Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

مغاربة في مسجد بمدينة طنجة شمالي المغرب
مغاربة في مسجد بمدينة طنجة - أرشيف

ينص القانون الجنائي المغربي على عقوبات ذات صلة بممارسة الدعوة إلى ديانة أخرى أو التبشير المسيحي.

ويثير التنصيص على عقوبات ذات صلة بهذا الفعل (التبشير) جدلا بين من يرى بضرورة عدم تجريمه من منطلق أن "الغرب لا يضع حواجز قانونية على من ينشرون ويدعون إلى اعتناق الإسلام"، ورأي آخر يؤيد التجريم من منطلق أن المبشرين لهم أهداف "بعيدة عن الدين" ولكونها تستهدف بالخصوص "الفئات الهشة".

في المقابل فإن رأيا ثالثا يذهب إلى كون التجريم مرتبط بوقائع معينة "مصاحبة لعملية التبشير"، من قبيل استعمال العنف والإكراه أو حتى "الإغراء" لـ"زعزعة عقيدة مسلم"، وهو المفهوم الذي يثير بدوره آراء مختلفة تذهب بالبعض حد المطالبة بحذفه من القانون الجنائي.

"مناقض للدستور"

بالنسبة للباحث والمفكر العلماني المغربي، أحمد عصيد، فإن السبب في هذا الأمر هو وجود "تناقض بين القانون الجنائي وبين الدستور".

فالدستور ينص على حرية ممارسة الشعائر الدينية بالنسبة للجميع، بينما يتم "استعمال القانون الجنائي ضد من يمارس شعائرا غير الشعائر الإسلامية باستثناء اليهود"، وهو تعامل يصفه المتحدث بكونه "لا دستوري ومخالف لالتزامات الدولة وقوانين البلاد كما أنه تعامل غير منطقي وغير واقعي".

فالمبدأ الحقوقي، يقول عصيد "يفرض أن الاعتراف بالحق في ممارسة الشعائر الدينية يعني أيضا الاعتراف بالحق في التعريف بالعقيدة والدين كما يقوم بذلك جميع المتدينين في العالم" بمن فيهم المسلمين الذين "خلقوا أزيد من 2500 جمعية إسلامية في الولايات المتحدة الأميركية لنشر الإسلام بالإضافة إلى آلاف الجمعيات في ألمانيا وفرنسا وغيرهما، والتي تحظى بتمويل جيد لنشر الإسلام ولا أحد يقول للمشرفين عليها: أنتم مجرمون!".

طفل رفقة والده بمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء
'الإسلام دين الدولة' في الدستور.. هل المغرب دولة دينية؟
"الإسلام دين الدولة"، هذا ما ينص عليه الفصل الثالث من الدستور المغربي، عبارة يختلف الكثيرون في تأويلها، بين من يرى أنها مقتضى يحدد فقط دين الأغلبية في المغرب دون أن يقصي باقي الأقليات الدينية، وبين من يرى فيه مدخلا لـ"اضطهاد" الأقليات الدينية وعدم اعتراف بالحق في حرية المعتقد.

​​في المقابل فإن "من يُعرف بديانته في البلدان الإسلامية يصبح مجرما"، وهو وفق المتحدث "دليل على الانغلاق الفكري والعقدي ودليل أيضا على تخلف التجارب الديمقراطية في هذه البلدان".

في السياق نفسه، يتطرق عصيد ضمن تصريحه لـ"أصوات مغاربية" إلى عبارة "زعزعة عقيدة مسلم" التي يتضمنها القانون الجنائي، والتي يرى ضرورة حذفها منه بسبب "المظالم التي تُرتكب باسمها".

فهي عبارة "لا تنطبق على من اعتنق دينا آخر إنما هي موجهة أساسا ضد التعريف بالديانات أي التبشير" غير أنها مع ذلك، يقول عصيد "استعملت في بعض الأحيان حتى ضد من اعتنقوا دينا آخر غير الإسلام ولو لم يمارسوا التبشير".

"حركة مسيسة"

من جانبه، يرى عضو "حركة التوحيد والإصلاح"، ومدير "المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة"، امحمد الهلالي، ضرورة التمييز بين التبشير "بمعنى الدعوة إلى الدين التي رفع الإسلام جميع الحواجز عنها" والتبشير بمعنى "المشاريع ذات البعد الأيديولوجي والسياسي".

فتلك "المشاريع"، يقول الهلالي "غايتها تفكيك البلدان، خاصة التي تتميز بانسجام على المستوى الديني"، مستطردا أن "هناك محاولة لاستنبات أقليات تحت ستار ديني لزعزعة الأوطان والانتقاص من سيادتها، وهذا مدخل لاستعمار جديد".

ولذلك، يشدد المتحدث على أن "كل دولة ذات سيادة معنية بحماية أمنها العقدي والقيمي والسياسي عندما يكون الغرض تحقيق هذه الغايات السياسية والأيديولوجية".

​​ويتابع المتحدث مستدلا على موقفه هذا بطبيعة الفئات المستهدفة بتلك العملية، إذ يرى أنه يتم "استغلال الهشاشة ورغبة الشباب في الهجرة" كما يتم، وفقه، "التستر وراء الأعمال الخيرية لاستهداف الفئات الهشة أو القاصرة التي تمنعها ظروفها من التمييز فتسقط في الإكراه".

ولكن كيف يمكن التمييز بين الدعوة ذات الهدف الديني المحض والدعوة التي لها خلفيات سياسية وأيديولوجية؟

"هذا ليس شأن القانون" يجيب الهلالي مؤكدا على أن "الأفكار تواجه بالأفكار وهو ما يتم في أماكنها، من يمكنه التمييز والبحث بطريقة راشدة وعاقلة فهو يقوم بذلك بمحض إرادته، أما امتطاء تلك الوسائل بغرض تحقيق الأهداف السالفة، فهو أمر مرفوض".

"الأركان الجرمية"

ينص الدستور المغربي على الحق في ممارسة الشعائر الدينية، وهنا تذهب آراء إلى أن الاعتراف بهذا الحق يفترض الاعتراف أيضا بالحق في التعريف بالعقيدة، غير أن آراء أخرى تشدد على ضرورة التمييز بين الأمرين على الأقل من الناحية القانونية.

وهنا كثيرا ما يتم استحضار مفهوم "زعزعة عقيدة مسلم" الذي يفرض وفق البعض ممارسة الشعائر بالنسبة لمعتنقي الديانات الأخرى بشكل "فردي" مع "عدم إمكانية أن ينشروا عقيدتهم ومعتقداتهم أمام جمهور المسلمين".

في هذا السياق، يرى المحامي في هيئة تطوان، نوفل البعمري بأن "القانون الجنائي واضح في المادة 220 حيث ينص على عقوبات حبسية تختلف مدتها حسب الوقائع المصاحبة لعملية التبشير".

​​ويتابع البعمري تصريحه لـ"أصوات مغاربية" موضحا أن المادة السالفة حددت العقوبة من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات لكل من استعمل العنف أو التهديد لإكراه شخص أو أكثر على مباشرة عبادة ما أو على حضورها أو لمنعهم من ذلك.

ويقول المتحدث إنه انطلاقا "فالمادة واضحة" فيما يتعلق بتحديد الأركان الجرمية التي من خلالها يعاقب المشرع المغربي على عملية "التبشير" سواء من خلال العنف والإكراه أو التهديد أيضا على مستوى استمالة وإغراء أشخاص آخرين لزعزعة عقيدتهم الدينية من خلال استغلال ضعفهم أو حاجتهم إلى المساعدة.

وفي الوقت الذي قد يرى البعض بأن هذا الأمر يتعارض مع الدستور الذي يقول بأن الدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية، فإن المتحدث يوضح أن القانون الجنائي لا يعاقب على تغيير الديانة أو الاعتقاد بديانة جديدة ولكنه في المقابل "يعاقب على عمليات التبشير التي تكون منظمة وتهدف إلى التأثير على الآخرين لحملهم على تغييرها".

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة