قاضي التحقيق أصدر بطاقة إيداع في السجن في حق المعلم المتهم

جرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال في تزايد مستمر بالمغرب، إذ لا يكاد يمر يوم أو أسبوع دون أن تنتشر أخبار عن وقوع حالة اغتصاب طفل أو طفلة، والتي قد تنتهي في بعض الحالات بوفاة الضحية.

آخر ما جرى تداوله في هذا الإطار، صورة بشعة لآثار الدماء التي خلفتها واقعة اغتصاب وهتك عرض طفلة في العاشرة من العمر، أمس الخميس، بمدينة المحمدية.

​​ما هو سبب تنامي هذه الجرائم؟ هل صحيح أن القانون يساهم في ارتفاعها لعدم تضمنه عقوبات رادعة؟ وهل صحيح أن عائلات الضحايا صارت تفضل عدم اللجوء إلى القضاء نتيجة لذلك؟

هذه الأسئلة وغيرها تجيب عنها، رئيسة جمعية "ما تقيش ولادي"، نجية أديب.

نجية أديب. مصدر الصورة: حسابها على فيسبوك
نجية أديب. مصدر الصورة: حسابها على فيسبوك

​​​​إليكم نص المقابلة:

أولا هل تتوفرون على إحصائيات بخصوص ظاهرة الاعتداءات الجنسية التي تطال الأطفال في المغرب؟

لا تتوفر إحصائيات تهم الظاهرة بشكل عام في المغرب، ولا توجد معطيات دقيقة بهذا الشأن. هناك العديد من الحالات التي نتوصل بها في الجمعية، وهناك الحالات التي تتداولها وسائل الإعلام، ولكن ما خفي كان أفظع.

كما قلت، نحن في الجمعية نتوصل بالكثير من الحالات، ومن الملاحظات التي سجلناها أن عدد الذكور ضحايا هذه الاعتداءات أكثر من الإناث.

والخطير أن هذه الظاهرة بلغت درجة من الشراسة والميوعة لا يمكنني حتى إيجاد الكلمات لوصفها، إذ صرنا نشهد يوميا حالات اعتداء جنسي على الأطفال، وتجاوزنا بكثير مرحلة قول عبارات من قبيل "يجب دق ناقوس الخطر"، الأمر صار خطيرا بدرجة لا يمكن وصفها ويجب العمل على وضع حد له.

ما هو معدل أعمار الأطفال الذين يتعرضون لهذه الاعتداءات؟

الاعتداءات تطال رضعا وأطفالا تتراوح أعمارهم بين 40 يوما إلى 12 عاما.

هل صحيح أن نسبة كبيرة من المعتدين على الأطفال هم من المحيط القريب لهم؟

نعم، أكثر المعتدين هم من المحيط القريب للطفل، منهم العائلة، الجيران، البقال، المعلم، الفقيه... كل من له سلطة الوصاية والإشراف على الطفل.

75 في المائة من الاعتداءات الجنسية على الأطفال تتم من طرف المقربين منهم والذين لهم سلطة الإشراف والوصاية عليهم، وفي هذه الحالة تتوفر ظروف التشديد في العقوبة، بحيث قد تصل حسب القانون إلى 30 سنة.

هل ظروف التشديد هذه مطبقة فعلا؟

لا، لا يوجد أي تشديد، بل العكس هناك تشجيع من خلال مجموعة من الأحكام التي تصدر في هذه القضايا.

هناك حالات اغتصاب حيث تتوفر ظروف التشديد، ولكن لا يتجاوز الحكم فيها سنة واحدة.

المحكمة للأسف لا تطبق القانون، بالرغم من توفر فصول متابعة جد مشددة كالفصل 485، والفصل 486 والفصل 487، وهي فصول تشير إلى ظروف التشديد، ولكن للأسف لا يتم تطبيقها.

في رأيك، لماذا لا يتم تطبيق هذه النصوص القانونية التي تتضمن عقوبات مشددة؟

هذا السؤال يجب أن يُطرح على وزارة العدل. المشرع كان واضحا في سن قوانين تشريعية، لماذا لا تُفعل ولا تطبق من طرف المحكمة؟ هذا سؤال يجب أن يوجه إلى وزير العدل.

ما لا أفهمه في هذا الموضوع أنه تتم الإدانة ومع ذلك يكون الحكم مخففا.

في سياق حديثك عن الأحكام التي يتم النطق بها في هذه القضايا، قلت إن هناك أحكاما "تشجع" بدل "تشدد"، هل تقصدين أن هذه الأحكام هي السبب وراء تنامي الظاهرة؟

هي أحد الأسباب فقط، فهناك عدة أسباب وراء انتشار الظاهرة، من بينها تفشي تعاطي المخدرات التي صارت تباع حتى أمام بوابات المؤسسات التعليمية، ينضاف إلى ذلك المنظومة التعليمية الفاشلة التي صارت تُخرج نماذج من الشباب الفارغ للأسف.

ما الحل إذن؟ كيف يمكن مواجهة هذه الظاهرة؟

الحل هو الإخصاء. إذا كان الإعدام مرفوضا، فليتم إذن إخصاء مرتكبي هذه الجرائم.

ولكن هناك من يقترح اعتقالهم وأن تتم مواكبتهم نفسيا خلال فترة الاعتقال؟

المواكبة النفسية؟ لمن؟ للمجرم؟

المواكبة النفسية تستحقها الضحية وليس المجرم.

ولمعلوماتكم فقط، أكثر مرتكبي هذه الجرائم ممن يُعتقلون يعيدون ارتكاب نفس الجرائم بعد مغادرتهم السجن.

حالات العود كثيرة في هذه الجرائم، ولذلك أقول إن الحل هو الإخصاء.

كجمعوية وكأم مرت من تجربة مماثلة، ما الذي يمكنك أن تقوليه للأسر والآباء حول كيفية التعامل مع الأطفال ضحايا هذه الاعتداءات؟  

دور الأسرة مهم جدا في هذه الحالات.

في إحدى المرات، جاءنا أب وقال إن ابنه تعرض للاغتصاب، سألته: ماذا فعلت؟ أجابني: ضربته.

هذا خطأ كبير، يجب على الأسرة في هذه الحالات أن تحتضن الطفل وتطبطب عليه، وتشرح له أنه ليس ملاما في ما وقع بل إنه ضحية

دور الأسرة مهم جدا في الوقوف مع الطفل في هذه المحنة، لن أقول لينسى، لأنه من غير الممكن أن ينسى ما تعرض له ولو بعد 100 سنة، ولكن من المهم أن تحتضن الأسرة الطفل ضحية الاعتداء الجنسي وتشرح له أنه ضحية وليس مجرما، وأن المجرم سينال جزاءه -نسبيا- لأنه ليس الجزاء الذي يستحق، ولكنه جزاء سيرد نسبيا الاعتبار للأسرة والطفل.

​​المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة