أعلنت وزارة الداخلية التونسية، خلال الأسبوع الجاري، أن الشرطة التونسية فككت شبكة مختصة في الاتجار بالآثار، كما ألقت القبض على ثلاثة من عناصرها.
وقالت وزارة الداخلية إنها أوقفت المتهمين وهم بصدد عرض كتب أثرية كتبت باللغة العبرية بمحافظة سوسة.
وتعد هذه العملية واحدة ضمن سلسلة طويلة من الإيقافات التي أعلنت عنها وزارة الداخلية في الأشهر الأخيرة، وتتعلق بعمليات إحباط متاجرة بالآثار أو التنقيب عنها.
ووفقا لبلاغات الوزارة، فقد فاق عدد الأشخاص الذي تم إيقافهم في قضايا تتعلّق بالتنقيب عن الآثار، في الفترة الأخيرة، 30 شخصا.
وتم إيقاف المشتبه بهم في عدد من محافظات البلاد، على غرار جندوبة وسيدي بوزيد وسوسة وصفاقس وغيرها.
كما وصل عدد الأفراد الذي تم ضبطهم بصدد المتاجرة في قطع أثرية، إلى 29 شخصا في مناطق مختلفة من البلاد.
وحجزت السلطات عددا من القطع الأثرية عالية القيمة، كما ضبطت معدات تستعمل في التنقيب على الآثار.
قانون ولكن!
يفرض القانون التونسي عقوبات سجنية ومالية، قد تصل إلى السجن لمدة خمس سنوات، وأداء غرامة ثقيلة، وتطال كل من "يقوم بالتنقيب أو الحفر أو غير ذلك من أعمال البحث، بهدف التفتيش عن الآثار المنقولة أو الثابتة، سواء بملكه أو بملك غيره، دون الحصول على ترخيص مسبق من الوزير المكلف بالتراث".
ورغم وجود هذه العقوبات فإن الخبير بمعهد التراث الوطني، ياسر جراد، سبق أن أكد، في تصريح سابق لـ"أصوات مغاربية"، أن تجارة الآثار أصبحت ظاهرة متفشية على نطاق واسع في السنوات الأخيرة، بدليل حجز قوات الشرطة العديد من القطع الأثرية عالية القيمة.
ويُفسّر الباحث في علوم الاجتماع، أحمد الأبيض، ارتفاع عمليات التنقيب عن الآثار والمتاجرة فيها، بتفشي "عقلية الرّبح السريع بين الشباب".
"ظواهر على غرار تجارة الآثار والهجرة السرّية والتجارة في المخدّرات وألعاب الرّهان الرياضي وغيرها، تعرف إقبالا منقطع النظير"، يقول الأبيض.
كما يشير الباحث الاجتماعي ذاته، في حديثه مع "أصوات مغاربية، إلى أن البرامج التعليمية المعتمدة في المناهج الدراسية لا تولي الاهتمام الكبير للجانب التاريخي للبلاد، ولا ترسّخ لثقافة تثمين الآثار التي خلفتّها الحضارات المتعاقبة على تونس.
"تشتّت المجهودات الأمنية، بين محاربة الإرهاب والجريمة وغيرها من التحرّكات، فسح المجال لعصابات البحث عن الآثار"، يقول الأبيض، مرجحا إمكانية وجود شبكات دولية تعمل على تهريب القطع الأثرية إلى خارج تونس، لبيعها في الأسواق العالمية السوداء بأثمان مرتفعة.
تهريب التاريخ
في المقابل، لا يتبنى عضو اتحاد النقابات الأمنية، طارق الخليفي، الطرح الذي يعتبر أن الأمن منشغل بقضايا أخرى عن ملف الاتجار بالآثار.
فالخليفي يقول، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إن المؤسسة الأمنية "تشتغل بطاقتها القصوى لمجابهة كل الظواهر السلبية، من بينها ظاهرة الاتجار بالآثار".
ويشير المتحدث ذاته إلى وجود فرق مختصة في مكافحة الاتجار بالآثار، موضحا أن عناصرها تتمتع بخبرة عالية في هذا المجال، وقد تلقوا تدريبات ودورات تكوينية مكثفة في هذا الإطار.
وعلى خلاف من يعتبر أن ظاهرة الاتجار في الآثار وتهريبها ترتبط بفترة ما بعد الثورة، يرى النقابي الأمني أن هذه الممارسات كانت موجودة منذ القدم.
"الظاهرة قد تشهد تناميا في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة، إذ يلتجئ الناس إلى البحث عن أساليب غير شرعية، من بينها التنقيب عن الآثار والمتاجرة فيها"، يردف المتحدث ذاته.
المصدر: أصوات مغاربية