بعد أكثر من سنة ونصف من شغور هذا المنصب، عين المغرب الجمعة الماضية، سفيرا جديدا له في موريتانيا.
ومنذ وفاة السفير المغربي في نواكشوط عبد الرحمان بنعمر في ديسمبر 2016، لم تعين الرباط أي سفير لها في موريتانيا.
السفير الجديد، الذي استقبله الملك محمد السادس رفقة عدد من السفراء الجدد بالبعثات الدبلوماسية للمغرب، هو حميد شبار، الذي سبق له أن شغل عدة المناصب، من بينها منصب عامل مكلف بالتنسيق مع بعثة الأمم المتحدة بالصحراء، سفير فوق العادة ومفوض، الممثل الدائم المساعد للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة في نيويورك، وسفير المغرب بجمهورية غانا.
هذا التعيين، يأتي أيضا بعد أشهر من تعيين موريتانيا سفيرا لها في الرباط، حيث شكلت مسألة غياب السفير، إحدى أبرز وجوه "الجفاء الصامت" في العلاقات المغربية والموريتانية، والتي لطالما عرفت حالة من المد والجزر.
إقرأ أيضا: بعد سنة ونصف من الشغور.. سفير مغربي جديد في موريتانيا
عوامل التوتر
يقول المحلل السياسي الموريتاني، الحافظ ولد الغابد، إن العلاقات بين البلدين وصلت بالفعل إلى "مستويات عالية من التوتر بعد سنة 2012"، نتيجة لعدد من العوامل، "التي ترتبط بخيبة أمل المملكة المغربية، تجاه النظام الموريتاني الحالي، خصوصا وأنها دعمته بين سنتي 2008 و2011، خلال الأزمة السياسية بموريتانيا".
ويؤكد ولد الغابد في حديث لـ"أصوات مغاربية"، أن دعم المغرب تجاوز الدعم السياسي والاعتراف إلى محاولة الدفع بالتعاون الاقتصادي، "في حين أن موريتانيا كانت تصر على تخفيض التمثيل الدبلوماسي، رغم احتفاظ المغرب بعبد الرحمان بنعمر كسفير إلى حين وفاته".
ويضيف المتحدث ذاته، أنه خلال سنة 2012، حاولت موريتانيا خلق التوازن في علاقاتها مع المغرب والجزائر، وتعويض سنوات ميلها للرباط، وكذا منافسة موريتانيا مع جارتها الشمالية، على مقعد أفريقيا في مجلس الأمن الدولي، "وكانت مدعومة من الجزائر، ولكن المقعد آل في النهاية للمغرب، وكان هذا آخر مسمار يدق في العلاقات المغربية الموريتانية".
اقرأ أيضا: أبرز خمس أزمات دبلوماسية بين البلدان المغاربية
في السياق ذاته، يتحدث رئيس مركز الجنوب للدراسات والأبحاث بالمغرب، خطري الشرقي، عن عدد من عوامل التوتر بين البلدين، منها "ملف قيادات المعارضة الموريتانية المتواجدة بالمغرب، التي تتهمها موريتانيا بتمويل وتوجيه وتأطير، المعارضة السياسية للنظام".
وفي الوقت الذي يبرز فيه الشرقي، توجه موريتانيا، نحو الطرف الجزائري، عبر شق طريق بين الجزائر وموريتانيا، ثم تقويضها لدخول المغرب إلى تجمع دول الساحل والصحراء، يضيف في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن "المغرب حاول قدر الإمكان ضبط النفس، خاصة مع أزمة معبر الكركرات، وما حملته من تحولات جيوسياسية مرتبطة بقضية الصحراء، وعمله على أن يظل الموقف الموريتاني محايدا".
بداية الانفراج
"خلال الأشهر الأخيرة تحسنت العلاقات وعادت إلى مجراها" يقول المحلل السياسي، الحافظ ولد الغابد، موضحا أن المغرب بذل جهودا كبيرة للتسوية وتجاوز الإشكالات العالقة، لبناء علاقات اقتصادية، "خصوصا مع توجه المغرب إلى أفريقيا وتعد موريتانيا هي المعبر"، يضيف ولد الغابد.
وفي الاتجاه ذاته، يعتبر خطري الشرقي، أن اعتماد السفراء بين البلدين، دليل على انفراج في العلاقات بين المغرب وموريتانيا.
ومن أوجه نتائج هذا الانفراج حسب الباحث المغربي، "تحسين التعاون على المستوى الاقتصادي، خاصة بعدما تضررت الشركات المغربية من الإجراءات التي تم اتخاذها من قبل الحكومة الموريتانية، وكذا تقوية التنسيق الأمني على مستوى محاربة الإرهاب، وتسهيل انضمام المغرب إلى منظمة "سيداو"، التي أصبحت بديلا عن اتحاد المغرب العربي"، وفق تعبيره.
المصدر: أصوات مغاربية