عادة ما تثير التقارير الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، استياء الحكومة الجزائرية، التي تشكك في دقة وصحة تلك التقارير.
وفي آخر تقرير لمنظمة "مراسلون بلا حدود" للعام 2018، صدر هذا الأسبوع، صنّف الجزائر، ضمن المناطق الأسوأ في حرية الصحافة، في الترتيب 136، من بين 180 بلدا.
وانتقد التقرير "استمرار الخطوط الحمراء، خصوصا فيما يتعلق بقضايا الفساد، وصحة الرئيس، واحتكار الإشهار العمومي، كعقبة في وجه حرية الصحافة في الجزائر".
انتقادات أوروبية أميركية..
وأشار التقرير إلى أن الجزائر تراجعت بمركزين هذا العام، مقارنة بتصنيف العام الماضي، كما نبّه إلى حالة الصحفي الجزائري سعيد شيتور، الذي يوجد في السجن منذ شهر يونيو 2017، بسبب "شبهات حول بيعه وثائق مصنفة سرية، لدبلوماسيين أجانب، وحالته الصحية مقلقة".
بينما تضمن التقرير السنوي للخارجية الأميركية حول حقوق الإنسان، الصادر الأسبوع الماضي، انتقادات للجزائر، بشأن التدخل غير القانوني في الخصوصية، واستقلالية القضاء، وحرية الصحافة، والفساد والعنف المنزلي القاتل ضد النساء، وترحيل الأفارقة، وقضايا المثليين.
ويُضاف هذا الأخير، إلى التقرير السنوي الصادر أواخر شهر فبراير 2018، عن منظمة العفو الدولية، التي انتقدت التضييق على النقابات المستقلة وحرية التظاهر، والأقليات الدينية، واحتجاز المتظاهرين والنشطاء والصحفيين، وهو التقرير الذي وصفته وزارة الخارجية الجزائرية، بـ"غير الموضوعي".
هذا ما يؤكد صحة التقارير..
ويؤكد الناشط ومحامي الأقليات الدينية في الجزائر، صالح دبوز، أن التقارير الصادرة من مختلف المنظمات الدولية، تتقاطع حول نفس الوقائع، معتبرا أنها لم تحمل أي تناقضات "مما يؤكد صحتها" حسب دبوز، الذي أشار إلى أنه اتصل بالعديد من الأشخاص الذين وردت أسمائهم في التقارير الدولية كعينات، و"أكدوا صحة الوقائع التي تناولتها الهيئات والمنظمات الدولية بشأنهم".
ويشير المحامي دبوز في تصريحه لـ"أصوات مغاربية"، إلى أن ذلك يحمل خطورة سياسية على موقف الجزائر في المحافل الدولية، من قضايا حقوق الإنسان في العالم، موضحا أن تسلسل التقارير، سيضع الجزائر في مؤخرة ترتيب الدول التي تحترم هذه الحقوق.
وبرأي الحقوقي ورئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، فإن ملفات الحريات، والأقليات والأفارقة، المتداولة بشكل لافت في تقارير المنظمات والهيئات الدولية، هي "أزمة عميقة"، والنظام، يقول المتحدث، "مضطر لخرق حقوق الإنسان وإسكات الأصوات المدافعة عن حقوق الإنسان، في ظل عدم امتلاكه للإمكانيات الضرورية للتغيير".
مبالغة..
من جهته دافع المحامي فاروق قسنطيني، والرئيس السابق للهيئة الاستشارية لحقوق الإنسان، التابعة لرئاسة الجمهورية، عن واقع حقوق الإنسان في الجزائر، معترفا في نفس الوقت بوجود "تجاوزات غير لائقة"، لكنها لا تبرّر حسبه "المبالغة التي تتضمنها التقارير الدولية حول الجزائر".
ودعا قسنطيني في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، الحكومة إلى الدفاع عن موقف الجزائر وفتح قنوات التواصل، عبر مختلف الوسائط، لـ "دحض المبالغة التي تتضمنها التقارير".
واعتبر المتحدث أن التقارير الدولية بشأن حقوق الأقليات والمهاجرين والحريات، "لا تتضمن وقائع دقيقة، أو عينات واضحة"، واصفا إياها بـ "العمومية وغير الدقيقة".
كما دعا إلى تصحيح الرؤية الأجنبية لواقع الحريات في الجزائر، بتسليط الضوء على القضايا المثارة، وشرح وجهة النظر الرسمية في التعامل مع تلك الملفات.
المصدر: أصوات مغاربية