لم تتجاوز نسبة إقبال التونسيين على الانتخابات البلدية الأولى من نوعها منذ ثورة 14 يناير، عتبة الـ33.7 في المئة.
وتؤكد هذه النسبة مخاوف سابقة لمحللين من أن يشهد هذا الاستحقاق عزوفا واسعا، خصوصا بعد أن انحصرت نسبة مشاركة الأمنيين والعسكريين نهاية الشهر الماضي في 12 في المئة فقط.
وتختلف تقييمات المحللين بشأن نسبة العزوف خصوصا لدى فئة الشباب.
الأزمة الاقتصادية
يقول المحلّل السياسي، مختار الدّبابي، إن "نسبة العزوف الواضحة في صفوف الشباب تأتي نتيجة لعدم تحملهم سبع سنوات من الثورة دون نتائج تذكر على مستوى توفير مواطن الشغل، فضلا عن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي لا تخفي على أحد".
وبحسب أرقام رسمية، فإن عدد العاطلين من حملة الشهادات العليا في تونس تجاوز ربع مليون شخص في العام الماضي.
وفضلا عن هذه الأسباب، يرى الدبابي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن هناك عوامل أخرى أسهمت في هذه النتائج، "من بينها الدعوات المتكررة للمقاطعة التي نجحت في دفع الفئات الشبابية إلى العزوف النهائي، مع أنها كانت مترددة وغير متحمسة".
ومن منظور الدبابي فيمكن القول إن "دعوات المقاطعة عزلت القوائم المرشحة عن العمق الشعبي، ومن ثمة فالمشاركون في الانتخابات هم الجمهور الحزبي والأيديولوجي وأقارب وأصدقاء المرشحين".
وهذا السبب، يفسر وفقا للمصدر ذاته، "تصدّر حركة النهضة على اعتبار أن جمهورها كتلة شبه ثابتة وإن حصل فيها بعض التبدل".
فالنهضة، يقول المحلل السياسي، "انتخبت من قبل جمهورها الحزبي، وعائلات المستقلين الذين أدمجتهم في قائماتها، فضلا عن استفادة واضحة من التناصف، فقد أخذت جزءا من الجمهور النسائي لنداء تونس الذي كان يتخوف من سيطرة النهضة في السباق".
وقال مسؤولون من حزب النهضة إن النتائج الأولية أظهرت فوز حزبهم في الانتخابات البلدية في تونس متقدما على منافسه العلماني نداء تونس.
عدم معرفة بخصوصية البلديات
من جانب آخر، يعزو خبراء في مجال مراقبة الانتخابات العزوف إلى عدم فهم الناخبين لطبيعة الانتخابات المحلية وخصوصياتها.
وفي هذا السياق، يقول مدير التنفيذي لمرصد "شاهد" لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية، ناصر الهرابي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إن "النخب السياسية والمجتمع المدني فشلا في إبلاغ الناخبين بخصوصية هذا الاستحقاق الذي يهدف لانتخاب ممثلين تُعْهد إليهم إدارة الشؤون المحلية اليومية البسيطة، بعيدا عن التعهدات بالتشغيل والتنمية".
من هذا المنطلق، يرى الهرابي أن "جزءا من الشباب المُقاطع استند في مقاطعته إلى معاقبة الأحزاب على عدم الوفاء بالالتزامات التي قطعتها على الشعب في 2011 و2014، ظنا منه أن الانتخابات البلدية مماثلة للاستحقاقات التشريعية والرئاسية".
ومن بين الأسباب، التي دفعت شقا آخر من المسجلين إلى المقاطعة، يرى الهرّابي أن وجود 350 دائرة بلدية فرض على معظم الأحزاب الاستعانة بأفراد من خارج منظوماتها الحزبية لتأثيث القائمات المترشحة، الأمر الذي يرفضه الناخب الذي لا يرغب في التصويت لشخصيات لا تنتمي إليه فكريا وتنظيميا.
كما يشير الناشط في مجال مراقبة الانتخابات إلى أن تأجيل الانتخابات البلدية في أكثر من مناسبة، مرّ بهذا الاستحقاق من مرحلة الحدث الوطني إلى الحدث العادي، هذا فضلا عن الإشكاليات التي رافقت انتخاب رئيس جديد للهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
وكانت الهيئة قد أجّلت الانتخابات البلدية في أربع مناسبات لأسباب تنظيمية وأخرى تتعلق بغياب توافق حول التواريخ المقترحة، قبل أن يتم تثبيتها في 4 مايو 2018.
المصدر: أصوات مغاربية