لم يبد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لحد الساعة أي تجاوب مع الدعوات التي أطلقتها فعاليات سياسية، من أجل ترشيحه لعهدة خامسة، ما أضفى مزيدا من "الضبابية" على المشهد السياسي في الجزائر، خاصة مع اقتراب موعد هذا الاستحقاق الانتخابي.
مقابل هذا الصمت، يستمر الأمين العام للحزب الحاكم، جمال ولد عباس، في التسويق لمشروع ترشيح الرئيس لولاية جديدة، إذ صرح السبت، أن 700 ألف من المناضلين في حزب جبهة التحرير الوطني، 'يترجون بوتفليقة للاستمرار في مهمته".
وقال ولد عباس، "هذه المناشدة هي من أجل الاستمرارية، وبغية أن تكون البلاد في أمان ولفائدة الأجيال الصاعدة".
ويصاحب التحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة جدل كبير بالجزائر، على خلفية عدم تأكيد الرئيس الحالي عزمه الترشح فيها، فضلا عن التحفظ الكبير الذي تبديه دوائر عديدة بخصوص هذه الخطوة، بسبب صحة الرئيس.
القرار والغموض
يرى الناشط الحقوقي والسياسي، عبد الغني بادي، أن "السلطة في الجزائر اعتادت على إضفاء الغموض على مختلف القرارات السياسية الهامة في البلاد، بهدف ربح مزيد من الوقت، وإخفاء أوراقها الحقيقية، التي لا تكشف عنها إلا عند الساعات الأخيرة"
ويضيف المتحدث في تصريح لـ "أصوات مغاربية"، أن مرشح السلطة للانتخابات المقبلة، ومخططها أيضا "جاهزان وسيتم الإعلان عنهما خلال الساعات القليلة التي تسبق موعد الرئاسيات".
وأردف بادي "في اعتقادي أن مرشح السلطة لن يكون سوى الرئيس بوتفليقة، الذي سيتقدم مرة خامسة للاستحقاق الرئاسي، رغم أن وضعه الصحي لا يسمح له بذلك".
وقال المصدر ذاته إن "معطيات لدينا جعلتنا نتأكد أن جهة ما في السلطة هي التي تضغط على الرئيس من أجل الترشح لهذه الاستحقاقات، رغم تحفظه المبدئي عليها بسبب وضعه الصحي وسنه المتقدم".
ودلل الناشط عبد الغني بادي على كلامه بالخطاب الشهير الذي ألقاه الرئيس بوتفليقة بولاية سطيف سنة 2012، وقال فيه "جناني طاب، ورحم الله امرأً عرف قدره نفسه"، وهي رسالة فهم منها الجميع "أنه يرفض مواصلة أداء مهامه الرئاسية بسبب المرض، قبل أن يعود للترشح في سنة 2014" بحسب الناشط السياسي.
الانتظار والاستمرارية
هذه الرواية ينفيها الوزير الأسبق والقيادي في حزب جبهة التحرير الوطني، الهادي خالدي، مؤكدا أن "الرئيس بوتفليقة هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في مسألة ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة".
ويضيف المتحدث في تصريح لـ "أصوات مغاربية"، "أنا أعرف الرئيس بوتفليقة عن قرب، وأستطيع القول إن حكمته تمنعه في الظرف الراهن من الإعلان عن موقفه بخصوص الرئاسيات المقبلة".
"هو الآن يقوم بمهامه الدستورية وتسيير الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعرفها البلاد، لكن غالب الظن أنه سيتخذ قرارا بذلك مباشرة بعد استدعاء الهيئة الناخبة" يستطرد الهادي خالدي.
ويضيف "هو يدرك أن شريحة واسعة من الجزائريين، مع شعار الاستمرارية ومع عهدة خامسة حتى يتمكن من إنهاء مشروعه، الذي مكن الجزائر من تجاوز العديد من الأخطار والمشاكل وقعت فيها بلدان عربية أخرى".
الحرج والمخططات
من جهته أخرى يرى الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، علي ربيج، أنه "لا أحد في الجزائر يعرف من سيكون المرشح الفعلي للسلطة خلال الاستحقاقات الرئاسية المقبلة"
ويؤكد المتحدث في تصريح لـ"أصوات مغاربية، أن تأخير عملية الإعلان عن ترشيح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للعهدة الخامسة "تطرح غموضا كبيرا في الساحة السياسية، خاصة في حال رفض الأخير التقدم لهذه الاستحقاقات، فيتحول الأمر إلى حرج كبير، خاصة بالنسبة للصف الموالي لبوتفليقة".
ويفيد المصدر ذاته، أن هذا السيناريو قد "يحرج أكثر الأحزاب الموالية للسلطة، بالنظر إلى الخلافات التي تميز مواقفها حول هذا الموضوع، إذن ان الأفلان وهو الحزب الحاكم، يرفض ترشح رئيس الحكومة أحمد أويحيى، الأمين العام لحزب الأرندي".
لكن الوزير الأسبق الهادي خالدي ينفي صحة الأخبار التي تفيد بـ "وجود حرج لدى السلطة بسبب تأخر الإعلان عن ترشح بوتفليقة، أو في حالة لم يتم الترشح أصلا"
ويشير المتحدث إلى "حالات مشابهة عرفتها الجزائر في وقت سابق، كما هو الأمر بالنسبة للاستقالة المباشرة للرئيس الأسبق ليامين زروال، أو وفاة الرئيس هواري بومدين، حيث لم تجد السلطة أي مشاكل تذكر في تسيير تلك المراحل الهامة من تاريخ الجزائر".
أما الناشط الحقوقي والسياسي، عبد الغني بادي، فيقول إن "السلطة الآن تملك مخططين اثنين للتعامل مع الرئاسيات المقبلة، فإما أنها سترشح الرئيس بوتفليقة، وهو الطرح الأكثر توقعا، أو ستلجأ إلى المخطط الثاني، بترشيح شخصية قوية في النظام من المحتمل أن يكون الوزير الأول الأسبق، عبد المجيد تبون، الذي تم سحبه من الساحة بشكل مؤقت لحسابات سياسية دقيقة".
المصدر: أصوات مغاربية