تحتفل مختلف متاحف الجزائر، ودور الثقافة فيها، بفعاليات شهر التراث التي انطلقت بداية من 18 أفريل وتتواصل إلى غاية 18 ماي 2018.
لم يكن السلطان الزياني عبد الرّحمان أبو تاشفين يتصوّر، أن المدرسة التاشفينية الشهيرة التي بناها في قلب عاصمة الزيانيين عام 1318، ستتحول بعد قرون إلى متحف للفن والتاريخ، يروي قصص مختلف الحضارات والمماليك التي مرت بتلمسان.
لم تصل المدرسة إلى مقام جامع القرويين في فاس، ولا القيروان في تونس، لكنها لا زالت حاضرة تروي جزءا من تاريخ الجزائر.
من التاريخ إلى التاريخ..
ويروي نائب مدير المتحف سفيان نوار، لـ"أصوات مغاربية"، أن المدرسة التاشفينية التي حولتها وزارة الثقافة عام 2012، إلى متحف عمومي وطني للفن والتاريخ، كانت السلطات الفرنسية، قد هدمتها وبنت على أنقاضها دارا للبلدية تابعة للإدارة الفرنسية عام 1875، وساحة عمومية، تشتهر بها اليوم مدينة تلمسان.
يجوب نوار مختلف أجنحة المتحف الوطني للفن والتاريخ، ويقدّم للزوار رحلة عبر الزمن الغابر، تتيح الاطلاع على التعابير الثقافية التقليدية، ومجموعات أثرية لحقب تاريخية مختلفة مرت بتلمسان.
ويشرح نوار الذي يشتغل في قسم التسيير للمتحف، منذ افتتاحه، ما تتضمنه الأجنحة التي تعرض مقتنيات تاريخية للسياح الذين يقصدون المتحف بالآلاف كل سنة، حيث يحتوي الجناح الأول على مرحلة ماقبل التاريخ، التي تعرض بعض بقايا الأدوات التي تدل على وجود الإنسان في هذه المنطقة خلال تلك الفترة.
من الرومان إلى العثمانيين..
ويعرض المتحف، "بعض شواهد القبور وساعة رومانية تم العثور عليها خلال حفريات جرت في مدينة أولاد الميمون بتلمسان غرب الجزائر، التي كانت تسمى في بـ"آلتافيا" خلال العهد الروماني، حيث كانت عبارة عن ثكنة رومانية متقدمة".
كما يعرض المتحف قطعا تؤرخ للحقبة الإسلامية، أبرزها مجسمات لمسجد أغادير الذي يؤسس للتواجد الإسلامي في تلمسان، ثم المسجد العتيق في الجزائر العاصمة الذي أسسه المرابطون، ثم المرحلة الموحدية التي يعرض المتحف مسكوكات بشأنها.
وبإسهاب يعرض المتحف شواهد من مرحلة الزيانيين، وأبناء عمومتهم المرينيين الذين حاصروهم لثماني سنوات، ويؤكد سفيان أن الحصار وقع في فترة حرجة من تاريخ الدولة الزيانية، التي شيدت المدرسة التاشفينية وقصور المشور ومساجد تلمسان.
وشيد المرينيون مسجد المنصورة بصومعته التاريخية، بالرغم من أنهم كانوا في حملة لغزو الدولة الزيانية، حيث شيدوا مدينة، يعرض المتحف أهم معالمها.
كما يعرض المتحف مجمع العالم المتصوف سيدي بومدين، الذي توفي قبل أن يلتحق بقصر السلطان المريني.
التاريخ ببساطة..
ويقول أستاذ مادة التاريخ فتحي بريرج، إن المتحف يضاهي أهم المتاحف العالمية، مشيرا إلى أنه يتطابق في طريقة العرض مع متحف الحربية في مقاطعة تقسيم بتركيا.
ونوه فتحي بالمعروضات والمجسمات والمعلومات المبسطة، التي يمكن للزائر من خلالها الإلمام بتاريخ الجزائر عموما وتلمسان خصوصا، داعيا التلاميذ والطلبة إلى التقرب من المتحف الذي يقدم معلومات وافرة بأحدث تكنولوجيات العرض.
وأشار الشاب عبد القادر إلى أنه زار المتحف عدة مرات، بغرض الاطلاع أكثر على تاريخ المنطقة التي يقطنها، ولم يكن عبد القادر لوحده، فقد فضّل أن يصطحب معه صديقه حسين القادم من ولاية بومرداس شرق الجزائر العاصمة، للاطلاع على ما يزخر به المتحف من معروضات ومقتنيات أثرية نادرة.
ويقول حسين إن عمله في قطاع البناء، جعله يتقرب أكثر من التحف التاريخية المعروضة في هذا المتحف، وهي تحف يضيف المتحدث، كانت جزءا من الفنون المعمارية في تلك الفترة، خصوصا وأن "الطابع المعماري المغاربي في تلمسان، لا زال طاغيا على فنون بناء وتشييد مختلف البنايات الخاصة والعمومية".
المصدر: أصوات مغاربية