نفى وزير الشؤون الدينية الجزائري، محمد عيسى، أن تكون الحكومة قد أغلقت كنائس بالجزائر، وقال مؤكدا "إن ما تم إغلاقه عبارة عن مؤسسات تربوية أو سكنات أو محلات تجارية، تحولت بإرادة أحادية من طرف بعض الجمعيات إلى أماكن للعبادة ولا يتعلق الأمر بكنائس كما ينص عليه القانون".
ودعا الوزير عيسى الجمعيات الدينية الناشطة بالجزائر، إلى احترام القوانين التي تحدد شروط وقواعد ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين، التي يضمنها الدستور الجزائري، كما نقلت وسائل إعلام محلية.
وكان تقريرٌ أعدته الخارجية الأمريكية الشهر الماضي، أشار إلى تضييق الحكومة الجزائرية على الأقليات الدينية، وخص بالذكر "المسيحيين، الذين أغلقت كنائسهم".
لكن الوزير عيسى، أكد أن الجزائر لم تغلق كنائس وإنما أغلقت أماكن خصصت لممارسة شعائر دينية من دون ترخيص، مؤكدا أن القانون يطبق بالجزائر حتى على المسلمين الذين يؤسسون دور عبادة من دون ترخيص، ولا تستجيب لمعايير السلامة المتفق عليها.
نظريات المؤامرة
في قراءة أولية لتصريح الوزير، أكدت الناشطة الحقوقية، نزيهة معلم، أن الجزائر بتأكيدها إغلاق دور عبادة إسلامية، إلى جانب دور خصصت لأداء الطقوس والصلوات المسيحية، تريد "تأكيد وقوفها على مسافة واحدة مع جميع الجماعات الدينية الموجودة بالجزائر"، لكنها تثبت بالمقابل "عدم قدرة على التحكم في قطاع الشؤون الدينية عامة، وتسيير دور العبادة على وجه التحديد" بحسب الناشطة الحقوقية.
وفي حديث لـ"أصوات مغاربية"، أكدت معلم أن تعاطي السلطات الجزائرية مع دور العبادة "لا زال ينطلق من عن مبدأ الريبة والمؤامرات".
وتابعت "لا بد أن تؤسس الجزائر لقانون واضح بهذا الخصوص، وتساعد على بناء دور عبادة للأقليات الدينية، ما دامت هناك حاجة لذلك".
من جانبه، يؤكد الهادي عبد الجبار، عن مديرية الشؤون الدينية بولاية النعامة، أن الجزائر تتوفر على أماكن عبادة للأقليات المسيحية، عبر كامل المناطق التي تتركز فيها الأقلية المسيحية.
اقرأ ايضا: غلق كنيستين بالجزائر.. إجراء قانوني أم تضييق؟
وفي حديث لـ"أصوات مغاربية"، أكد المتحدث، أن وزارة الداخلية ووزارة الشؤون الدينية، تعملان على التأكد من هوية جميع القائمين على هذه الأماكن، التي سمتها الصحافة "كنائس"، مؤكدا أنه "من حق أي دولة حماية مواطنيها وتأطير الممارسة الدينية على أرضها".
لكن الحقوقية، نزيهة معلم تشدد على الجانب التنظيمي لدور العبادة، الذي يعتبر في نظرها، "نقطة ضعف الجزائر".
"الأمر يتعلق بجزائريين، هل لهم الحق في ممارسة شعائرهم في الحي الذي يسكنوه أم لا؟" تتساءل الناشطة الحقوقية.
تضييق أم سوء تسيير؟
أما الهادي عبد الجبار، عن مديرية الشؤون الدينية بولاية النعامة، فيلفت إلى قبول الجزائر للملاحظات التي تضمنها تقرير الحريات الدينية، الذي أعدته الخارجية الأميركية، معتبرا حديثها عن إغلاق تلك الأماكن "من قبيل الهفوات التي تضمنها التقرير".
ويشير الهادي عبد الجبار، بدوره إلى الجانب التنظيمي في قرار الغلق الذي طال، وفقه، جميع دور العبادة التي أنشأتها جمعيات دينية غير معترف بها، سواء كانت مسلمة أم مسيحية.
"لا يجب الخلط بين التضييق على الأقليات، التي هي تهمة، وتسيير دور العبادة، التي هي المهمة الرئيسة التي تضطلع بها الحكومة" يؤكد المتحدث نفسه.
من جانبه، يرى الباحث في علم الاجتماع، نجاح مبارك، أن مسألة الحريات الدينية بالجزائر، حسمت على مستوى التشريعات، لكنها "تبدو متعثرة على مستوى التطبيق، والجانب التنظيمي لدور العبادة، يعطي الصورة الحقيقية لتعثر الجزائر في المجال".
وفي حديث لـ"أصوات مغاربية" أوضح المتحدث أنه "لا يمكن اتهام الجزائر بالتضييق على الأقليات لأن واقع الأمر يكذب ذلك".
ويستدل مبارك بكثرة الشكاوى من قبل الأغلبية المسلمة، بخصوص غلق المصليات ببعض الأحياء، مؤكدا في السياق وجود مشكل تسيير دور العبادة "بالفعل" في الجزائر.
المصدر: أصوات مغاربية