أثار التعديل الحكومي الجزئي الذي أجراه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، تساؤلات عديدة في الساحة الجزائرية، خاصة وأنه مس 4 وزرات فقط.
في حين ما زالت الجبهة الاجتماعية تعيش على إيقاع "غليان كبير"، تجسده سلسلة الإضرابات والحركات الاحتجاجية التي تعرفها الجزائر منذ عدة أشهر.
ولم تتوقف الساحة السياسية والإعلامية في الجزائر خلال الأيام الماضية عن الحديث عن تغييرات جذرية على الحكومة الحالية.
وعلى عكس ما كان منتظرا، احتفظ الرئيس الجزائري، بأغلب أعضاء الطاقم الحكومي الذي يقوده الوزير الأول أحمد أويحيى، منذ تنحية سلفه عبد المجيد تبون، شهر أغسطس المنصرم.
اقرأ أيضا: جزائريون يعلنون 'حكومة افتراضية'.. وهؤلاء وزراؤها!
رسائل السلطة..
يعتقد القيادي في حزب الكرامة وناطقه الرسمي، محمد الداوي، أن التعديل الأخير الذي أجراه الرئيس بوتفليقة على الحكومة، يحمل رسالة واضحة للطبقة السياسية، ولقادة مختلف التنظيمات النقابية في الجزائر.
ويقول الداوي إن السلطة "تريد أن تؤكد لكافة الشعب الجزائري أنها غير مستعدة لتقديم تنازلات جديدة للشركاء الاجتماعيين، الذين يقفون خلف الاحتجاجات التي تعرفها عديد القطاعات".
وبرأي المتحدث، فإن طريقة التعديل التي تم الكشف عنها، توحي بشكل مباشر بأن كبار المسؤولين في الدولة، راضون عن أداء العديد من الوزراء في تسيير المشاكل المطروحة على مستوى قطاعاتهم، خاصة ما تعلق بالاحتجاجات، والمطالب التي ترفعها بعض التنظيمات النقابية.
وعن خلفية الإبقاء على أحمد أويحيى وزيرا أول، يكشف المصدر ذاته، أن "عامل استقرار مؤسسات الدولة هو الذي على السلطات في الجزائر عدم التفكير في بديل آخر، خاصة مع التجربة التي راكمها هذا المسؤول في إدارة أكبر الملفات الحساسة".
الصراعات.. والتعديل
عكس هذه الرؤية، يفيد رئيس حزب جيل جديد، جيلالي سفيان، أن "السلطة في الجزائر وجدت نفسها محاصرة بمجموعة من المشاكل التي ترسم المشهد الاجتماعي، والاقتصادي، ولم تتمكن من إيجاد حلول مناسبة للوضع".
ويقول المتحدث في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إن التعديل الحكومي الذي أجراه الرئيس بوتفليقة ولم يشمل سوى أربع وزارات "يؤشر على وجود حالة انسداد حقيقية في البلاد، سببها الرئيسي عدم انسجام رؤى ومواقف التيارات المتنافسة على القرار السياسي في الجزائر".
ويشرح جيلالي سفيان فكرته بالقول "غياب الرئيس بوتفليقة جعل المشهد السياسي في الجزائر ينقسم بين 3 مراكز أساسية، هي الرئاسة ممثلة في شقيقه السعيد بوتفليقة، ومؤسسة الجيش بقيادة الفريق قايد صالح، وفريق ثالث يقوده بعض رجال الأعمال".
وبحسب ذات المصدر، فإن "الأطراف الثلاثة لم تتوصل إلى اتفاق حقيقي في خليفة أحمد أويحيى، وهو ما أدى إلى حدوث هذا التعديل الجزئي الشكلي الذي لم يكن منتظرا، خاصة بالنسبة للمواطنين".
وزراء.. ليس من نفس الوزن!
وتساءل رئيس حزب جيل جديد، عن خلفيات إجراء تعديل حكومي على وزارات بعينها، دون أن "تطال العملية بعض القطاعات التي تعرف غليانا حقيقيا مثل وزارة التربية، الصحة، وأيضا وزارة العمل وصراعها المستمر مع النقابات".
وبحسب جيلالي سفيان فإن الوزراء "ليسوا سواء، فمنهم من يعاقب بكل سهولة، ومنهم من يتلقى الدعم من أطراف قوية في السلطة، حتى ظل قطاعه معطلا لعدة أشهر، مثلما هو الأمر مع وزارتي الصحة والتربية".
هذا التشخيص ينفيه القيادي في حزب الكرامة، محمد الداوي، بشكل كلي، ويشير إلى أنه "من الخطأ تحميل بعض الوزراء عبئ بعض التجاوزات التي يقوم بها نقابيون، رفضوا احترام قوانين الجمهورية، وحوّلوا الإضراب إلى قاعدة لنشاطهم، لا حق يلجأ إليه في حالات استثنائية".
وأبدى المتحدث مساندته لقرار عزل وزير الشبيبة والرياضية، الهادي ولد علي، "بالنظر إلى فشله في تسيير قطاعه، وأيضا بسبب النتائج الكارثية التي سجلتها الجزائر في عهده، دون الحديث عن صراعاته المستمرة مع بعض الرابطات والاتحاديات الرياضية الأخرى".
لكن في المقابل، تحفظ المصدر ذاته، عن قرار تنحية وزير السياحة، واعتبره تأسيسا للفكرة التي تقول إن "وزارة السياحة تحولت إلى شبه واجهة إدارية يعين فيها المسؤولون المغضوب عليهم، وهذا ما قد يؤثر على القطاع مستقبلا".
المصدر: أصوات مغاربية