يتزامن العيد العالمي للعمال، الذي سيحيى يوم غد فاتح ماي، مع أزمة الحوار الاجتماعي في المغرب، والذي لم تستطع أطرافه الوصول إلى اتفاق حوله.
الحوار الاجتماعي يضم كلا من الحكومة والنقابات، بالإضافة إلى اتحاد مقاولات المغرب، الذي يجمع المشغِّلين ورجال الأعمال بالمملكة.
ويتواصل شد الحبل بين الحكومة والنقابات التي رفضت المقترحات التي قدمتها حكومة سعد الدين العثماني، ليصل بذلك الحوار الاجتماعي إلى نفق مسدود، فيما تعد النقابات بـ"احتفال ساخن" خلال فاتح ماي.
العرض الحكومي
استبقت الحكومة احتفال النقابات بالفاتح من ماي، بخروج الناطق الرسمي باسمها، مصطفى الخلفي، ليقول إن "التكلفة المالية للعرض الحكومي بمناسبة الحوار الاجتماعي تصل إلى حوالي 6 ملايير درهم (أزيد من 640 مليون دولار)"، مبرزا أن ذلك يمثل "مجهودا ماليا معتبرا".
وكشف الخلفي، بعد الاجتماع الأسبوعي للحكومة، الخميس الماضي، أن العرض الحكومي يتضمن عددا من الإجراءات التي وصفها بالهامة، بينها زيادة في الأجور بالنسبة للموظفين في الرتب من 1 إلى 5 من السلم العاشر وما دون ذلك.
وتابع الناطق باسم الحكومة المغربية أن هذا الاجراء الذي تناهز كلفته المالية حوالي 4 ملايير درهم سيمكن من تحسين دخل أزيد من 700 ألف موظف.
إجراء آخر قال مصطفى الخلفي إنه يهم الزيادة في التعويضات العائلية، ويستهدف حوالي 380 ألف موظف، دون احتساب المشتغلين في الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية، وذلك بغلاف مالي سيصل إلى حوالي مليار درهم.
وأشار الوزير أن هناك إجراءات أخرى تهم إحداث درجة جديدة لفائدة الموظفين المرتبين في السلالم الدنيا، وتنزيل التعويض عن العمل في المناطق النائية وغيرها من الاجراءات.
مطالب النقابات
في مقابل ذلك، فإن نقابات مغربية لا تزال ترفض هذا العرض الحكومي، وتعتبر أنه لا يستجيب لمطالب الطبقة العاملة في المغرب.
وقد أصدرت الأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل، إحدى أكبر النقابات بالمغرب، بيانا تشير فيه إلى أن "العرض الأخير لرئيس الحكومة جاء جد مخيب للآمال ويشكل استفزازا للطبقة العاملة المغربية، حيث جزأ هذه الزيادة على مدى 3 سنوات، أي 100 درهم في الشهر، ابتداء من فاتح يناير 2019، وعلى مدى ثلاث سنوات".
وليس الاتحاد المغربي للشغل هو النقابة الوحيدة التي ترفض مقترحات الحكومة، إذ يؤكد الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، يوسف علاكوش، رفض نقابته للعرض الحكومي.
علاكوس يرى أن رفض النقابات لهذا العرض يعود إلى "رغبتها في تدعيم القدرة الشرائية للعاملين المغربية، وتحسين الدخل، وزيارة 400 درهم، في حين أن الحكومة لم تقدم إلا 300 درهم، تشمل سلالم دنيا".
ويشدد علاكوش، في حديث لـ"أصوات مغاربية"، على أن النقابات متمسكة بمطلب الزيادة في الأجور لجميع الفئات، خصوصا الدنيا منها، بالإضافة إلى المطالب المتعلقة بالحريات النقابية، وسحب قانون الإضراب من البرلمان.
ويدعو المسؤول النقابي ذاته إلى توحيد الحد الأدنى من الأجور، سواء في القطاع الفلاحي أو الصناعي، والرفع منه.
ويشير يوسف علاكوش أن يد النقابات تبقى مدودة للحكومة، من أجل التقدم بعرض أفضل يرضي الطبقة العاملة في المغرب.
أما عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، علال بلعربي، فيرى أن النقابات لا يمكن أن تقبل بالعرض الذي قدمته الحكومة، مشددا على أنه "يفكك ما تبقى من المطالب التي تقدمنا بها".
ويقول بلعربي، في حديث لـ"أصوات مغاربية"، إن الحكومة لم تطرح بتاتا مسألة الرفع من الحد الأدنى للأجور.
وتساءل المتحدث ذاته: "كيف يمكن للحكومة أن تتحاور مع النقابات، وهي قد وضعت من قبل قانون الإضراب من أجل المصادقة والتصويت عليه؟"، مشيرا إلى أن هذا القانون يجب أن يكون على طاولة الحوار الاجتماعي.
ويعتبر المسؤول النقابي أن اقتراح الحكومة زيارة 300 درهم للعاملين، من السلم الخامس إلى العاشر، على مدار ثلاث سنوات، "غير مقبول ومرفوض من قبل النقابات، لأنه يستخف بالجميع بما في ذلك الحكومة".
"الحكومة بلورت الحوار الاجتماعي بمنطق محاسباتي تقني، والخطير أن هناك تقنيين يدبرون الشأن العام"، يقول عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل مضيفا أن "التقنيين لا يعرفون سوى العمليات الحسابية داخل المكاتب، ولا يدركون التحولات التي يعرفها المجتمع".
رد حكومي
بيد أن الحكومة تعتبر أنها هي التي تمد يدها للنقابات لتيسير الحوار الاجتماعي. هذا ما ورد على لسان وزير الشغل والإدماج المهني، محمد يتيم، في بلاغ له بداية الشهر الجاري، مؤكدا أن "الحكومة جادة في الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية والاتحاد العام لمقاولات المغرب، بهدف التوصل إلى اتفاق اجتماعي متوازن يتضمن مجموعة من المكتسبات للطبقة الشغيلة".
ورد بلاغ الوزارة على النقابيين المحتجين، قائلا: "من حق المناضلين النقابيين رفع مطالب وشعارات مناوئة للحكومة في نطاق من الاحترام المتبادل، ومن الواجب على الحكومة أن تنصت إليهم على أساس أن للنقابيين مسؤوليات يتعين عليهم الاضطلاع بها".
وأضاف البلاغ ذاته أنه يجب على النقابات رفع الشعارات التي تطالب بتحسين الأوضاع وإقرار الحقوق، مشيرا إلى أن للمركزيات النقابية "رسالة أساسية وينبغي أن تملأ مساحتها كاملة، كما يتعين عليها أن تدعم وتتصدر المطالب والاحتجاجات والشعارات لأنها شعارات مؤطرة ومسؤول".
المصدر: أصوات مغاربية