجود إسلاميين معتدلين وإسلاميين غير معتدلين فهو أمر فُرض علينا من الخارج انطلاقا من تصور يقول إنه لا يمكن أن تكون ديمقراطية في العالم الإسلامي والعالم العربي إلا بإدماج الإسلام السياسي في اللعبة السياسية.
ولكن ألا ترى أن العلمانية تتعارض مع الدستور الذي يقول بأن الإسلام دين الدولة؟
صحيح أن الدستور يتضمن أن الإسلام دين الدولة، ولكن فيه أيضا أن الملك أمير المؤمنين، وقد صرح الملك في مدغشقر أنه أمير للمؤمنين الذين يؤمنون بالإسلام وغير الإسلام والذين لا يؤمنون بأي دين.
المصدر: أصوات مغاربية