أمازيغ جزائريون يحتجون على مقتل الشاب ماسينيسا كَرماح (2002)
أمازيغ جزائريون يحتجون على مقتل الشاب ماسينيسا كَرماح (2002)

شكلت الأزمة التي عرفتها الحركة الوطنية الجزائرية حول الأمازيغية سنة 1949، الشرارة الأولى لهذه القضية بالجزائر.

وبعد استقلال الجزائر، شهدت القضية الأمازيغية محطات عديدة، كان أبرزها ما يعرف اليوم بـ"ثافسوث إيمازيغن" (الربيع الأمازيغي)، الذي انطلق إثر منع محاضرة للمفكر الأمازيغي، مولود معمري، بتيزي وزو، يوم 10 شهر مارس 1980.

​​انطلقت عقب هذه الواقعة أحداث وتطورات أعلنت عن بداية حراك أمازيغي ما زال مستمرا منذ ذلك الحين.

محطات من التاريخ

كانت سياسة التعريب وقود الصراع بين السلطة وأمازيغ الجزائر، إذ اعتبر الأمازيغ فرض العربية لغة وحيدة للجزائريين، بموجب القوانين، طمسا متعمدا لشخصيتهم.

فقد نص دستور 1963، على أن اللغة العربية الكلاسيكية هي اللغة الوطنية والرسمية الوحيدة بالجزائر، وظل الأمر مقررا منذ ذلك الحين.

وفي سنة 1994، قاطع القبائل الدراسة بالجزائر بصفة شاملة طيلة عام دراسي كامل، وهو ما عرف فيما بعد بـ"إضراب المحفظة" سنة 1994.

كما قاطع الأمازيغ أيضا الانتخابات الرئاسية التي انتُخب فيها اليامين زروال رئيسا للجزائر في ظل تصاعد أعمال العنف والتطرف، وهو ما جعل الرئيس زروال يقول: "كلنا أمازيغ"، وكان ذلك سابقة في تاريخ السلطة الجزائرية، ليتقرر بعدها تدريس الأمازيغية، وإنشاء محافظة سامية لها تابعة لرئاسة الجمهوري سنة 1995.

​​وفي 2001، اندلعت شرارة "الربيع الأسود" كما سُمي بعد ذلك، وهي أحداث دامية شهدت سقوط 126 شخصا، على إثر انفجار بركان احتجاج في منطقة القبائل، بسبب مقتل الشاب ماسينيسا كَرماح.

واشتعلت المنطقة بأسرها لأكثر من سنة، وتمت مقاطعة الانتخابات البرلمانية والمحلية التي جرت في 2002، قبل أن تلجأ السلطة إلى التفاوض مع ما عرف آنذاك بـ"تنظيم العروش".

ودامت المفاوضات بين التنظيم والدولة شهورا طويلة، ووافقت السلطة على الاعتراف بالأمازيغية كلغة وطنية في تعديل دستوري سنة 2002.

اعتراف.. ولكن

في عهد الرئيس الحالي، عبد العزيز بوتفليقة، جرى الاعتراف بالأمازيغية لغة وطنية سنة 2002، كما تم تكريسها في دستور 2016 لغة رسمية ووطنية إلى جانب اللغة العربية.

بعد الترسيم، عرف الصراع حول الأمازيغية نوعا من الهدوء، لكن رفض بعض النواب لمقترح حول تطوير اللغة الأمازيغية وتعميم تدريسها نهاية السنة الماضية 2017، أشعل فتيل أزمة جديدة.

​​بناء على هذه الاعتبارات، يرى الناشط في صفوف حزب جبهة التحرير الوطني، يحيى شافع، أن الأمازيغية "حظيت باهتمام خاص خلال فترة رئاسة بوتفليقة للبلاد".

ويعتبر شافع أن ترسيم الأمازيغية وتعميم تعليمها، وإنشاء قناة تلفزية ناطقة بالأمازيغية، هي "مكاسب لا يمكن التغاضي عنها"، وبالنسبة له فإن "الأصوات التي لا تثمن كل ذلك، إنما غرضها سياسي ولا علاقة له بالثقافة الأمازيغية".

​​أما حمو آيت علي، وهو من أبرز الوجوه في الحركة الأمازيغية ببجاية، فيرى خلاف ما يتبناه يحيى شافع، إذ يعتبر بأن ترسيم اللغة الأمازيغية بالجزائر "لم يكن نتاج تفهم السلطة بقدر ما هو تكليل لتضحيات أجيال من الأمازيغ".

وفي حديث لـ"أصوات مغاربية"، يعتبر آيت علي أن الرفض الذي قابله مقترح تنمية اللغة الأمازيغية وتعميم دراستها، بحجة نقص الموارد المالية، "دليل على تعنت السلطة التي لا تعترف بالمكون الأمازيغي، إلا لضرورة تمليها إستراتيجية البقاء".

وفي معرض حديثه، يوضح الناشط الأمازيغي ذاته أن "مسار النضال لن يتوقف، وأن حديث بعض السياسيين عن رفضهم للأمازيغية، دليل على أن عمر النضال ما زال طويلا".

"المكاسب التي حققتها الحركة الأمازيغية، هي لبنات فقط تؤسس لنضال متواتر"، يردف المتحدث ذاته.

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة