أمازيغيات جزائريات يعددن طبقا تقليديا
أمازيغيات جزائريات يعددن طبقا تقليديا

أياما قبيل حلول رمضان، تستعد العائلات الأمازيغية في الجزائر لاستقبال شهر رمضان، يحرص كثير منها على الالتزام بالعادات والتقاليد في هذه المناسبة، رغم اندثار بعض من تلك التقاليد مع مرور الزمن.

وإن تباينت طقوس تحضيرات شهر رمضان من منطقة إلى أخرى، إلا أن للمناسبة حظوة  ومكانة رفيعة لدى الأسر الأمازيغية.

"تيمشراط" و"أيازيظ أحشاذ" عند القبايل

ككل القرى المترامية في جبال جرجرة، دأبت الأسر بقرية ثاوريرث أعمر بولاية البويرة، على استقبال شهر الصيام بجملة من الطقوس، كما يوضح ذلك بلقاسم بوبكر.

​​يقول بوبكر أحد أبناء هذه القرية، إن أقدم مظهر لتحضيرات دخول شهر رمضان هو الوزيعة "تيمشراط"، التي غالبا ما تنظم في القرى والمداشر بمنطقة "القبايل".

وبحسب بوبكر، فإن أهل القرية يشتركون في شراء عجل "أزقر"، يذبح ويوزيع على جميع أسر القرية، فلا يخلو بيت فيها من رائحة اللحم أثناء شهر الصيام.

و تحرص النسوة، أياما قبل رمضان، وفق بوبكر، على تنظيف المنازل والبيوت والأحواش، لـ"تزيينها استعدادا لقدوم الضيف الكريم."

فيما تعمد أخريات، حسب بوبكر، إلى تحضير كمية كبيرة من الكسكس "سكسو" وتجفيفه في ساحة المنزل، إذ يعرف أهل المنطقة بتفضيل الكسكس واللبن في وجبات السحور.

أما رجال القرية، فيختارون "أيازيظ أحشاذ"، وهو دجاج بلدي من الأسواق، ليكون سيد المائدة في "تناصفا ن رمضان" أي في نصف رمضان.

"إزلفن" و"إيغيذ" عند الشاوية

رمضان عند العائلات الشاوية، خاصة في منطقة الأوراس شرق الجزائر، لديه مكانة خاصة في هذه المنطقة أيضا، و"يحظى بنوع من التقديس"، بحسب رئيس جمعية نوميديا، العيد بوشنعة.

​​وعادة ما يجمع رمضان أفراد العائلة الكبيرة حول مائدة واحدة، لذا، يقول بوشنعة في حديثه لـ"أصوات مغاربية"، إن التحضير له يأخذ طابع التضامن والتكافل، من خلال تخصيص ميزانية يشترك فيها الجميع.

ووفق بوشنعة، فإن العائلات الأوراسية، تسعى إلى تحضير "إزلفن" الذي يستخدم في إعداد "الجاري"، الذي يعد الطبق الرئيسي الذي يزين مائدة رمضان في تلك المناطق.

ويشارك أبناء العائلة في شراء "إيغيذ"، وهو "صغير الماعز"، الذي يذبح في اليوم الأول من رمضان، ويوزع بالتساوي على باقي أفراد العائلة الكبيرة، يوضح بوشنعة.

أما النساء، يقول بوشنعة فإن معظمهن يجددن أواني المطبخ، خصوصا آنية "فان" وهس طاجين من الطين، يستخدم في إعداد الخبز التقليدي.

ويكشف المتحدث، أن أبناء القرى في مناطق الشاوية، يعيدون طلاء المساجد وتنظيفها استعداد لشهر رمضان وتأدية صلاة التراويح والعبادات.

"تاركيت" و"غيرجيرة" عند الطوارق

لا يختلف الاستعداد لشهر رمضان عند العائلات التارقية، المستقرة في الجنوب الشرقي الجزائري عن باقي العائلات الجزائرية، كما يقول رئيس جمعية قصور تغورفيت التارقية شالعلي بالقاسم، في حديثه لـ"أصوات مغاربية".

​​رغم أن بعض العادات التارقية اختفت بمرور الزمن، إلا أن العديد منها ما زال متوارثا بين الأجيال، حسب بالقاسم.

من هذه العادات التي بقيت صامدة، وفق بالقاسم، "تاركيت" وهي خليط من التمور مع مستخلص الحليب الجاف، يدعى "أولس" ويكوّر على شكل حبات.

ويضيف بالقاسم، أن النساء التارقيات يقمن بتحضير "تاغفرت"، وهي مزيج بين أوراق البصل والطماطم الجافة، تستعمل أثناء الطهي في شهر رمضان.

وقبل دخول رمضان، تشرع التارقيات أيضا، بحسب بالقاسم، في إعداد أكلة خاصة بالسحور، تدعى "غيرجيرة"، تتكون من الشعير و خلال الشروع في تناولها يسكب عليها الحليب.

''إيوزان ن زنبو'' و"اليقور" عند الشلوح

في الضفة الجنوبية الغربية بالجزائر، تعيش عائلات أمازيغية أخرى، يطلق عليها اسم "الشلوح" أو "القصورية" نسبة إلى قصور شيدوها من الطين.

​​هذه الفئة، تستعد كغيرها من العائلات الأمازيغية لاستقبال شهر رمضان بعادات خاصة بها، كما يؤكد رئيس جمعية تيشرافين مصطفى حمولية لـ"أصوات مغاربية".

تقوم النسوة، بحسب حمولية، بتحضير العديد من المستلزمات الضرورية للشهر الكريم، مثل دشيشة المرمز ''إيوزان ن زنبو''، من أجل إعداد طبق الحريرة ''تاحريرت''.

وتتمثل عملية الدشيشة، وفق حموية، في جني سنابل القمح ''تيزلفت نييردن''، وهي خضراء لم يكتمل نضجها بعد، ويتم درسها، ومن ثم طحن القمح ووضعه في القلل ''تيخوباي''.

ومن العادات الجاري المحافظة عليها في هذه المناطق على غرار منطقة الشلالة، تحضير كسكس رقيق ''أوشو آزداد''، يتناولونه عادة في السحور، إضافة إلى شراء التوابل.

وعندما لا يتزامن رمضان مع موسم جني الخضر، يقول حمولية إن الأسر الشلحية تقوم ب"اليقور"، وهي عملية تجفيف الخضر وكذا "الهرماز" وهو مشمش مجفف لإعطاء مذاق للمرق.

كما تعكف العائلات وفق حمولية، على تحضير "الخليع"، وهو عبارة عن الشحم مع جلد اللحم "تيلماي" ويضاف إليه الملح، ليحل محل الزيت واللحم في الطهي.

"تيني" و"لفاح" عند المزابية

إذا كانت الجزائر قاطبة تستقبل شهر الصيام بأبعاد وروابط مشتركة في الغالب، فإن رمضان في وادي ميزاب، يكتسي خصائص ومميزات قد تختلف عن باقي مناطق البلاد، حسب أنيس الهيشر.

​​ويقول أنيس وهو من أبناء مزاب، في حديثه لـ"أصوات مغاربية"، إن المنازل المتلاحمة التي تحف قصور وادي ميزاب تتحول إلى ورشات مفتوحة، تشرف عليها نساء يتحلقن جماعات حول كميات وأصناف مختلفة من البهارات .

ودرجت العادة، وفق أنيس، أن العائلات الميزابية لا تشتري مثل هذه المواد جاهزة، بل تحرص النسوة على تحضيرها، فتقوم بغسلها وتنقيتها ثم طحنها، تدعى هذه الجلسة ب "الصرخت".

ولعل سيّد تلك المواد، يوضح أنيس، القمح أو ما يعرف في المنطقة بـ "الفريك" المتربع لموائد الميزابيين طيلة شهر رمضان، فضلا عن استخدام آلات رحي صخرية تقليدية، لا تتواجد خارج أسوار ميزاب.

من المظاهر التي استعرضها أنيس أيضا، الحركية التي تعرفها الأسواق العريقة للمنطقة، لا سيما انتعاش تجارة الحبوب والبهارات فيها.

كما تقبل العائلات المزابية على التمور المحلية "تيني"، بحكم الرابط العرفي والتاريخي بين النخلة وشخص الميزابي، كما يقول أنيس.

المصدر: أصوات مغاربية.

مواضيع ذات صلة