دعا الوزير الأول الجزائري، أحمد أويحيى، إلى الاعتماد على الجزائريين القدامى (الأقدام السوداء) من أجل مساعدة الجزائر في التغلغل داخل الأسواق الدولية.
وجاءت كلمة المسؤول الجزائري خلال حفل توزيع جائزة "أفضل مصدر جزائري لعام 2018".
وأثار هذا التصريح جدلا كبيرا في الساحة الجزائرية على خلفية التوتر الكبير الذي يسود العلاقة بين الجزائر وهذه الفئة خلال مرحلة الاستعمار.
الحديث عن الاقدام السوداء . هل يعتبر شرط لتقديم الدعم الفرنسي للعهدة 5؟
— moha ali (@abouali31) June 2, 2018
لانها من التابوهات” التاريخية في الجزائر.. دعوة رئيس وزراء الجزائر للتعاون مع “الأقدام السوداء” تفجر جدلا وخصومه من الطبقة ويعتبرونها https://t.co/JHWoAXKio4
— samirrekibi (@samirrekibi1) June 3, 2018
تحديث l أصل الحكاية
"الأقدام السوداء" لقب كان قد أطلقه الجزائريون على الأوروبيين، من الفرنسيين والإيطاليين والإسبان والمالطيين، الذين جاؤوا مع الاستعمار الفرنسي سنة 1830، هذا ما يؤكده الباحث في التاريخ، منتصر أوبترون، مرجعا سر هذه التسمية إلى أن هؤلاء المعمرين الأوائل كانوا يرتدون أحذية سوداء.
ويقول أوبترون لـ"أصوات مغاربية" إن هذه الفئة من الأوروبيين "استولت على أراضي الجزائريين بمجرد نزولها من البواخر التي نقلتها من أوروبا"، مؤكدا بأنهم "لم يكونوا موجودين في الجزائر ولم يملكوا فيها شيئا قبل هذا التاريخ".
في المقابل، يقول رئيس جمعية حماية المقابر المسيحية واليهودية في الجزائر، جاك كافانا، وهو من "الأقدام السوداء" ومولود في الجزائر العاصمة، إن هؤلاء الأوروبيين الأوائل بالجزائر "شكلوا أجيالا متعاقبة في الجزائر، وصارت لهم أراض ومساكن، وكان عددهم، عند مغادرتهم الجزائر عشية استقلالها سنة 1962، ما بين 1.2 و1.3 مليون شخص، وُلدوا في الجزائر ولا يعرفون وطنا غيرها".
الخيارات الثلاثة
حملت اتفاقيات إيفيان، التي استبقت استقلال الجزائر، بنودا شملت ما تعلق بحقوق الفرنسيين المولودين في الجزائر، المتمثلين في "الأقدام السوداء".
ونصت الاتفاقية، حسبما صرحت به رئيسة جمعية "مناهضة الفكر الاستعماري في الجزائر"، المحامية فاطمة الزهراء بن براهم، لـ"أصوات مغاربية"، على أن للأوروبيين الذين ولدوا في الجزائر مهلة ثلاث سنوات، وخيروا بين ثلاثة خيارات.
ويعرض الخيار الأول على هؤلاء الأجانب البقاء في الجزائر، ثم يحصلون بعدها على الجنسية الجزائرية، ويحتفظون بكل ممتلكاتهم.
أما الخيار الثاني، فشمل بقاء هؤلاء المعمرين على جنسيتهم الفرنسية، ويحتفظون بممتلكاتهم ويُعتبرون أجانب.
أما الخيار الثالث، فكان موجها للذين يختارون مغادرة الجزائر، إذ أُخبروا، بموجب الاتفاقية، أنه بعد ثلاث سنوات لن يكون لهم الحق في شيء، وستصبح ممتلكاتهم ملكا للدولة الجزائرية.
وقد أصدرت الجزائر، في 21 ماي 1968، قرارا يقضي بتأميم ممتلكات "الأقدام السوداء" الذين غادروا الجزائر واعتبرتها ملكا للدولة، وفقا لاتفاقية إيفيان، وطبقا لأحكام الأمر رقم 66 – 102 والمرسوم 63-388، المتعلقان بنقل الملكية العقارية لفائدة الدولة.
مطلب يتجدد
مطالب "الأقدام السوداء" تتجدد اليوم، وفق ما يكشفه رئيس جمعية حماية المقابر المسيحية واليهودية في الجزائر، جاك كافانا، لـ"أصوات مغاربية".
كافانا يقول إن ما يريده الأوروبيون المولودون في الجزائر هو الحصول على الجنسية الجزائرية، أما العقارات فهناك من بقي في الجزائر بعد الاستقلال وما زال يحتفظ بممتلكاته، وهناك من لا يزال يطالب بها.
"أنا من أصول إسبانية وكان والداي يقيمان في منطقة سعيدة غرب الجزائر، رحلا مع الاستقلال، واليوم أقول إنني أنتمي إلى هذه البلاد لأن فرنسا طردتنا عشية وصولنا إليها. هي لا تعترف بنا، وأذكّر بأن رئيس بلدية مرسيليا وقتها قال: ارموا هؤلاء في البحر!"، يقول كافانا مبررا مطالب "الأقدام السوداء" حاليا انطلاقا من تجربته الشخصية.
وردّا على مطلب منح "الأقدام السوداء" المقيمين بالجزائر الجنسية الجزائرية، تقول المحامية فاطمة الزهراء بن براهم: "ليس لهؤلاء الحق في شيء اليوم، لقد حصلوا على تعويض من الجزائر سنة 1965 أيام الرئيس الأسبق أحمد بن بلة".
وتضيف بن براهم أن "هؤلاء الأوروبيين كانوا قد حصلوا أيضا على تعويض ثان أيام الرئيس بومدين، كما منحتهم فرنسا تعويضا كذلك".
"إنهم رفعوا دعاوى أمام المحكمة الأوروبية يطالبون الجزائر بالتعويض، لكن المحكمة رفضت دعواهم لعدم التأسيس، وأنا على اطلاع بهذا الموضوع جيدا"، تقول بن براهم.
وتضيف: "لقد جاؤوا مع الاستعمار واختاروا أن يرحلوا معه، أما الذين بقوا منهم فما زالوا يتمتعون بحقوقهم كجزائريين أو كأجانب مقيمين في الجزائر ولم يمسّهم أحد".
المصدر: أصوات مغاربية