في الوقت الذي تشيد الحكومة المغربية، بقانون محاربة العنف ضد المرأة، الذي صدر منتصف شهر فبراير الماضي، تعتبر منظمات حقوقية أن القانون الذي خرج بعد مخاض عسير استمر أزيد من عشر سنوات، "لم يأت بجديد".
ويمضي المدافعون عن حقوق المرأة إلى أكثر من ذلك، بالقول إن القانون يتضمن "تراجعات"، كما أكد متدخلون خلال لقاء نظمه الجمعة، "تحالف ربيع الكرامة".
اقرأ أيضا: وزيرة الأسرة المغربية: العنف ضد المرأة 'شماتة' ونذالة
العمراني: "لم يتمكن من تعزيز الجانب الحمائي"
المتحدثة باسم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بشرى العمراني، قالت إن القانون "لم يتمكن من تعزيز الجانب الحمائي والوقائي للنساء ضحايا العنف"، إلى جانب أنه، موضحة أنه "أغفل التنصيص، ضمن مقتضياته على أن العنف القائم على أساس الجنس شكل من أشكال التمييز".
ولفتت العمراني إلى أن المجلس "نبه المشرع إلى ضرورة التنصيص بشكل دقيق على اعتبار أفعال العنف العمدي ضد النساء والفتيات، بما فيها المرتكبة من طرف الأزواج جريمة"، خصوصا الأفعال التي لا يجرمها التشريع الجنائي الحالي أو لا يحددها بوضوح.
وأوردت المتحدثة في هذا الإطار، مجموعة من المقترحات والملاحظات، من بينها، إعادة تعريف الاغتصاب، مبرزة عددا من الحالات التي يجب تشديد العقوبة بشأنها، بما في ذلك حالة الاغتصاب الزوجي.
وفي علاقة بآليات التكفل، أكدت العمراني أن القانون المذكور "لم يأت بجديد"، مشيرة أيضا إلى أنه "لم يأخذ بعين الاعتبار التوصية التي قدمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بضرورة مشاركة الجمعيات النسائية في هذه الخلايا".
اقرأ أيضا: منظمة: قانون محاربة العنف ضد النساء بالمغرب فيه ثغرات
الراجي: "كما لو أنه أُخرج لجمع المال"
المحامي وعضو "تحالف ربيع الكرامة"، الحسين الراجي، من جانبه، اعتبر أن "النسخة الأخيرة" من قانون محاربة العنف ضد المرأة، التي تمت المصادقة عليها، "تتضمن تراجعات مقارنة بالنسخ السابقة".
وانتقد المتحدث القانون المذكور، شكلا ومضمونا، إذ شبهه على مستوى الشكل بـ"البناء العشوائي" بسبب الطريقة التي صيغت بها مواده، وطريقة توزيعها بين الأبواب، في حين اعتبره أشبه بـ"قانون السير" على مستوى المضمون، بسبب ما يتضمنه من عقوبات مالية (الغرامات)، "كما لو أن هذا القانون أخرج لتحصيل الأموال" يقول الراجي.
في السياق ذاته، اعتبر الراجي هذا القانون بمثابة "تحايل تشريعي"، مبرزا أن "القائمين على هذا النص لا يهمهم العنف ضد النساء في شيء ،بقدر ما يهمهم تعديل مقتضيات في القانون الجنائي والمسطرة الجنائية"، لافتا إلى أن معظم مضامينه عبارة عن تعديلات للقانون الجنائي والمسطرة الجنائية والتي خرجت "خلسة" وفق تعبيره.
وانتقد المتحدث بشدة المادة السابعة من القانون، التي أكد أنها "تقصي المجتمع المدني"، وذلك بتنصيصها على عدم إمكانية تنصب الجمعيات طرفا في القضايا إلا بعد حصولها على إذن كتابي من الضحايا، الأمر الذي يطرح عددا الإشكالات، حسب المتحدث الذي شدد على ضرورة إلغاء تلك المادة.
المو: "سجل تراجعات خطيرة"
المحامي والخبير في المجال الحقوقي، محمد المو، أكد أن القانون الجديد "لا يجيب عن الإشكالات التي تطرحها ظاهرة العنف ضد النساء".
ومن بين تلك الإشكالات، التي يشير إليها المو، ما يتعلق بوسائل الإثبات، ذلك أن العنف، الزوجي والأسري خصوصا، يتم في أماكن مغلقة، حسب المتحدث الذي لفت أيضا إلى أن هذا القانون "لم يعالج إشكالية امتناع الشهود" الذين قد يساهمون في الإثبات.
وبدوره سجل المو، ما وصفها بـ"التراجعات الخطيرة" على مستوى هذا القانون، مبرزا أنه قد تم "استغلاله" من أجل تعديل نصوص تهم قضايا ما تزال موضوع نقاش، من قبيل قضية الإجهاض.
وفي هذا السياق، يشير المتحدث إلى ما يتضمنه القانون بخصوص إلزام الطبيب أو المولدة، بالتبليغ عن حالات النساء اللائي يرغبن في وقف حملهن، إلى جانب إلزامهم بتقديم شهادتهم، الأمر الذي يرى فيه المتحدث "شرعنة للوصاية على المرأة" التي ترغب في وقف حملها.
وعلاقة بالنصوص التي تتطرق إلى تدابير الحماية، أبدى المو استغرابا شديدا مما تتضمنه، إذ استبعد أن تحقق غاية الزجر والردع، لكونها عبارة عن "وعظ وإرشاد" على حد تعبيره.
اقرأ أيضا: 2.3 مليون مغربية يعنفن في الشارع.. من يحمي النساء؟
المصدر: أصوات مغاربية