"الإسلام ديننا، والعربية لغتنا، والجزائر وطننا"، شعار جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، منذ تأسيسها سنة 1931، على يد المفكر الجزائري عبد الحميد ابن باديس ورفاقه.
وما زال الشعار ذاته، رمزا للجمعية حتى الساعة، يزيّن مداخل مكاتبها الـ 48 عبر التراب الجزائري، بما فيها المكاتب الواقعة بالمناطق المعروفة بانتصارها للأمازيغية وإعادة إحيائها كأحد ركائز الهوية الجزائرية.
بعد اعتماد الأمازيغية لغة وطنية ورسمية في الدستور بموجب قرار الرئيس بوتفليقة، بدأ الحديث داخل الجمعية نفسها عن ضرورة تكييف الشعار ليشمل البعد الأمازيغي.
وخلال اجتماع المجلس الوطني للجمعية شهر يناير الماضي، دعا رئيس شعبة تيزي وزو، شرقي الجزائر، إلى "إعادة النظر في صيغة الشعار بما يحفظ الوحدة الوطنية، ويحقق بعدا أساسيا من أبعاد الشخصية الجزائرية".
وكان رد رئيس الجمعية عبد الرزاق قسوم على انشغال مكتب تيزي وزو (منطقة القبائل)، أن "الشعار من تراث الجمعية ولا يمكننا المساس به"، قبل أن يؤكد اعترافه بالأمازيغية كمكون أساس للهوية الوطنية، محيلا القضية على الجمعية العامة للهيئة التي يقوم عليها، قصد النظر في المسألة.
وإلى حين الفصل في قضية تغيير شعار الجمعية، "الذي تجاوزه الزمن" على حد وصف الناشط الأمازيغي علاّل سي إبراهيم، يتمسك نشطاء أمازيغ بمطلب احترام الهوية الأصلية للجزائريين، خاصة وأن جمعية العلماء تسعى بحسب عضو مكتبها بولاية سكيكدة، العلمي سليمان "للمّ شمل جميع الجزائريين تحت سقف واحد".
وفي حديث لــ "أصوات مغاربية"، أكد عضو جمعية العلماء المسلمين بمكتب سكيكدة شرق الجزائر، أن الجمعية التي ينتمي إليها، لم تقص أي مكون للشخصية الجزائرية "لأن الإسلام أصلا لا يميز بين الأمم على أساس ألسنتها".
ويتابع ذات المتحدث "لم يكن الغرض حين تم تأسيس الجمعية وصياغة الشعار، إقصاء أي كان، بقدر ما كان ردا على الاستعمار الفرنسي، الذي حاول جهده طمس الشخصية الجزائرية ودين الشعب".
اقرأ أيضا: لماذا لم تؤيد جمعية العلماء المسلمين الثورة الجزائرية؟
لكن جزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي، عابوا على البشير الإبراهيمي، وهو الرفيق المقرب لابن باديس، مؤسس الجمعية، "إهانته للأمازيغية، في أحد مقالاته، واعتبارها مجرد لهجة، لا ترتقي لتكون لغة".
وكتب البشير الإبراهيمي في مقال له نشر على جريدة البصائر، لسان حال الجمعية، في 28 يونيو 1948، ما مفاده أن "اللغة العربية في الجزائر "عقيلة حرّة ليس لها ضرّة"
في السياق، يتساءل الناشط الأمازيغي علاّل سي إبراهيم، عن سر انتصار الجمعية للغة العربية، مؤكدا أنها لغة كباقي اللغات، وأن الأمازيغية لغة قائمة بذاتها، ولا بد من إعادة الاعتبار لها "احتراما للتاريخ وإنصافا لشعوب شمال أفريقيا".
كما يبرز سي إبراهيم دخول الجمعية في صراع مع الفرنسية، مع أن ذلك لا يخدم التنوع، على حد وصفه.
"تصر الجمعية على كتابة الأمازيغية بالحرف العربي، وتعتبر غير ذلك استعمارا جديدا، لماذا؟" يتساءل المتحدث.
بالمقابل يرى عضو الجمعية، العلمي سليمان، أن من ينتقد دور الجمعية في إحياء الشخصية الجزائرية، "لا يعرف حقيقة الدور الذي اضطلعت به أيام الاحتلال الفرنسي، ولا الغرض وراء تأسيسها".
ويؤكد في هذا الصدد أن أعضاء كُثر، في جمعية العلماء المسلمين، من أصول أمازيغية ويتحدثون بها في عائلاتهم مثل، الرئيس الشرفي للجمعية، محمد الطاهر آيت علجت، ومفتي الجزائر الراحل أحمد حماني، وكذا العضو المؤسس لها رفقة ابن باديس، الشيخ إبراهيم بيوض.
من جانبها، ترى الناشطة حياة عبّة أن الحديث عن شعار جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، من منطلق تاريخي "لا يجدي اليوم"، على اعتبار أن الجزائر الآن حرة مستقلة، وبإمكانها اتخاذ قرارات سيادية دون اعتبار لفرنسا أو لأي كان.
وفي حديث لـ"أصوات مغاربية"، دعت آيت عبة القائمين على جمعية العلماء، إلى "النزول عند رغبة أعضائها الذين طالبوا بإدراج الأمازيغية في شعارها، لأن ذلك سيمنحها شرعية أكبر، ويجعلها تقوم على ركائز صلبة".
كما نوهت المتحدثة بضرورة تكييف مواقف الجمعية مع متطلبات الوقت الراهن، لأن "إبقاء الشعار كما هو، تعدٍ على الهوية الجزائرية"، وفقها.
وختمت الناشطة حديثها بالقول "إذا أصرت جمعية العلماء المسلمين على شعارها الحالي، فإنها بصدد تضييع فرصة تاريخية للتكفير عن موقفها من ثورة الفاتح نوفمبر".
المصدر: أصوات مغاربية