حذر حقوقيون من "استفحال ظاهرة الاعتداءات الجنسية في المجتمع المغربي"، في حال لم يتم التركيز على "المقاربة الحمائية للضحايا في القوانين الوطنية"، حيث أكد بعضهم أنه من الخطير "تساهل القضاء المغربي مع الجاني" و"إدانة المجتمع للضحية".
اقرأ أيضا: أحدها 'غيّر' القانون.. اعتداءات جنسية هزت المجتمع المغربي
من ثمة دعا المشاركون في ندوة، نظمتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أمس الجمعة بالرباط، تحت عنوان "العنف الجنسي.. انتهاك جسيم لحقوق الإنسان"، إلى مجموعة من التوصيات لمواجهة الظاهرة من بينها ملاءمة القوانين الوطنية مع الاتفاقيات الدولية وتوفير حماية قانونية للضحايا تستمر إلى ما بعد محاكمة المتهمين، إضافة إلى تأهيل فرق خاصة للاستماع إلى الضحايا.
"70 حالة يوميا"
في هذا الصدد، يقول عضو المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، عمر أربيب، إن الدستور المغربي لا يوفر أي حماية لضحايا العنف الجنسي، مما أدى إلى تزايد حالات الاختطاف والاحتجاز الاغتصاب الفردي والجماعي "بشكل كبير"، مشيرا إلى أن فرق الاستماع إلى ضحايا الاعتداءات الجنسية سواء في المستشفيات أو في مراكز الشرطة "ليس لديهم تكوين يؤهلهم لمراعاة الحالة النفسية للضحايا ومتابعتها".
ويضيف المتحدث ذاته، أن القوانين المغربية تتضمن تلميحات للتعامل بصرامة مع الاعتداءات الجنسية كجريمة وتطبيق أقصى العقوبات، لكن في المقابل "الدولة غائبة عن ضبط مثل هذه الممارسات التي قد يصل ضحاياها إلى 70 حالة يوميا في المغرب"، معزيا ذلك إلى "غياب الإرادة السياسية".
ويشير أربيب إلى أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تابعت ملفات عديدة للعنف الجنسي، تهم أساسا: الاغتصاب المؤدي إلى القتل والاغتصابات الجماعية والاغتصاب المرافق للتصوير وأيضا اغتصاب المعاقين، مشيرا إلى أن أغلب القضايا إما يتم فيها "التساهل في الأحكام مع المتهمين تصل أحيانا إلى البراءة، أو الحكم لصالح الضحية لكن دون توفير حماية له أومتابعة نفسية".
"الجزر ليس كافيا"
من جهته يشير المحامي بهيئة القنيطرة، رشيد أيت بالعربي، إلى أن هذه الجرائم "مستفحلة بشكل كبير" في المجتمع المغربي لعدة أسباب أبرزها: "غياب وسائل الإثبات في هذا النوع من القضايا، حيث أن مرتكبي الاعتداءات الجنسية يتخذون احتياطات كثيرة للتستر على أفعالهم وفي المقابل الهيئات المشرفة على البحث التمهيدي تتعامل بشكل عادي وليس بجدية مطلقة".
اقرأ أيضا: الاغتصاب في المغرب.. حقوقيات: الخلل في القانون
ويتابع أيت بالعربي حديثه قائلا: "القضاء المغربي يختلف من محكمة إلى أخرى ومن قاضي إلى آخر، إذ لا يعقل أن تصدر محكمة عقوبة ملائمة لجريمة اعتداء على قاصر في مدينة معينة، وتصدر محكمة في مدينة أخرى حكما مخففا في قضية بنفس الوقائع وتتساهل مع الجاني".
أما بالنسبة للحماية القانونية لضحايا العنف الجنسي، يقول أيت بالعربي إن المنظومة القانونية المغربية تركز على نظرة التجريم والعقاب بدل التركيز على نظرة حمائية للضحية. و"رغم مصادقة المغرب على عدد من الاتفاقيات الدولية إلا أننا لا نجد لها أثرا في المنظومة الجنائية والقانونية"، يضيف آيت بالعربي.
ودعا أيت بالعربي إلى التعاطي "بشكل جدي ومسؤول" مع جرائم الاعتداءات الجنسية والتعامل بشكل خاصة في الاستماع إلى الضحايا من خلال تأهيل فرقة لاستقبالهم، إضافة إلى"إحالة جميع الشكايا من طرف الضابطة القضائية إلى المحاكم دون صلح".
"ضعف التكوين"
بدورها انتقدت الأخصائية النفسية، أمينة بركاش، "ضعف تكوين الأمن المغربي في التعامل مع ضحايا العنف الجنسي"، موضحة أنه مثل هذه القضايا لا يجب أن يتم فيها صلح، "لأن العنف الجنسي آفة وخطورته تمتد دائما، كما أن الإنسان الذي يعنف لا يعتبر الآخر إنسانا ولا يمكن للضحية أن يوقف العنف بنفسه فهناك دائما ضرورة لتدخل طرف ثالث"، على حد تعبيرها.
و"يعتبر زنا المحارم من أنواع العنف الجنسي المسكوت عنه الذي يصعب إثباته"، تقول بركاش، حيث أن "ضحاياه يدينهم المجتمع ويعشيون في رعب متواصل مع الشخص الذي يمارس عليهم العنف كما تحاول الأسرة إخفاءه وحمايته خوفا من الفضيحة".
المصدر: أصوات مغاربية.