Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

رشوة

"باك صاحبي" (والدك صديقي)، عبارة مغربية تختزل كل معاني المحسوبية والزبونية والاعتماد على نفوذ العائلة لتحقيق امتيازات، ما يعني تجاوز كل المعايير المرتبطة بالكفاءة والاستحقاق، واستحضار اسم العائلة لا غير.

المحسوبية و"المحزوبية"

قبل نحو ثلاث سنوات، كشفت المندوبية السامية للتخطيط (مؤسسة رسمية)، عن معطيات صادمة تكشف حضورا قويا لمنطق "باك صاحبي" في التوظيفات.

المندوب السامي للتخطيط، أحمد الحليمي العلمي، قال حينها إن دراسات المندوبية أظهرت أن "26% من التوظيفات لا تفسير لها لا من ناحية الكفاءة ولا الشواهد ولا الخبرة"، وأن "تفسيرها الوحيد هو الزبونية والمحسوبية، وتأثير العائلات النافذة"، وهي المعطيات التي علقت عليها الحكومة المغربية حينها بوصفها "غير دقيقة". 

خلال السنة الماضية، تداولت مجموعة من وسائل الإعلام المحلية في المغرب معطيات منسوبة إلى تقرير دولي يفيد بأن "63.1 % من المغاربة حصلوا على عمل عن طريق المحسوبية".

اقرأ أيضا: بطالة الشباب.. 'القنبلة الموقوتة' في المغرب

رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، إدريس السدراوي، يعبر عن موقف مساند لتلك المعطيات، ويؤكد استمرار العمل بمنطق "باك صاحبي" في التوظيف، مستندا في ذلك إلى "مجموعة من الشباب المعطل الذي تتابع الرابطة حالتهم".

ويقول رئيس الرابطة، التي كانت وراء إحداث مبادرة لتوظيف الشباب العاطل تحت شعار "فاش ما كان"، "نلمس بشكل واضح تفشي الزبونية والمحسوبية في ولوج الوظائف في القطاع العمومي"، مستدلا على ذلك بـ"وجود العديد من العائلات في القطاع نفسه"، وبعض المفارقات التي يشير إلى لمسها خلال مباريات ولوج الوظائف.

ويشير السدراوي ضمن تصريحه لـ"أصوات مغاربية" إلى توفرهم على "قرائن كثيرة تؤكد استمرار تفشي المحسوبية وكذلك الرشوة في مباريات ولوج الوظائف"، مشيرا إلى أن الأمر "لم يعد مقتصرا على القطاع العام وطال حتى القطاع الخاص".​

​​وحسب المتحدث نفسه فإلى جانب الممارسات المرتبطة بـ"الرشاوي" و"المحسوبية" هناك أيضا خروقات أخرى يصفها بـ"المحزوبية"، إذ يؤكد أن "هناك مجموعة من الأحزاب التي تسير الشأن العام في المدن المغربية، تقدم الرخص للشركات وفي المقابل تتحكم في مناصب التوظيف فيها مقابل التغاضي عن الانتهاكات الكبيرة لمدونة الشغل"، مبرزا في السياق نفسه أن هناك "ساسة تحولوا إلى وسطاء في التوظيف".

ويشدد السدراوي على خطورة الاعتماد على هذا المنطق في التوظيفات، إذ يؤكد على أنه "يزيد من الهشاشة والفقر وانتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين الأقل فقرا".

واقع معاش

"الزبونية والمحسوبية واستعمال العلاقات تدخل في إطار منظومة الفساد"، يقول المسؤول في منظمة "ترانسبارانسي" المغرب، عبد الصمد صدوق، موضحا أن "منظومة الفساد والرشوة هي منظومة شاملة حيث يتم تبادل المصالح بمختلف أشكالها".

ويشدد المتحدث، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، على أن "الدولة ينخرها الفساد" مستدلا على قوله هذا بالرتبة التي يحتلها المغرب في مؤشر الشفافية العالمي (المركز 81 من بين 180 دولة حسب آخر تقرير).

​​وبخصوص الزبونية، يقول صدوق "نحن نلاحظها ويمكن أن نسأل الشباب المعطل الذي يجد صعوبات في الحصول على عمل، وسيقولون إن أغلبية المناصب يتم الحصول عليها عن طريق التدخلات والعلاقات"، مبرزا أن مسألة "استعمال العلاقات" أو "استعمال الهواتف لحل المشاكل، هو أمر واقع ما يزال حاضرا ومترسخا في المجتمع المغربي".

ولكن ما السبب في استمرار هذه الممارسات؟ عقلية المجتمع أم قصور القانون؟

ينبه المتحدث في هذا الصدد إلى أن "عقلية المجتمع تساير الواقع".

ويضيف أن "الخلل في منظومة الحكامة"، ومن تجليات ذلك أن "القانون لا يطبق كما يجب".

"النقص في الحكامة يؤدي بالناس إلى حلول موازية من قبيل تقديم رشوة أو استعمال العلاقات" يقول صدوق الذي يختم بتصريحه بالقول "هذا ليس كلاما نظريا بل هو الواقع المغربي الذي نعيشه ونراه يوميا" على حد تعبيره.

اقرأ أيضا: محاربة الفساد في المغرب.. حقيقة أم مجرد شعار؟

خسائر بالمليارات

من جانبه يرى الخبير في الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، عبد العزيز الرماني، أن "هذا الكائن المسمى فسادا ومحسوبية وزبونية موجود ومازال يفرض قوته بشكل أخطبوطي ويهيمن على كثير من الآليات".

ويتابع المتحدث، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، بالإشارة إلى أن "المحسوبية لا تحضر فقط في التوظيف، بل في مجالات أخرى، منها القضاء والتعليم والإدارة، إلى جانب مجال الصفقات العمومية".

​​ما هو إذن حجم الخسائر التي يتكبدها الاقتصاد الوطني جراء هذه الممارسات؟

إذا كان حجم الفساد والزبونية والمحاباة "غير معروف" حسب الرماني، فإن أثره ظاهر على الاقتصاد الوطني، الذي يتكبد خسائر كبيرة نتيجة لتلك الممارسات.

"رغم النوايا الطيبة للبلاد من أجل محاربة الريع والمحسوبية والفساد لا زالت هذه الممارسات تُخسرنا الملايير"، يقول الرماني الذي يكشف عن أرقام صادمة في هذا الإطار.

​​ويردف قائلا "المحاباة والزبونية وباك صاحبي وخوك تنعرفو وانت جارنا والقبلية وغيرها من الممارسات من هذا القبيل ما دامت موجودة فهي تخسرنا سنويا مبلغا خطيرا يفوق 30 مليار درهم" .

وحسب المتحدث نفسه فإن "كل تأخر في محاربة الفساد بكل أنواعه (رشوة أو زبونية أو محسوبية…) يكبد المغرب خسارة ما يقرب من مليار ونصف سنتيم يوميا (نحو 15 مليون درهم)".

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة