منذ سنة 2012، قررت الجزائر، في اجتماع لمجلس الوزراء، اللجوء إلى إنتاج الكهرباء من مصادر متجددة والاعتماد عليها كمصدر بديل للطاقة، من خلال وضع برنامج وطني للطاقات المتجددة.
وبغية مواكبة الدول السائرة في هذا المجال، أطلقت الجزائر العديد من المشاريع، بلغت 22 مشروعا لمحطات توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية، منها "مشروع سدرة لغزال" الذي زارته "أصوات مغاربية".
سدرة لغزال
في الطريق الرابط ما بين مقر ولاية النعامة (الواقعة 700 كيلومتر جنوب غرب العاصمة الجزائر) وبلدية عين بن خليل، تقع محطة توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية.
الحقل الواقع على بعد أمتار من الطريق، عبارة عن معرض مفتوح للألواح الشمسية المتراصة بشكل منتظم، يتربع على مساحة شاسعة بشكل طولي.
هذا اليوم بالضبط غير عادي، فقد صادف وجود وفد تترأسه وزيرة البيئة والطاقات المتجددة، فاطمة الزهرة زرواطي، إلى المحطة.
عند وصول الوفد، كانت الرياح محملة بالزوابع الرملية تفرض سيطرتها على حالة الطقس في كامل تراب ولاية النعامة.
في تلك الأثناء، كان عمال المحطة منشغلين بعملية تنظيف الألواح مستخدمين معدات خاصة بالصيانة، خشية أن تؤثر على فعاليتها ذرات الرمل.
20 ميغاواط فقط
على الجانب الأيسر من المحطة، نصبت خيمة تحتها مجسم يظهر شكل المشروع الذي انطلقت الأشغال به نهاية سنة 2013 من طرف شركة ألمانية.
بالقرب من المجسم، وقف مدير محطة توليد الكهرباء عن طريق الطاقة الشمسية "سدرة لغزال"، عبد القادر عليوة، ليشرح البطاقة الفنية للمشروع.
يقول عليوة إن المشروع أطلقته الشركة الوطنية للكهرباء والطاقات المتجددة المنضوية تحت وصاية وزارة الطاقة بغلاف مالي يفوق 35 مليون دولار.
وفي حديثه لـ"أصوات مغاربية"، كشف عليوة أن المشروع انتهت أشغاله في ماي 2016، ودخل حيز الاستغلال في نوفمبر من السنة نفسها.
وتقدر طاقة الإنتاج بهذه المحطة، وفق مدير المحطة، 20 ميغاواط مدمجة في الشبكة الوطنية للكهرباء، ويتربع الحقل على مساحة تفوق 31 هكتارا.
وبحسب مسؤول المحطة، فإن مشروع "سدرة لغزال" ليس الأكبر، بل تعد طاقة إنتاجه متوسطة من جملة 22 مشروعا التي أطلقتها الحكومة، بغية تنويع مصادر الطاقة.
آفاق 2030
وجود وزيرة البيئة والطاقات المتجددة، فاطمة الزهرة زرواطي، بعين المكان، كان بغرض تفقد بعض المنشآت التابعة لقطاعها والوقوف على مدى جاهزية بعض المشاريع.
وتحدثت الوزيرة لـ"أصوات مغاربية" عن سياسة الدولة في هذا المجال المسطرة إلى غاية آفاق 2030، إذ أكدت وجود إرادة سياسية قوية للمضي في ميدان الطاقات المتجددة.
وقالت الوزيرة زرواطي إن بلادها تعهدت والتزمت في قمة المناخ الأخيرة، التي كانت حاضرة فيها، بالتزام الجزائر إنتاج ما يكون في حدود 27 في المئة من الطاقات المتجددة في حدود 2030.
وفي تصريح، خصت به "أصوات مغاربية"، كشفت الوزيرة أن الجزائر التزمت بأهداف التنمية المستدامة والتنقيص من الانبعاثات المتسببة في الاحتباس الحراري".
وتوقعت زرواطي أن يتزايد الطلب على الطاقة مستقبلا في الجزائر، تماشيا مع تكثيف البرامج التنموية وتزايد النمو الديمغرافي إلى غاية 2030.
ويرتقب، بحسب الوزيرة، أن يكون هناك أكبر احتياج للطاقة بالجزائر في حدود 60 في المئة موجه للفلاحة و30 في المئة بالنسبة للصناعة و10 في المئة موجه للسكن.
بالنسبة لمناطق الهضاب العليا، بينها ولاية النعامة، توضح الوزيرة أن هذه المناطق ستستفيد من الطاقات المتجددة من خارج الشبكة الوطنية للكهرباء، بالتنسيق مع وزارة الطاقة.
تحفظات
خلال زيارتنا للمحطة، صادفت "أصوات مغاربية" أحد المهندسين الشباب المتخصصين في الطاقة الشمسية والعامل بالمؤسسة الوطنية للصناعات الإلكترونية عبد الله ملاح.
استنادا إلى المعايير العلمية، يقول عبد الله إن الألواح الشمسية المستعملة في حقول توليد الطاقة سواء كانت محلية الصنع أو أجنبية فإنها لها مدة حياة.
ويوضح المهندس أن جودة الألواح تتراجع وإنتاجيتها أيضا بعد مرور 10 سنوات، وقد تتضاءل أكثر عندما تتجاوز 25 سنة.
ويصف عبد الله هذا الأمر بـ"العادي" كون أي منتج له مدة صلاحية، غير أن مردودية إنتاج الطاقة تتناقص بشكل تدريجي، وبالتالي تؤثر على حجم الإنتاج الإجمالي السنوي.
وبحسب المهندس، فإن عوامل عديدة تتحكم في هذه العملية، بينها طبيعية المناخ وخصوصا الرطوبة، فكلما ارتفعت الرطوبة كان التأثير أكثر.
زيادة على ذلك، يضيف عبد الله أن إهمال عمليات الصيانة والتنظيف قد تتسبب في خفض المردودية، ما يستدعي الالتزام بالمعدل الزمني الخاص بالصيانة المقدر بـ 3 أشهر أي 4 مرات في السنة.
نسبة ضعيفة
وفي تقدير الباحث في ميدان الطاقة الشمسية، الدكتور ابراهيم طيبي، فإن الطاقات المتجددة جزء رئيس في إطار سياسة التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة.
وفي هذا السياق، يرى الباحث أن الجزائر وضعت سياسة جديدة من أجل توفير حلول للتحديات والمشكلات الاقتصادية من جهة، والحفاظ على مواردها الطاقية الأحفورية من جهة أخرى.
وسبب ذلك، بحسب طيبي، وجود عاملين: المساحة الشاسعة ووجودة الإشعاع الشمسي.
ويتوقع طيبي، في حديثه لـ"أصوات مغاربية"، تركيب قدرة إنتاجية تتراوح ما بين 650 إلى 2600 ميغاواط للسوق المحلية في الفترة ما بين 2015 إلى 2020، وفرص للتصدير تبلغ 10 آلاف ميغاواط في حدود سنة 2030.
ويكشف الباحث أن الحكومة تخطط لإطلاق العديد من مشاريع الطاقة الكهروضوئية بسعة إجمالية تبلغ حوالي 800 ميغاواط للسوق المحلية على خط الهضاب العليا، تعد المسيلة والنعامة من بين أهم مواقع للإنتاج والتوزيع.
كما يبدي الباحث تحفظات بشأن موقع مشروع "سدرة لغزال"، الذي يتميز بقوة الرياح والزوابع الرملية، ما لا يمكن من تنصيب الألواح بدقة عالية، ويؤدي إلى النقص في المردودية الطاقية.
رغم المجهودات المبذولة، يقدر الباحث وجود عوائق ومشاكل تقنية، مشيرا إلى أنه لحد الساعة تصل الطاقة الشمسية إلى 3 في المئة من إجمالي إنتاج الكهرباء.
المصدر: أصوات مغاربية