وضعت الحكومة الجزائرية مخططا جديدا من أجل مواجهة الغليان التي تعرفه الجبهة الاجتماعية، إذ تنوي تخصيص ما قيمته 75 مليار دولار كميزانية خاصة بالدولة في قانون المالية لسنة 2019، سيوجه جزء كبير منها للتحولات الاجتماعية.
مقابل ذلك، قرر التكتل النقابي الذي يضم العديد من الفعاليات المهنية في الجزائر العودة للغة الإضراب مجددا، ابتداء من يوم الأربعاء القادم، على خلفية ما يسميه بـ"الضغوطات الممارسة على العمل النقابي في الجزائر"، وأيضا "غلق الحكومة لأبواب الحوار".
مرابط: جمود الحكومة هو السبب
يؤكد ممثل التكتل النقابي المتكون من نقابات مستقلة بالجزائر، إلياس مرابط، أن الإضراب المنتظر يوم الأربعاء القادم سيكون تمهيدا لسلسلة من الحركات الاحتجاجية التي قرر التكتل الشروع فيها.
هذا الموقف يأتي "على خلفية الموقف الجامد للحكومة حيال جميع المطالب التي رفعت إليها في وقت سابق"، وفق تأكيد مرابط.
ويفيد الممثل النقابي الجزائري، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، بأن "السلطة ألفت دوما تطبيق سياسة الهروب إلى الأمام، من خلال فرض أوامر ومخططات على الجميع، دون الرجوع إلى تطلعات القاعدة الكبيرة من العمال وما يعانونه من ظروف معيشية صعبة".
"القدرة الشرائية لأغلب الجزائريين تراجعت بشكل كبير في السنتين الأخيرتين، بسبب القرارات التي اتخذتها الحكومة، بالنظر إلى أزمة النفط، وكانت نتائج ذلك وخيمة على الجبهة الاجتماعية"، يستطرد المتحدث نفسه.
ويواصل إلياس مرابط انتقاده اللاذع للحكومة قائلا إنها "عوض أن تفتح أبواب الحوار وتنصت لممثلي العمال، أقبلت على خطوات معاكسة وغير منتظرة، حيث قامت بالتضييق أكثر على النقابيين، وهو الأمر الذي يعد سابقة في التاريخ النقابي في الجزائر ولا يبشر بالخير".
ويشير إلياس مرابط إلى أن عامل آخر فجر الاحتجاج وهو حالة "النقابيين الذين تم فصلهم من عملهم بسبب نشاطهم النقابي، ورفضت السلطات إعادة إدماجهم في مناصبهم، خاصة بقطاع البريد والمواصلات".
روينة: هذه القوانين تُخيفنا
من جهة أخرى، يثير النقابي بقطاع التربية، زوبير روينة، موضوع القوانين الجديدة التي تنوي الحكومة طرحها على المجلس الشعبي الوطني من أجل المصادقة عليها، مثل قانون الصحة، معتبرا أن هذه القوانين الجديدة هي إحدى عوامل الاحتقان النقابي.
ويضيف روينة، في تصريح لـ"أصوات مغاربية": "لقد اطلعنا على مضامين ما جاء في هذه القوانين، ووصلنا إلى حقيقة تفيد بأن الحكومة في الجزائر تسعى إلى وأد العديد من التنظيمات النقابية، كمحاولة منها لإسكات أصوات المحتجين على سياساتها وخططها".
ويوضح النقابي زوبير روينة أن "الجبهة الاجتماعية في الجزائر سوف لن تعرف أي استقرار في حالة رفضت السلطات الجلوس إلى مختلف التنظيمات النقابية التي تريد الدفاع عن مقدرات الشعب الجزائري".
"الحكومة قررت غلق باب الحوار مع مختلف النقابات، وراحت تسير مختلف الملفات التي تبقى عالقة بمنطق واحد فقط، وهو الأمر الذي نرفضه"، يستطرد المسؤول النقابي ذاته.
ينون: ما يحدث توظيف سياسي
في المقابل، يرفض رئيس حزب الجبهة الجزائرية للتنمية والحرية والعدالة، الطيب ينون، التصعيد النقابي الأخير، قائلا: "أتفهم كل المطالب والحقوق التي يطالب بها النقابيون في الجزائر، فهي مشروعة، لكن الإصرار على طرحها بهذه الطريقة في الظرف الحالي ينم عن خلفيات غير بريئة".
ويفيد ينون، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، بأنه "كان ينبغي على التكتل النقابي النظر إلى المصلحة العليا للدولة الجزائرية في هذه المرحلة الحساسة، والتريث قليلا قبل اتخاذ أي قرار بالاضطرابات أو الاحتجاجات".
ويتهم رئيس الحزب المعروف اختصارا باسم حزب "فضل"، النقابات بـ"محاولة الركوب على الأحداث السياسية في الجزائر، والضغط على الحكومة اعتمادا على الاضطرابات التي تشهدها الجبهة الاجتماعية".
ولم يتردد ينون في الربط بين هذا الحراك الاجتماعي والانتخابات الرئاسية المقبلة، إذ قال إن "مواقف بعض النقابيين تعكس مواقف سياسية تصب في حسابات الانتخابات الرئاسية المقبلة"، قبل أن يستطرد: "لا أتهم كل النقابيين، ولكن أعني بكلامي نقابيين لهم خلفية سياسية واضحة".
بعد انضمام الأخصائيين وطلاب الطب#الجزائرhttps://t.co/N4dn8Dzjvf
— Radio Sawa (@radiosawa) 27 mars 2018
ومن جهة أخرى، يشير رئيس حزب "فضل" إلى "أخطاء ارتكبتها الحكومة في التعامل مع الحراك الاجتماعي"، خاصة ما تعلق بـ"غلق باب الحوار ورفض محاورة العديد من النقابات الفاعلة".
بن نوار: هذا هو الحل
انطلاقا من هذه الأخطاء المفترضة التي يشير إليها الطيب ينون، يقول الوزير الأسبق والقيادي في حزب جبهة التحرير الوطني، نورالدين بن نوار، إنه "لا حل الآن للوضعية الحالية سوى بتشكيل حكومة ذات طابع سياسي وليس تكنوقراطي".
بن نوار يبرر موقفه بأن "الجهاز التنفيذي الحالي ارتهن أكثر إلى النصوص القانونية والتعليمات الإدارية في تعامله مع الغليان الذي تعرفه الجبهة الاجتماعية".
كما يحذر المتحدث ذاته من "الاعتماد فقط على الزيادات المدرجة في جدول ميزانيات القطاعات الاجتماعية في قانون المالية لسنة 2019، دون مراجعة واقعية للقدرة الشرائية للمواطنين في الجزائر".
المصدر: أصوات مغاربية