شهدت أسعار لحوم الدجاج في الجزائر، في الآونة الأخيرة، ارتفاعا، تزامنا مع فترة الصيف التي تشهد إقبالا على استهلاك هذا النوع من اللحوم.
هذا الغلاء المفاجئ الذي مسّ لحوم الدجاج دون غيرها أثار احتجاجا لمواطنين، ترتب عنه إطلاق حملة على الشبكات الاجتماعية تدعو إلى مقاطعة شرائه.
من المذبح إلى الجزائر
مع بداية النهار، يشهد حي "صلامندر" بمستغانم، غرب الجزائر، حركة كثيفة في موسم الصيف، بسبب توافد المصطافين عليه بأعداد كبيرة، لقربه من شواطئ البحر.
محمد، أحد الجزارين بالحي، يوضح أن أسعار لحوم الدواجن غير مستقرة، ومرتبطة بأسعار السوق، موضحا أنه لا علاقة للجزارين بارتفاعها، على اعتبار أن "الجزار مجرد وسيط بين الزبون والفلاح، يتكسب من وراء هذه التجارة أرباحا مقبولة تكفيه لسد حاجاته".
"ليس لدينا أي دخل في الأسعار، والدليل على ذلك أننا نشتري اللحوم بسعر معين، نضيف إليها نسبة ربح قليلة"، يوضح محمد.
ويقول هذا الجزار إنه ليس للجزارين أية علاقة مباشرة بمربي الدواجن، موضحا أن تعاملهم اليومي معهم يتم دائما عبر موزعين يمتلكون مذابح يعد فيها الدجاج للبيع.
انطلاقا من ذلك، يلقي هذا الجزائر بمسؤولية ارتفاع أسعار الدواجن على عاتق مربي الدجاج والوسطاء الذين يوزعونها على الجزارين.
غير أن فرضية أخرى تفسر سر ارتفاع أسعار الدجاج بالجزائر تظهر داخل المذابح التي يجري فيها ذبح الدجاج وإعداده للبيع.
في الطريق الرابط بين بلديتي "عين النويصي" و"الفرناكة"، على بعد 50 كيلومترا جنوب ولاية مستغانم، يشتغل "الحاج" في أحد هذه المذابح.
هذا العامل لم ينكر الزيادات التي عرفتها أسعار لحوم الدجاج، مؤكدا أن عمل الشركة التي يعمل فيها ينحصر في شراء الدجاج وذبحه.
"نشتري في كل يوم ما بين 3 آلاف إلى 4 آلاف دجاجة حية من المربين"، يوضح المتحدث مضيفا أن تناقص هذا العدد في فصل الصيف هو الذي يؤدي إلى ارتفاع أسعار الدجاج.
"سبب الغلاء راجع إلى عزوف الكثير من المربيين عن هذا النشاط في فصل الصيف، تفاديا للخسائر بسبب عدم توفر المحاضن على أجهزة تهوية وتبريد، يقول الحاج شارحا.
غير بعيد عن هذه الوحدة الإنتاجية، تنتشر الكثير من المحاضن الخاصة بالدجاج، بينها شركة "فود براتري".
يوسف، شاب ثلاثيني، أحد العمال في هذه المؤسسة الخاصة، يقدم عاملا آخر يفسر، من منظوره، غلاء لحوم الدجاج، إذ يربط ذلك بالزيادات التي شهدتها أسعار العلف المخصصة للدجاج، موضحا أن المربين لا يتحملون مسؤولية هذه الزيادة.
"ارتفعت أسعار الصوجا والذرة، وهي مواد علفية خاصة بالدجاج بـ3.30 دولار في القنطار، وقد أصبح سعرها اليوم 37.30 دولارا، بعدما كان قبل أيام في حدود 34 دولار للقنطار"، يوضح يوسف.
ويكشف المتحدث أن ألف دجاجة تستهلك 60 قنطارا، خلال 45 يوما، وهي المدة التي يتطلبها نمو الكتاكيت حتى تصير دجاجا جاهزا للاستهلاك.
"لولا ارتباط المؤسسة بعقود تجارية مع مؤسسات تلزمها بتوفير الدجاج الموجه للاستهلاك، لكان صاحب المؤسسة توقف عن النشاط في فصل الصيف، الذي يكثر فيه نفوق الدجاج بسبب الحرارة"، يستطرد المتحدث.
رأي مربي الدجاج
كل هذه العوامل المذكورة التي حاولت تفسير ارتفاع أسعار الدجاج، يؤكدها رئيس المجلس المهني المشترك لشعبة مربي الدواجن، مومن قلي، في حديثه مع "أصوات مغاربية".
وبحسب قلي، فإن السبب المباشر لهذه الزيادات هو "عزوف المربيين عن هذا النشاط خلال فترة الصيف، بسبب ارتفاع درجة الحرارة وعدم توفر إمكانيات التهوية والتكييف".
فصهد الصيف يفضي إلى تسجيل خسائر مادية، جراء نفوق الدجاج بفعل الحرارة وانتشار الأمراض في هذه الفترة، كما يوضح رئيس مجلس مربي الدواجن بالجزائر.
فضلا عن ذلك، يرى المتحدث أن هناك سببا آخر لارتفاع أسعار الدجاج يتمثل في "ارتفاع المواد الأولية للأعلاف التي شهدت أسعارها زيادة ملحوظة، بعد فرض ضريبة الرسم على القيمة المُضافة" .
غير أن مومن قلي يشير، في المقابل، إلى أن هذه الأسعار بدأت في الانخفاض خلال الأسبوع الماضي، مؤكدا أنها ستشهد استقرارا في غضون الأيام القليلة القادمة، رغم أن أسباب ارتفاعها ما زالت قائمة.
المصدر: أصوات مغاربية