رئيس مجلس المنافسة عبد العالي بنعمور
رئيس مجلس المنافسة عبد العالي بنعمور

انتقد البعض، وعلى رأسهم البرلماني عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، عمر بلافريج، جمود مجلس المنافسة، في سياق حملة مقاطعة مغاربة لمنتوجات شركات ''أفريقيا'' و''سُونْطْرَالْ'' و''سيدي علي''.

في هذا الحوار، يكشف رئيس مجلس المنافسة، عبد العالي بنعمور، أن المجلس جامد، محملا مسؤولية ذلك إلى الحكومة، التي يقول إنها لم تهتم بتعيين أعضائه الجدد، بعد انتهاء ولايات الأعضاء السابقين منذ خمس سنوات.

ويضيف بنعمور، في حوار مع ''أصوات مغاربية''، أن مجلس المنافسة مسؤول عن المقاطعة المذكورة ولم يقم بعمله. كما يكشف الأشكال التي تقوم من خلالها الشركات باحتكار السوق، بطرق تتنافى مع قواعد المنافسة.

نص المقابلة:

في سياق حملة المقاطعة، وُجهت انتقادات إلى مجلس المنافسة ووصف بالجمود. لماذا لم يدل مجلسكم، إلى الآن، برأيه في المقاطعة؟

مجلس المنافسة جامد فعلا، والحكومة هي من جمدته، إذ أن مدة انتداب أعضاء المجلس انتهت في أكتوبر 2013، ولم يتم تعيين الأعضاء الجدد. إذا كيف لمجلس المنافسة أن يتحرك؟

ما يحدث في سياق المقاطعة المذكورة يدخل في مجال اختصاصنا، لكننا لا نتوفر على الوسائل اللازمة للاشتغال؛ مثلا، في الفترة الحالية لدينا إحالة تتعلق بالنفط، وردت إلينا من قبل جمعية، درسها مقرر المجلس والنتائج جاهزة، ويجب أن نقدمها للمجلس، لكن هذا الأخير غير موجود.

وما تقوله الصحافة حول كون مجلس المنافسة يعد مسؤولا عما يقع ولم يقم بعمله، هو كلام صحيح، لكن السبب هو غياب الأعضاء، الذين لو كانوا موجودين وقام المجلس بمهامه، لما وصلنا، ربما، إلى مرحلة المقاطعة.

هل تتفق مع مبررات المقاطعين، المتمثلة في ارتفاع أسعار المحروقات والمواد الغذائية؟

تطلب مني أن أقدم موقفا سياسيا، وهو الأمر الذي لا يمكنني القيام به، نظرا لكوني مقنن دستوريا. وما يمكن أن أقوله، هو أنه لو كان أعضاء المجلس موجودين، كنا سنقدم النتائج الخاصة بإحالات توصلنا بها تهم هذا الميدان، وكان المجلس سيخرج بقرارات من شأنها إبراز مشاكل ارتفاع الأسعار بشكل عميق.

وإذا عبرت عن رأيي بخصوص مبررات المقاطعين، فسأخرق بذلك القانون، الذي يفيد أن مجلس المنافسة يدرس الأوضاع المنافية لهذه الأخيرة في حال وجودها، من خلال توصله بإحالات أو طلبات رأي، يُعَيِّنُ رئيس المجلس مقررا أو أكثر لدراستها، وعندما يتم تهيئ الملف يقدم للمجلس، الذي يقوم بإصدار بلاغ يكشف فيه قراره النهائي حول الإحالة أو طلب الرأي.

صرحت، في لقاء تواصلي في 2015، بأن المجلس يراهن على مراقبة عمليات التركيز الاقتصادي والاحتكار. فهل تعتقد أن سبب حملة المقاطعة يرجع إلى الاحتكار وتحكم المنتجين في الأسعار؟

ما يمكن أن أوضحه لك، هو بعض أشكال خرق المنافسة بشكل عام، بحيث هناك، مثلا، شركات مهيمنة في قطاع ما، تبدأ في بيع منتوجها بثمن أقل من تكلفته، حينما تدخل شركة جديدة إلى السوق وتنشط في القطاع نفسه، بغية إفشال تجربتها منذ البداية. وهناك، أيضا، حالة أخرى تخص قيام الشركة المهيمنة في مجال معين بتحديد الثمن الذي تريده لبيع منتوجها، باتفاق مع باقي الشركات الناشطة معها في القطاع ذاته، وبعد ذلك تنهج هذه الأخيرة نهجها، لترفع، بدورها، من أثمنة بيع منتوجاتها، مبررين ذلك بكونهم يقومون بالمنافسة.

كما يمكن أن تجتمع شركات مجال معين، وتتفق على تحديد أثمنة متقاربة لبيع منتوجاتها في السوق، ليتجنبوا التنافس والصراع فيما بينهم، لكنهم لا يبيعون بثمن موحد كليا، لكي لا يتم كشف اتفاقهم.

ومن الصعب الحصول على حجج تثبت وجود اتفاقات منافية للمنافسة بين الشركات المذكورة، لأن ذلك يتم في الخفاء. ونحن في مجلس المنافسة، تعرض علينا ملفات شركات تريد أن تندمج وتصبح شركة واحدة، ذات رأس مال ورقم معاملات كبيرين وموقع أكثر هيمنة في السوق. فإذا وجدنا أن ذلك لن يمس بالمنافسة، فإننا نبدي موافقتنا على ذلك، وإذا تبين لنا العكس نرفض.

وماذا عن أشكال خرق المنافسة في المغرب؟

في المغرب، هناك أوضاع غير مواتية للمنافسة، وذلك بصفة عامة دون أن أحدد مجالا معينا. وهذه الأوضاع نجدها، مثلا، في القطاعات الأولوغوبوليستية؛ وهي القطاعات التي نجد فيها ثلاث أو أربع شركات تحتكر السوق في مجال نشاطها، يشجعها عددها القليل على إبرام اتفاقات فيما بينها تخرق المنافسة. وأنا لا أجزم أن هذه الممارسات موجودة في المغرب، وإنما أقول إن القطاعات الأولوغوبوليستية تفتح الباب أمام اتفاقات بين الشركات تؤدي إلى عدم احترام المنافسة.

ونجد، كذلك، القطاع غير المهيكل، الذي لا يحترم المنافسة في كثير من الأحيان، لكونه لا يخضع لقانون الشغل بصفة منظمة، ولا يطبق قوانين الضريبة، ويعمل في خفاء. ووجود هذا القطاع في المغرب هو مسألة عادية، نظرا لكونه دولة في طور الإقلاع، ونحن نتدخل في هذا المجال رغم أننا نجد صعوبة في القيام بذلك.

ما الحل في نظرك لمواجهة غلاء الأسعار بالمغرب؛ هل تقترح العودة إلى نظام دعم أسعار بعض المواد، مثل المحروقات، عبر صندوق المقاصة؟

بالنسبة لي، الحل الأنسب هو الاستمرار في اعتماد قانون حرية الأسعار والمنافسة، أي ألا يتم تحديد الأسعار من قبل جهة معينة، وأن تترك الشركات تتصارع فيما بينها، وهو الأمر الذي سيكون في مصلحة المواطن، بحيث أن الأثمنة ستنخفض والجودة ستتحسن، وفي الوقت نفسه ترك مجلس المنافسة يقوم بأدواره الرقابية.

وصندوق المقاصة، من وجهة نظري، لا يجب الرجوع إليه بالصيغة التي كان عليها. نحن قمنا بدراسة في هذا الشأن، وقدمناها إلى رئيس الحكومة السابق، بحيث بيَّنا له فيها أن عددا من الدول تخلت عن صناديق المقاصة بشكل كلي. كما أننا وجدنا في المغرب أن 80 في المائة من الدعم الذي يقدمه صندوق المقاصة، يستفيد منه، فقط، 20 في المائة من المغاربة، وهم من الأغنياء، بينما يستفيد الباقون من 20 في المائة، وبالتالي فهذا النظام ليس في صالح الفقراء.

وقد اقترحنا على الحكومة المغربية السابقة أن تعتمد الحل نفسه الذي تبنته دولتي البرازيل وإندونيسيا، والمتمثل في التخلي عن صندوق المقاصة بالكامل، وترك سلطة تحديد الأثمنة للسوق. وفي المقابل، تعويض الصندوق بشيك اجتماعي، يسلم للمرأة ويمكنها من شراء السلع من المحلات بأثمنة أقل من تلك التي تباع بها، وفي الوقت نفسه الاحتفاظ بمجلس المنافسة.

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة