لوحة تمثل مدينة الجزائر خلال العهد العثماني
لوحة تمثل مدينة الجزائر خلال العهد العثماني

يذكر مؤرخون جزائريون وكتب تاريخية أن بريطانيا "قاتلت" سنوات طويلة، قبل فرنسا، من أجل احتلال الجزائر لكن كل هجماتها منيت بفشل ذريع على سواحل البلاد.

اشتهرت الهجومات الإنجليزية على الجزائر باسم "غزوة إكسماوث"، فما الذي يعنيه هذا الاسم؟ وما تفاصيل تلك الهجمات؟ وكيف واجهتها الجزائر؟

"أطماع في منطقة برباريا"

يقول أستاذ التاريخ في جامعة الجزائر، الدكتور محمد الأمين بلغيث، إن تلك الهجمات قادها الأميرال البريطاني، اللورد إكسماوث، وسميت باسمه "فقد كان أكبر ضابط في البحرية البريطانية، وحدثت الهجمات مع نهاية القرن 17م، شاركت فيها هولندا أيضا، لكنها لم تنجح في دكّ الجزائر".

ويضيف الدكتور بلغيث "كان ساحل الجزائر، الممتد من منطقة الحامة غربا إلى تمنفوست شرقا محميا بألف مدفع، لذلك سميت الجزائر بالمحروسة المحمية بألف مدفع، وقد ألحقت هذه المدافع هزائم نكراء بالإنجليز، وحالت دون وصولهم إلى مرادهم".

وعن أسباب التحرشات البريطانية بالجزائر، قال المتحدث "أوروبا كلها كانت لها أطماع في شمال أفريقيا، وكانوا يلقبوننا بشعوب برباريا، وعقدوا تحالفات من أجل احتلال بلدان المنطقة تونس والمغرب والجزائر وليبيا".

ثورة داخلية استغلّها الإنجليز

من جهته يقول الدكتور محمد بن مبارك الهلالي الميلي في كتابه "تاريخ الجزائر في القديم والحديث"، إن الإنجليز استغلوا ثورة داخلية على العثمانيين في الجزائر لشن حرب عليها، إذ "يبدو أن الإنجليز أرادوا استغلال هذه الحركة الداخلية، فحاولوا الهجوم على الجزائر في خريف 1669م، لكن المدفعية الجزائرية نجحت في ردهم على أعقابهم".

ويضيف الميلي "كثرت الهجومات ضد المراكب الجزائرية وألحقت بها خسائر متعدد إلى درجة أن سكان الجزائر أصبحوا يخشون من هجوم أجنبي.. وفي 9 مارس 1671 عاد الإنجليز إلى مهاجمة ميناء بجاية وأضرموا النار في 12 مركبا جزائريا، كما هاجموا ميناء الجزائر في شهر جويلية في نفس السنة وأضرموا النار في ثلاث بواخر".

غلاف كتاب "الجزائر في عهد رياس البحر"
غلاف كتاب "الجزائر في عهد رياس البحر"

​​لم تيأس بريطانيا، فنظمت مؤتمرا سمي "مؤتمر فيّنّا" سنة 1815م، وهو تحالف أوروبي ضد الجزائر من أجل إنهاء هيمنة أسطولها البحري على البحر المتوسط.

كلف الحلفاء الأوروبيون بريطانيا بتطبيق مقررات المؤتمر، فـتوجهت سفن بريطانيا وهولندية وغيرها من دول الحلف، عام 1816م، إلى سواحل الجزائر، وقد سمع داي الجزائر بالحملة فاستعدّ لها.

عندما اقتربت السفن الحربية البريطانية والهولندية وحلفاؤهما من سواحل الجزائر، وضع الداي قنصل بريطانيا في السجن، فوصل الخبر إلى الغزاة، فرفعوا أعلاما بيضاء في إشارة إلى أنهم لم يأتوا للقتال فسمحت لهم البحرية الجزائرية بالدخول، وبمجرد دخولها بدأت بقَنبلت الأسطول البحري الجزائري بالمدفعية، فألحقت أضرار جسيمة، الأمر الذي أجبر الداي عمر باشا على قبول شروط مؤتمر فينا.

قضت الشروط بأن تكف الجزائر عن "ممارسة القرصنة" في البحر الأبيض المتوسط على السفن الأوروبية، لكن ما لبث الجيش أن انقلب على الداي عمر وعزلوه واعتبروه جبانا، وعادوا إلى فرض سيطرتهم على البحر والحركة التجارية فيه، وفرضوا من جديد أتاوات (ضرائب) على كل السفن الأوروبية.

ويذكر وليم سبنسر في كتباه "الجزائر المحروسة في عهد رياس البحر"، بأن كلا الأسطولين خسرا الكثير في هذه المعركة.

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة