احتل المغرب المرتبة الأولى أفريقيا، من حيث أكثر البلدان جاذبية للاستثمار، وذلك حسب المؤشر الأفريقي للاستثمار، الذي أعدته مجموعة "كانتوم غلوبال" الدولية، فيما حلت الجزائر في المرتبة الثالثة بعد مصر.
وقد أثار هذه التصنيف الجديد النقاش مجددا حول الوضع الاقتصادي في الجزائر، خاصة حول الاستثمارات الأجنبية التي تبقى "متواضعة"، مقارنة بالعديد من البلدان في المنطقة الأفريقية، رغم تحسن وضعها الأمني، كما أشارت إلى ذلك هيئات دولية.
الوضع أسوأ..
يرفض المحلل الاقتصادي عمر هارون تصديق ما جاء في تقرير مجموعة "كانتوم غلوبال" ويقول في تصريح لـ "أصوات مغاربية"، إن "الوضع في الجزائر هو أكثر سلبية مما جاء في هذا التصنيف".
وأشار المتحدث إلى أن "تقارير أخرى من هيئات دولية تتمتع بالمصداقية مثل البنك الدولي أو الأفريقي أو العربي، تتحدث عن أرقام ومعطيات أخرى تؤكد جميعها استمرار نفور المستثمرين الأجانب من القدوم إلى الجزائر".
وبحسب المصدر ذاته فإن "الوضع السلبي للاستثمارات الأجنبية في الجزائر نتيجة عوامل عدة، في مقدمتها، تهاون البعثات الديبلوماسية في القيام بحملات ترويجية واسعة لصالح بلدها، خاصة في بعض المجالات التي تبقى خصبة ولا يعرف عنها الأجانب أي شيء مثل السياحة والخدمات".
وتحدث عمر هارون أيضا عن تجارب سلبية لبعض الاستثمارات الأجنبية في الجزائر، التي كان لها وقع سلبي على صورة وسمعة الجزائر في الخارج، مثل "تجربة رجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس، وشركته أوراسكوم، الذي اضطر في نهاية المطاف إلى التنازل عنها لصالح الدولة الجزائرية بعد نشاط دام لعدة سنوات".
عرقلة القوانين..
ويفيد المحلل الاقتصادي ذاته بأنه "من المشاكل العويصة التي تعرقل قدوم أصحاب رؤوس الأموال من الخارج نحو الجزائر هو التذبذب الكبير الذي تعرفه منظومة القوانين في الجزائر، وبعض التضييق الذي وضعه المشرع الجزائري بخصوص مجال الاستثمار".
وفي هذا الصدد، تحدث المحلل الاقتصادي عن القانون قاعدة 51-49، الذي تفرضه الدولة على كل من يرغب في الاستثمار فيها، حيث قال "إن هذا القانون لوحده ينفر كل الراغبين في المجيء إلى الجزائر، فلا يعقل أن نفرض على المستثمر شراكات مالية وهو في غنى عنها".
أما الخبير الاقتصادي كمال رزيق، فيشير إلى ان "تحسن الوضع الأمني في الجزائر خلال السنوات الأخيرة ساهم بشكل كبير في تغيير تلك الصورة النمطية التي كان يحملها بعض الأجانب عن الجزائر، وهو ما سمح بإبرام مجموعة من الشراكات والاتفاقات، لكن ذلك لا يكفي".
وضع سياسي مبهم..
وأفاد المتحدث في تصريح لـ "أصوات مغاربية"، أن أكبر مشكلة يواجهها الاقتصاد الجزائري، هي "غياب نظرة واضحة لدى كل الحكومات المتعاقبة بخصوص استقطاب المتعاملين الأجانب، وإدماجهم في السوق الوطنية عبر قاعدة رابح- رابح".
وتحدث كمال رزيق عن تضارب مواقف السياسات التي اتبعتها الحكومات والوزراء الذين تكفلوا بإدارة الملفات الاقتصادية في الجزائر، "فكل وزير يأتي يقوم بإلغاء القرارات والسياسات التي اتخذها سلفه".
وأكد المصدر ذاته أن رفض العديد من المستثمرين التوجه نحو الجزائر، مرده "هذه الوضعية التي تفقد هؤلاء الثقة في المناخ الاقتصادي في بلادنا".
وأردف رزيق هناك بعد آخر أيضا يؤثر على استقطاب الأجانب نحو الجزائر، يتمثل في الإرهاصات التي يحملها المشهد السياسي على خلفية "التضارب القائم حول العهدة الخامسة للرئيس بوتفليقة، فمعارضة شريحة واسعة لها، ومرض الرئيس.. كلها عوامل تدخل الريبة في نفوس المستثمرين الأجانب".
المصدر: أصوات مغاربية