Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

مشجعون مغاربيون في روسيا لدعم المنتخبات المغاربية - أرشيف
مشجعون مغاربيون في روسيا لدعم المنتخبات المغاربية - أرشيف

إعلان التخلي عن الجنسية، أو إتلاف الوثائق الثبوتية بتمزيقها أو إحراقها، بهذا الشكل صار بعض المواطنين في عدد من البلدان، بما فيها المغاربية، يعبرون عن سخطهم وغضبهم إزاء مؤسسة ما، مسؤول ما، أو حتى الدولة ككل.

أسلوب احتجاجي صادم وغير مبرر بالنسبة للبعض، بينما يراه آخرون وسيلة للتعبير عما يعانيه أولئك الأشخاص في بلدانهم، مع العلم أن إسقاط الجنسية عن أي مواطن في البلدان المغاربية ليس بالأمر الهين وفق بعض القوانين أو حتى بالممكن وفق أخرى، ولو أراد الشخص المعني ذلك.

السياق والسوابق في المنطقة

خلال الأيام القليلة الماضية تداولت مجموعة من وسائل الإعلام في موريتانيا والمغرب خبر إعلان عالم ومقدم برامج موريتاني تخليه عن الجنسية الموريتانية، ومبايعته ملك المغرب، محمد السادس.

وحسب المصادر نفسها فإن الأمر يتعلق بالحسن ولد محمد المختار ولد الإمام الجنكي، الذي نُسب إليه تصريح بعزمه التخلي عن جنسية بلاده ومبايعة ملك المغرب، وذلك فور انتهاء ولاية الرئيس الموريتاني الحالي، الأمر الذي برره بـ"تكرار التجارب السياسية الفاشلة التي توالت على موريتانيا" وفق ما جاء في التصريحات المنسوبة إليه.

في المغرب أيضا، سبق لعدد من الأشخاص أن صرحوا برغبتهم التخلي عن جنسيتهم، كالقاضي السابق محمد قنديل، الذي  أعلن عام 2015، عزمه إرسال طلب للتنازل عن الجنسية المغربية، وذلك بعد صدور قرار عزله من سلك القضاء.

كما أن هناك مغاربة، ممن اختاروا التعبير عن غضبهم بعد الاعتقالات التي طالت نشطاء في "حراك الريف"، العام الماضي، بإتلاف جوازات سفرهم المغربية، إذ انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لأشخاص وهم يقومون بـإحراقها أو تمزيقها.

وسيلة احتجاجية أم إهانة للوطن؟

حسب الحقوقي والمحامي الجزائري، عبد الغني بادي فإنه "حين يكون النظام قمعيا، وحين تغيب العدالة الاجتماعية يتولد لدى المواطن شعور بعدم المواطنة، وحينها يتصرف وفقا لهذا الشعور الإقصائي"، الذي يعبر عنه بطرق مختلفة كإتلاف الوثائق الثبوتية التي تؤكد انتماءه لدولة معينة، أو بإعلانه التخلي عن جنسيته.

مع ذلك يؤكد بادي ضمن تصريحه لـ"أصوات مغاربية" على أن هذا الشعور "ليس حقيقيا إنما وسيلة تعبيرية ناقمة على السلطة"، ذلك أنه "إذا بحثنا في نفسية هذا المواطن سنجد أن لديه شعورا بالمواطنة، ولكن السلطة السياسية سلبته إياه".

بدوره يرى الحقوقي والمحامي الليبي فيصل الشريف، بأن الظروف التي يعانيها مواطنون في بعض البلدان تجعلهم يفقدون شعورهم بالانتماء إلى أوطانهم.

ويتابع المتحدث تصريحه لـ"أصوات مغاربية" مشيرا بشكل خاص إلى البلدان حيث يعاني الناس من سوء ظروف المعيشة، وحيث تنتشر الحروب بشكل يدفع البعض إلى البحث عن بلدان يشعرون فيها بإنسانيتهم، "فهناك مواطنون في عدة بلدان هانت عليهم حتى أرواحهم فما بالك بانتماءاتهم إلى أوطانهم" يقول الشريف.​

في المقابل، يرى المحامي الموريتاني، محمد المامي، بأن الأمر بعيد عن كونه وسيلة احتجاجية، بل إنه يعتبر، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن إعلان شخص ما تخليه عن جنسيته أو إتلاف وثائقه الثبوتية بحرقها أو تمزيقها "إهانة  للوطن".

موقف شبيه، يعبر عنه أيضا رجل القانون والحقوقي المغربي، محمد الشمسي، الذي ينفي ضمن تصريحه لـ"أصوات مغاربية" عن ذلك السلوك صفة "الأسلوب الاحتجاجي".

فلا شيء، حسب الشمسي، يبرر هذا السلوك الذي يراه "نوعا من الاستسلام"، إذ يقول "قد تضيق بك السبل، وقد تهاجر ولكن يبقى انتماؤك إلى وطنك ثابتا.. ووطنك كرقعة لم يضرك بشيء بل بالعكس".  

لكن هل  يكفي إعلان التخلي عن الجنسية أو حتى التقدم بطلب لذلك الغرض لإسقاطها؟ وهل هذا الأمر متاح أصلا في المنطقة المغاربية؟

حالات استثنائية وشروط محدودة

في موريتانيا والجزائر، يمكن سحب الجنسية كما يمكن التخلي عنها، بينما يمكن سحبها في ليبيا دون إمكانية التخلي عنها، ولكن الأمر في جميع هذه الحالات ليس باليسير، فهو لا يتم إلا في حالات استثنائية ووفق شروط محدودة.

المحامي الموريتاني، محمد المامي، يوضح بأن "قانون الجنسية لا يتيح التقدم بطلب للتخلي عن الجنسية إلا في حالة واحدة"، ويتعلق الأمر بـ"حالة المرأة الموريتانية التي تتزوج من أجنبي" وذلك شرط أن يكون بإمكانها الحصول على جنسية أجنبية.

أما ما دون ذلك، فلا يمكن التخلي عن الجنسية، إنما يمكن سحبها من قبل السلطات.

وهذا الأمر يتم أيضا في حالات محددة هي: حالة الحصول على جنسية دولة أجنبية دون أن يكون الحاصل عليها قد تقدم بطلب إذن لازدواجية الجنسية، كما يمكن، وفق المامي دائما، سحب الجنسية الموريتانية المكتسبة خلال أجل عشرين سنة في بعض الحالات، كأن يدان الشخص بجريمة من جرائم الدولة أو يدان بجناية عقوبتها أكثر من خمس سنوات.​

في الجزائر، "السلطات لا تمنح الجنسية ببساطة، كما لا تنزعها ببساطة"، هذا ما يؤكده الحقوقي والمحامي عبد الغني بادي، الذي يشير إلى حالات استثنائية يتم فيها سواء التخلي أو سحب الجنسية.

ووفق ما يوضحه المتحدث فإن الاستجابة لطلب التخلي عن الجنسية لا يتم ببساطة، وليس رهينا فقط برغبة المعني، بل إنه قد يتم بعد دراسة دقيقة للملف والمبررات المرفقة بالطلب من قبيل أن يكون صاحبه بصدد التحضير للحصول على جنسية بلد آخر اشترط عليه التخلي عن جنسيته الأصلية.

السحب بدوره لا يكون إلا في حالات استثنائية، إذ يمكن أن يتم ذلك إذا ثبتت ضد الشخص المعني  تهم ترتبط بـ"جرائم خطيرة تمس بالمصلحة العليا للوطن".

أما في ليبيا، وتبعا لما جاء في قانون الجنسية الليبي، الصادر والمعدل عام 2010، فإنه لا توجد إمكانية لتقدم شخص ما بطلب للتخلي عن الجنسية، ولكن في المقابل يمكن إسقاط أو سحب الجنسية في حالات معينة.

وحسب ما يوضحه المحامي والحقوقي فيصل الشريف، فإن الجنسية الليبية يمكن أن تسقط عن شخص ما في حال حصوله على جنسية أخرى، ذلك أن القانون الليبي " لا يقبل بازدواج الجنسية إلا في حالات خاصة حددها القانون، واشترط فيها موافقة السلطات المعنية".

ويتابع الشريف موضحا بأن "الجنسية مقدسة بالنسبة لليبي، ولا تسحب منه إلا في حالات تتعلق بالأمن القومي"، مشددا على عدم إمكانية طلب إسقاطها، إذ يكفي، حسبه، لمن يرغب في ذلك الحصول على جنسية أخرى، وحينها ستسقط عنه بشكل تلقائي.

"الجنسية ليست هدية"

إذا كان السحب والتخلي أو أحدهما أمرا متاحا في البلدان السالفة، فإنها مسألة غير ممكنة وفق قوانين كل من تونس والمغرب، إذ لا يمكن لأي كان التقدم بطلب للتخلي عن جنسيته، كما لا يمكن للسلطات سحبها منه.

"الجنسية ليست هدية بل إنها حق أصيل لكل مواطن"، يقول رجل القانون والحقوقي المغربي، محمد الشمسي، الذي يشير إلى عدم وجود ما يفيد إمكانية التخلي أو سحب الجنسية في المغرب، لدرجة أنه حتى في القانون الجنائي أقصى ما يمكن أن يُحكم به على شخص ما، هو الحرمان من ممارسة الحقوق السياسية، بينما لا يمكن معاقبة أي شخص بسحب جنسيته كما لا يمكن الاستجابة لطلبه بالتنازل عنها.

في المقابل، وفي الوقت الذي يعبر البعض عن سخطهم على بلدانهم ورغبتهم التخلي عن انتماءاتهم إليها بسلوكات من قبيل حرق أو تمزيق جوازات السفر أو بطائق الهوية أو الأوراق النقدية، يلفت المتحدث، إلى أن هذا الأمر وإن لم يكن له أثر قانوني على جنسية الفرد فإنه يعتبر جريمة.

في تونس، الوضع لا يختلف كثيرا عن المغرب، إذ يؤكد الخبير القانوني التونسي، قيس سعيد، عدم إمكانية سحب الجنسية أو الاستجابة لطلب بالتخلي عنها.

ويتابع سعيد تصريحه لـ"أصوات مغاربية"، موضحا أن "القوانين عموما، سواء على المستوى الوطني أو على المستوى الدولي تمنع سحب الجنسية عن المواطنين" مردفا أن هذا الأمر "معمول به في أغلب الدساتير".

ورغم أنه يشير إلى أن مسألة طلب التخلي عن الجنسية "غير مطروحة" في تونس، إلا أنه يلفت في الوقت نفسه، إلى أنه حتى في حال "عبر مواطن ما عن رغبته في التخلي عن جنسيته فإن الأمر لا يكون له أي أثر على وضعه القانوني" بحيث "لا يمكن إسقاط الجنسية بحكم الدستور".

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة