قبل شهر، وبمناسبة الذكرى المخلدة للجزائريين الذين قضوا في حرب التحرير الجزائرية، بعث الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، رسالة إلى الشعب الجزائري، دافع فيها عن سياسته التي تقوم، كما يقول، على المصالحة الوطنية.
لكن بدا لافتا تركيز خطاب الرئيس الجزائري على الشباب، إذ توجه إليهم قائلا: "إن شابات وطننا المفدى وشبانه، الذين عبروا عن تماسكهم وتلاحمهم عبر التاريخ، لن يحول بينهم وبين ما أرادوه حائل مهما كان".
خطاب الرئيس، وعدد من الأحداث المتلاحقة في الساحة الجزائرية، تعيد إلى النقاش دور الشباب في البلاد، في ظل صعوبات تعترض وصولهم إلى مناصب السلطة، فضلا عن معاناتهم من مشاكل اقتصادية واجتماعية مختلفة.
مبارك: الشباب لا يكترث للسلطة
بالنسبة للباحث في الحقل الاجتماعي، نجاح مبارك، فإن الحديث عن دور الشباب في صناعة مستقبل الجزائر في هذه الظروف، يمكن أن يفسره الشباب أنفسهم على أنه استفزاز، بحكم صراعهم المرير مع السلطة، وهو صراع أفضى، وفق مبارك، إلى الإضرابات والهجرة غير الشرعية والتهميش والبطالة.
وفي حديث مع "أصوات مغاربية"، يوضح نجاح مبارك أن هناك إحساسا بالتهميش يعانيه الشباب، مضيفا: "الصورة التي صنعها الطلاب الباحثون عن فرص دراسة بفرنسا خير دليل".
"هناك شبه إصرار من طرف الشباب على عدم الاكتراث لما تقوله السلطة، ولسان حالهم يقول: هم لا يسمعون، ونحن كذلك"، يردف الباحث في المجال الاجتماعي.
ميزاري: الشباب من يقررون مصيرهم
في المقابل، تحمل الناشطة الجمعوية، حنان ميرازي، الشباب الجزائري مسؤولية ما يعانون من مشاكل اقتصادية واجتماعية، معتبرة أن الشباب ملزمون بضرورة إقحام أنفسهم في الحراك العام.
وفي حديث لـ"أصوات مغاربية"، توضح ميرازي أن للشباب مسؤولية في ما يحدث لهم، على أساس أنهم هم من يقررون مصيرهم.
وتُجري الفاعلة الجمعوية مقارنة بين الشباب التونسي والجزائري، متسائلة عن سبب نجاح بعض الشباب التونسي في فرض نفسه على السياسيين، وفق قولها، في حين "بقي شبابنا يشتكي صعوبة الوضع وهو مكتوف الأيدي".
الرأي ذاته يذهب إليه عبد المجيد سويسي، وهو شاب جزائري مقاول، إذ يؤكد في حديث لـ"أصوات مغاربية"، أنه كثيرا ما نصح أقرانه بضرورة العمل على فرض أنفسهم بجهدهم، لا بالاتكال على ما تجود به الحكومة.
ويضرب هذا الشاب الجزائري مثلا بشباب طلبوا قروضا من الأبناك، ولما رُفضت طلباتهم لعدم استيفائها الشروط، عادوا إلى المقاهي واستسلموا للواقع، على حد تعبيره.
ويروي عبد المجيد سويسي، البالغ من العمر 32 سنة، تجربته الشخصية قائلا: "قبل أن أفتح ورشتي، واجهت صعوبات كبيرة، لكنني لم أرضخ وواصلت الاجتهاد وبذل الغالي، حتى أصبحت اليوم أُمضي عقودا مع شركات عمومية للبناء، وقد فتحت بيتا وأعيل عائلة من طفلين".
طايلب: نحس أن أصحاب القرار يعاقبوننا
الطرح الذي يحمل كامل المسؤولية للشباب من أجل تجاوز مشاكلهم يرفضه الناطق باسم التنسيقية المستقلة للأطباء المقيمين الجزائريين، محمد طايلب، الذي يوضح أن هنالك تهميشا ومعاناة يقاسيهما الشباب الجزائري، رغم محاولاتهم إيجاد حلول لأوضاعهم ومشاكلهم.
طايلب الذي يستغرب الحديث عن الشباب "في ظل التهميش الذي يعانيه هؤلاء في بلادهم"، وفق قوله، يستدل على وجهة نظره بمشكل الأطباء الشباب بالجزائر، والذين يخوضون إضرابا عن العمل منذ ما يقارب ثلاثة شهور دون أن يتوصلوا إلى اتفاق مع الوزارة الوصية.
مطالب الأطباء المقيمين، كما يقول محمد طايلب، بقيت دون رد طوال هذه المدة، مرجعا السبب إلى ما يعتبره صمتا من السلطات تواجه به الأطباء الشباب المضربين.
"نحن كشباب نحس أن أصحاب القرار يعاقبوننا دون أي ذنب"، يقول طايلب، مضيفا: "على كلٍ، هذه بلادنا وليس لنا وطن غير الجزائر".
المصدر: أصوات مغاربية