قلّدت الجزائر، أمس الأحد، المخرج الفرنسي اليوناني الأصل كوستا غافراس بوسام "الأثير".
توشيح هذا المخرج يرتبط بفيلم حاز على جائزة الأوسكار باسم الجزائر.
فيلم ودولة
قد يتفاجأ كثيرون عندما يعلمون بأن كوستا غافراس كان السبب في فوز الجزائر بجائزة أحسن فيلم أجنبي بمسابقة الأوسكار السينمائية الأميركية سنة 1970 عن فيلم "Z"، وهو الفيلم الجزائري والعربي الوحيد الفائز بأعرق جائزة سينمائية في العالم.
وجرى توشيح غافراس بالجزائر في سياق تنظيم صالون الكتاب الدولي.
وقال غافراس في تصريح للإذاعة الجزائرية: "المجيء للجزائر كان دوما مؤثرا بالنسبة لي، لقد حظينا بموافقة الرئيس الراحل بومدين لإنجاز فيلم Z بالجزائر في أحسن الظروف، ومنذ ذلك التاريخ حدث تغيير جذري".
وأضاف غافراس: "الفيلم حقق نجاحا ضخما، لقد كانت مرحلة استثنائية للغاية من حياتي، وعلاقتي بالجزائر لم تتوقف أبدا، فأنا أشعر بأن للجزائر حقا علي وهو بلد هام جدا بالنسبة لي".
وأردف المخرج السينمائي: "فيلم Z لم يكن ليتم إنجازه لولا الجزائر فهو حائز باسم الجزائر على جائزة أوسكار لأفضل فيلم أجنبي".
وقد سمحت الجزائر لكوستا غافراس بتصوير فيلمه في الجزائر لاستحالة تصويره في اليونان خلال تلك الفترة التي سيطر فيها العسكر على السلطة.
هذا الوضع جعل غافراس يترشح بالفيلم في منافسات أوسكار 1970 باسم الجزائر.
ويعني عنوان الفيلم "Z" في اللغة اليونانية "حي"، وفق غافراس، في إشارة إلى بطل الفيلم الذي كان سياسيا يساريا معارضا تعرض للاغتيال، لكنه "لم يمُت بل هو حيّ"، كما يقول مخرج الفيلم.
قصة "Z"
مثل في فيلم "Z" جزائريون وفرنسيون. ودارت قصته حول تحقيق بشأن اغتيال النائب البرلماني وقائد الحزب اليساري المعارض اليوناني غريغوريوس لامبراكيس، وقد كان طبيبا كرّس حياته لمعركة تحرير البلاد من الفساد.
وبمجرد بدء التحقيق تنطلق حملة كبرى لإخفاء أدلة الجريمة ووقَفت وراءها شخصيات ثقيلة في الدولة، بينها وزير الداخلية ورئيس الشرطة وكبار ضباط الجيش.
وقد وصل الأمر بهؤلاء إلى قتل كل من يشكّ في أنه قد يشكّل تهديدا على حياتهم ومستقبلهم بكشف الحقيقة، لكنّ الحقيقة تنكشف في الأخير إثر اعتراف شهود نجوا من حملة التصفية.
تبدأ القصة في 22 ماي 1963، اليوم الذي تعرّض فيه لامبراكيس لضربة في رأسه ما أودى بحياته.
لكن رواية الحكومة ذهبت إلى أن لامبراكيس لم يتعرّض لاغتيال بل قُتل من طرف فاشيّين متشدّدين.
ولم تقنع رواية الحكومة المعارضة. ومع اشتداد الضغوط عليها عينت الحكومة محقّقا مهمته تأكيد روايتها.
إلا أن هذا القاضي المُحقّق بات مقتنعا خلال التحقيق بأن لامبراكيس اغتيل على يد منظمة يمينية سرية، مع ضلوع ضباط كبار وساسة في الجريمة.
خلال 127 دقيقة جسّد غافراس كل هذه الأحداث في "Z" ليحوّلها إلى واحد من أنجح الأفلام السياسية في تاريخ السينما، إذ يلعب رجال السياسة والجيش كل أوراقهم للتغطية على الجريمة.
هذا الأمر أفضى إلى تظاهرات عنيفة هزّت اليونان.
وتتصاعد أحداث الفيلم مع تصميم المحقق على أن لا يفلت المسؤولون عن الجريمة من العقاب، ويحدث في الأخير ما يريده المحقق النزيه والجماهير الغاضبة.
من هو غافراس؟
ولد المخرج كوستا غافراس في اليونان سنة 1933، ودرس في المعهد الفرنسي للدراسات السينمائية العليا.
ولهذا المخرج عدد من الأفلام أوّلها "جرائم السيارة النائمة" عام 1965، ثم توالت الأفلام ومنها "الاعتراف" و"حالة حصار" و"المفقود" و"أمين" و"العاصمة"، وهي أفلام ذات روح سياسية في جلها.
ويروي غافراس في مذكراته أسرار مشواره السينمائي وأفلامه السياسية التي واجه فيها صعوبات كثيرة من أجل إخراج بعضها.
المصدر: أصوات مغاربية