كثيرة هي الجرائم الإرهابية التي نفذها متشددون من جنسيات أو أصول مغاربية، يقيمون بأوروبا أو ولدوا بها، كما أن أغلب الاعتداءات الدموية التي شهدتها دول أوروبية خلال الأعوام الماضية، نفذها شباب مغاربيون يحملون جنسية البلدان الأوروبية حيث يقيمون بها.
وتحولت نزوعات التطرف في صفوف الجيل الثالث من المهاجرين المغاربيين، إلى ظاهرة تحاول العديد من البلدان الأوروبية تفكيكها، بالتعاون مع نظيراتها في المنطقة المغاربية.
التمزق بين الهوية والدين
يرى الباحث في الجماعات الاسلامية، عبد الرحيم العلام أن التيارات الجهادية أصبحت تستقطب الشباب حديثي السن، الذين باتوا اليوم يشكلون الجيل الجديد من المقاتلين في صفوف داعش.
وكشف العلام في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن بعض الشباب المغاربي في أوروبا "يسهل استقطابهم من طرف داعش، ليس لأنهم اختاروا التطرف كمنهج فكري أو سلوكي، بل لمعاناتهم من اضطرابات في الشخصية".
ومن الخصائص التي تظهر على الشخص المعرض للتطرف، بحسب المحلل الاجتماعي، سرعة التأثر العاطفي بالغير، مما يجعل هذا الصنف من الشخصيات يتبنى أفكارا جدية بسرعة كبيرة، بل ومن الممكن أن ينتقل بنفس السرعة إلى مضمون فكري مناقض للأول.
العيش في الهامش
لطيفة ابن الزياتن، ناشطة مغربية في فرنسا، قُتل ابنها عماد قبل خمس سنوات على يد الإرهابي محمد مراح، منفذ اعتداءات تولوز بفرنسا، وهو من أصول جزائرية.
تعمل لطيفة اليوم في "جمعية لمحاربة التطرف"، تنشط في مجال محاربة التشدد وسط الشباب في ضواحي فرنسا، والترويج لقيم السلام.
تقول أم عماد ابن زياتن، إن أهم الأسباب التي تدفع الشباب الفرنسيين من أصول مغاربية نحو التطرف، هو عيش أغلبهم على هامش المجتمع في السجون والضواحي.
"عندما أسأل شباب الضواحي الفرنسية عن أحلامهم، يردون بأنهم لا يملكون أي حلم، لأن كل أمانيهم صعبة التحقق، وبالتالي لم تعد لديهم رغبة في الحلم" تحكي لطيفة لـ"أصوات مغاربية"، مردفة أن "هذا وضع خطير جدا، وهو الذي يدفعهم نحو التطرف"
أوروبا تتحمل المسؤولية
لطيفة بن زياتن تؤكد أيضا أن أوروبا "تتحمل المسؤولية في الدفع بالشباب المغاربي نحو الإرتماء في أحضان التطرف والتشدد"، مشددة على أن فرنسا مثلا "ارتكبت الكثير من الأخطاء، عندما عزلت المهاجرين في ضواحي المدن وهمشتهم ولم تساعدهم على الاندماج في المجتمع".
وقالت لطيفة،"مظاهر العنصرية تجاه الأشخاص من أصول مغاربية أو مسلمة، زادت الوضع سوءا، كما أن هذا الوضع خلق مشكلا هوياتيا لهذا الشباب، فهم لا يشعرون أنهم فرنسين، كما أنهم لا يشعرون بالانتماء لبلدانهم الأصلية، ما يجعلهم فريسة سهلة للجماعات المتطرفة".
انفصام ديني
يرى أستاذ التاريخ السياسي في الجامعة التونسية عبد اللطيف الحناشي، أنه رغم ما يتمتع به المهاجرون المغاربيون في أوروبا من وضع معيشي لائق في كثير من الأحيان، مقارنة بمواطنيهم المستقرين في بلدانهم الأصلية، فإنهم لا يترددون في الانتقال للقتال في بؤر التطرف.
و يعزو المحلل السياسي الظاهرة، إلى مشكل "نموذج التدين أساسا، إذ يعاني هؤلاء الشباب انفصاما دينيا، فهم لا يستطيعون الإيمان بدين بلدانهم الأصلية، ولا بدين البلدان حيث يقيمون".
المصدر: أصوات مغاربية