تكبدت الجماعات المتشددة، التي تتحصّن بالمرتفعات الغربية لتونس، خسائر جديدة بعد نجاح الأجهزة الأمنية التونسية في قتل قيادي بجند الخلافة، التي تدين بالولاء لتنظيم داعش.
وهذا القيادي ليس الأوّل من نوعه الذي تستهدفه القوات التونسية، إذ سبق وأن تم القضاء على قيادات أخرى، ما يطرح تساؤلات بشأن قدرة هذه التنظيمات على إعادة تنظيم صفوفها.
شوقي الفقراوي .. إرهابي خطير
وقد أعلنت وزارة الداخلية التونسية، صباح الأحد، استهداف "إرهابي خطير"، في منطقة دوار الرقبة بمنطقة حاسي الفريد التابعة لمحافظة القصرين في الوسط الغربي للبلاد.
ونفذت الوحدة المختصة للحرس (الدرك)، العملية الأمنية في الليلة الفاصلة بين السبت والأحد، وذلك إثر نصب "كمائن " لمدة 72 ساعة وفقا لبلاغات الوزارة.
والقيادي بالكتيبة هو شوقي الفقراوي الصادر في شأنه 25 منشور تفتيش، وكان قد التحق بكتيبة عقبة بن نافع التابعة لـ"تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي"، قبل أن يلتحق بـ"جند الخلافة".
وشارك الفقراوي في جملة من القضايا ذات الطابع الإرهابي من بينها العملية الإرهابية بهنشير التلة في 2014، والاعتداء على منزل وزير الداخلية الأسبق، ومحاولة اغتيال عضو في المجلس التأسيسي في العام ذاته.
وحجزت السلطات، إثر هذه العملية، بندقية وذخيرة ومخازن أسلحة ومبلغا ماليا، إلى جانب إصابة متشددين آخرين لم تحدد الوزارة عددهم.
وتأتي هذه العملية بعد أقل من أسبوعين على القضاء على متشددين في محافظة مدنين بالجنوب الشرقي للبلاد.
وفجّر متشدد نفسه، وقتل آخر خلال عملية مطاردة من قبل قوات الأمن التونسية في 19 مارس الماضي.
وأحيت تونس قبل أيام ذكرى أحداث بنقردان، عندما هاجم متشددون في 7 مارس 2016 مقرات أمنية، قبل أن تنتهي العملية بقتل 53 من المتطرفين.
ضرب قيادات داعش
لا يعد القيادي بكتيبة جند الخلافة، المسؤول الأول بالجماعة المتشددة، الذي يتم استهدافه إذ سبق للسلطات أن قبضت في يناير الماضي على القيادي برهان البولعابي وهو أمير سرية جبل المغيلة، حيث تتمركز الكتيبة.
وفي نوفمبر 2016، قتلت وحدات تابعة للجيش التونسي، المتشدد طلال السعيدي القيادي بالكتيبة ذاتها، كما فككت الوزارة عشرات الخلايا النائمة التابعة للتنظيم.
وإلى جانب استهداف قيادات جند الخلافة، فإن الأجهزة الأمنية التونسية نجحت في قتل قيادات بارزة بـ"كتيبة عقبة بن نافع" التي تدين بالولاء لتنظيم "القاعدة في المغرب الإسلامي"، على غرار مراد الغرسلي ولقمان أبو صخر وأبو سفيان الصوفي.
يقول العميد المتقاعد بالجيش التونسي، حسين بزاينية، لـ"أصوات مغاربية، إن الكتيبة استفادت من هزائم التنظيم الأم بالشرق الأوسط (تنظيم داعش)، وذلك من خلال إمكانية تسلل مقاتلين لديهم خبرات قتالية بهدف الالتحاق بالكتيبة في المرتفعات التونسية.
من جانب آخر، يُرجع الباحث في الجماعات المتشددة، سامي براهم، استمرار الخطر الإرهابي إلى عدم تفعيل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب.
"الجهد الأمني والعسكري والقضائي فحسب، لا يمكنه إنهاء الظاهرة"، وفقا لبراهم، مشيرا إلى "وجود آلاف الشباب الذين لديهم قابلية للاستقطاب من الجماعات المتشددة، يجب حمايتهم من خلال تفعيل الاستراتيجية الوطنية".
ومن منظور الباحث ذاته، فإن خارطة الإرهاب في تونس أي المناطق الجغرافية التي يتحدر منها المقاتلون في بؤر التوتر أو الموقوفين على ذمة قضايا إرهابية، مماثلة لخريطة التهميش والفقر داعيا إلى تنمية المناطق الحدودية، حيث تتقاطع مصالح الإرهاب والتهريب.
تمكنت مصالح الشرطة الفنية من خلال منظومة الاستغلال الفني للبصمات من تحديد هوية الإرهابي الذي تم القضاء عليه الليلة الماضة بمنطقة دوار الرقبة بالقصرين حيث تبيّن أنه يُدعى " شوقي الفقراوي " صادر في شأنه 25 منشور تفتيش... https://t.co/VMhcT4xvXK
— radiotataouine (@radiotataouine) 1 avril 2018
سر النجاحات الأخيرة
تواترت في الأشهر الأخيرة العمليات الأمنية التي انتهت بالقبض على متشددين أو قتلهم، الأمر الذي فسّره خبراء بتعزيز التنسيق الاستخباراتي مع الجزائر، من جهة، والحاجة إلى تأمين محطات قريبة على غاية الأهمية على غرار الانتخابات والموسم السياحي، من جهة أخرى.
الخبير الأمني علية العلاني، يقول في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إن القوات الأمنية "ضبطت عددا كبيرا من الأفراد المنتمين لخلايا نائمة، كان يمكن للتنظيمات المتشددة أن تستثمرها في عمليات إرهابية".
ويرى العلاني أن اقتراب الموسم السياحي وعودة شركات عالمية كبرى في هذا القطاع إلى تونس، "يحتّم على السلطات فرض المزيد من الرقابة لحماية السيّاح الأجانب والتونسيين".
كما يفرض اقتراب موعد الانتخابات البلدية (6 ماي)، وفقا للمصدر، ذاته على الأجهزة الأمنية والعسكرية "القيام بعمليات استباقية لشلّ عمليات من شأنها استهداف هذه المواعيد لإحداث ضرر كبير بالبلاد".
وفي السيّاق ذاته، اعتبر الناطق الرسمي السابق باسم وزارة الدفاع، مختار بن نصر، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن العمليات الأخيرة "تؤشر على اليقظة الكبيرة للأجهزة العسكرية والأمنية".
ويعود نجاح السلطات، وفقا لبن نصر، إلى "التنسيق التونسي الجزائري الكبير على مستوى الاستخبارات، خاصة في ظل نجاح الجزائر في القضاء على عناصر متطرفة في الفترة الأخيرة".
كما منحت الاعتقالات الأخيرة لعناصر متشددة السلطات التونسية، يقول بن نصر، "كمّاً كبيرا من المعلومات الاستخباراتية التي تستثمر في التحرّي والتقصي بهدف الوصول إلى أماكن تحصّن هذه التنظيمات، فضلا عن الاستفادة من التجهيزات الجديدة التي تم اقتنائها للرفع من الجاهزية والقدرات العملياتية للقوات المسلحة التونسية".
ومنذ 2015، تعيش تونس في ظل قانون الطوارئ، الذي تمنح سلطات استثنائية لقوات الأمن، وقد أقرّ الرئيس التونسي في مارس الماضي، تمديدها لمدة سبعة أشهر إضافية.
المصدر: أصوات مغاربية