"كنت أجهل الكثير عن أمازيغ المغرب وتونس، ولم أكن أعلم حتى إن هناك ليبيون أمازيغ، حتى فتحت حسابا على فيسبوك" يقول الهادي آيت عثمان، أمازيغي جزائري من قرية جبلة بولاية بجاية.
آيت عثمان، ناشط من منطقة القبائل، أبدى في حديثه لـ"أصوات مغاربية"، تفاؤلا بخصوص مستقبل الهوية الأمازيغية لشعوب المغرب الكبير، معتمدا على صور اللحمة، كما يصفها، التي تنتشر على صفحات التواصل الاجتماعي عموما، وفيسبوك على وجه التحديد.
شعب واحد
الناشطة الأمازيغية مها الجويني، تؤكد أن العلاقة بين أمازيغ شمال أفريقيا، قائمة منذ الأزل، ولم تفرقها إلا سياسات الدول المسيطرة على المنطقة.
"نحن شعب واحد" تؤكد الجويني في حديثها لـ"أصوات مغاربية"، ثم تتابع "فيسبوك وسيلة مجدية فعلا، لكن علاقة الرّحم التي بيننا نحن أمازيغ شمال أفريقيا، لم تنقطع أبدا بالرغم من سياسات بعض الحكام".
ويقدر أستاذ علم الاجتماع بجامعة الجزائر، لعيد حمادوش، أن وسائل التواصل الاجتماعي، ومن ضمنها فيسبوك، أعطت دفعة جديدة لمستوى التآخي الذي كان متأصلا عند الأمازيغ، منذ الأزل.
وفي حديث لـ"أصوات مغاربية"، أوضح هذا الجامعي، أن "أمازيغ شمال أفريقيا عاشوا انقطاعات زمنية طويلة، لكن علاقاتهم المجتمعية ظلت وفية لإرث أجدادهم، والدليل هو التلاحم بينهم، الذي خدمته وسائل التواصل الاجتماعي".
منير كجي من المغرب، مادغيس ؤمادي من ليبيا، مها الجويني وديما الطرابلسي من تونس، مليكة معطوب من الجزائر، نشطاء أمازيغ، إذا اطلعت على صفحاتهم على فيسبوك، تجد منشورات تتعلق بالذود عن الإرث الأمازيغي، ليس في بلدانهم فقط، بل في كامل التراب المغاربي.
اقرأ أيضا: الأمازيغ.. هذه 7 حقائق من أرض 'تمزغا'
تقول ديما الطرابلسي، وهي ناشطة أمازيغية تونسية، إن وسائل الإعلام الحكومية "همّشت الشأن الأمازيغي، بحجة الحفاظ على الاستقرار العام"، لكن فيسبوك فتح الباب أمام حقيقة "معاناة القبائل بالجزائر مثلا".
وفي حديث لـ"أصوات مغاربية"، كشفت الطرابلسي أنها لم تكن على إلمام بما يحدث في منطقة القبائل الجزائرية، حتى فتحت حسابا على فيسبوك، أتاح لها فرصة التواصل مع أمازيغ من الجزائر، وجعلها أكثر اطلاعا على وضعهم، وتاريخهم المرتبط بتونس والمغرب الكبير على وجه العموم.
"لم أكن لأعرف معطوب لوناس ولا سليمان عازم ولا أيا من أبطال منطقة القبائل ولا الأحداث المأساوية التي ارتكبتها الحكومات المتعاقبة في الجزائر"، تؤكد الطرابلسي قبل أن تردف "الإعلام الرسمي كان يسوق لنا أفكارا مغلوطة، خلال أحداث 2001، صور لنا القبائل كعنصريين يريدون تفكيك صف الوحدة الوطنية".
وفي سياق تأكيدها على نجاعة فيسبوك في لم شمل الأمازيغ عموما، قالت الطرابلسي بغبطة واضحة "أنا الآن أتحدث القبائلية وأعرف تاريخ المنطقة جيدا من خلال فسبوك والعلاقات مع النشطاء القبائل من الجزائريين"
وحدة افتراضية..
مدير الدراسات الاجتماعية السابق، بجامعة وهران، نجاح مبارك، يرى أن فيسبوك، أعاد اللحمة بين الأمازيغ المتفرقين على التراب المغاربي، "لكن دوره يتوقف على هذا النحو فقط".
ففي حديث لـ"أصوات مغاربية"، كشف مبارك أن ما يعرف بــ"تامزغا الكبرى، ليس إلا حلما يراود كل من يحمل حنينا إلى أيام خلت ولا نستطيع العودة لها" بحكم الصعوبات السياسية التي تعيشها، شعوب الشمال الأفريقي.
وفي معرض حديثه، وصف مبارك ما يحدث داخل نطاق الفضاء الأزرق بين النشطاء الأمازيغ بــ"تامزغا الافتراضية"، في إشارة إلى صعوبة تحقيق طموح الأمازيغ على أرض الواقع.
"لا بد من الواقعية، أنا لست ضد الفكرة أبدا، بالعكس كم سيكون ذلك جميلا، لكن وبالمعطيات المتاحة لنا الآن، يمكن القول إن هدف التواصل الدائم تحقق".
لكن الناشطة مها الجويني، تؤكد من جانبها، أن اللحمة والوطن يسكنان كل أمازيغي، و"فيسبوك مجرد مرآة للتلاحم وروح الأخوة التي تربط شعوب شمال أفريقيا، ورثة أرض الأمازيغ".
وتؤكد الجويني في السياق ذاته بالقول "لطالما ظنت حكوماتنا المغاربية أننا سنمتثل لجميع القرارات، ولطالما ظنوا أن الحدود ستفرق الجمع"، مردفة أن فيسبوك نقل ما يحدث فعليا، وجاء لتأكيد مبدأ أننا "شعب واحد تحت راية واحدة واسم واحد ومصيرنا مشترك".
المصدر: أصوات مغاربية