أصدرت محكمة الاستئناف في طنجة (شمال المغرب) الأسبوع الماضي، حكما بالسجن لمدة سنتين في حق زوج مغربي، بالإضافة إلى غرامة مالية قدرها 2000 درهم مغربي (نحو 200 دولار أميركي)، مع دفع تعويض مالي لزوجته يقدر بـ 30 ألف درهم (حوالي 3000 دولار)، وذلك في قضية "اغتصاب زوجي"، كما أكد المحامي بهيئة طنجة كريم مبروك.
وأفادت وسائل إعلام محلية، بأن الحكم صدر استنادا إلى الفصلين 400 و485 من القانون الجنائي المغربي، ويتعلقان بالعنف وهتك العرض، ما أثار جدلا جديدا في المغرب حول قضية الاغتصاب الزوجي.
عوني: "غير كافٍ"
ترى الناشطة الحقوقية في حركة "مالي" للدفاع عن الحريات الفردية، سارة عوني، أن الحكم القضائي "بادرة جيدة ومهمة جدا، لكنه مجرد بداية، ويظل غير كافٍ لمحاربة الاغتصاب الزوجي"، داعية إلى ضرورة إصدار قانون يجرم هذا الفعل.
"نساء القرى هن الأكثر تعرضا للعنف والاغتصاب الزوجي، وأمثال هؤلاء لن يصل إلى علمهن هذا الحكم القضائي، وبالتالي لا بد من نص قانوني يجرم الاغتصاب الزوجي"، توضح عوني لـ "أصوات مغاربية".
"طالما لا يوجد نص قانوني، فلن تتوجه النساء المغربيات عموما إلى القضاء لتقديم شكاوى ضد أزواجهن بسبب تعرضهن للاغتصاب الزوجي، لأننا نعيش في مجتمع ذكوري تخاف فيه النساء من أزواجهن وعائلاتهن"، توضح عوني، مردفة أن مجموعة من النساء المغربيات يتصلن بحركة "مالي"، ويشتكين الأمر، لكنهن لا يتجرأن على التوجه إلى القضاء.
وتبرز المتحدثة ذاتها أن العقوبة الحبسية الصادرة في حق هذا الزوج المغربي "تظل ضعيفة مقارنة بالأحكام التي تصدرها بلدان أوروبية في قضايا مماثلة، والتي تصل إلى السجن 20 عاما".
وتنتقد عوني التنشئة الاجتماعية المغربية، التي تقول إنها "تقوم على تربية الفتاة منذ بلوغها سن الـ 17 على طاعة الزوج، وإرضائه في الفراش رغم كل الظروف"، إذ تبين أن مسؤولية تغيير هذه الأمور ملقاة على وسائل الإعلام والمدارس، مبرزة أن "حالات الاغتصاب الزوجي كثيرة في المغرب، ولا أحد يعلم عنها شيئا، خاصة في ليلة (الدخلة)، من خلال فض غشاء البكارة بالعنف".
القروري: يكفي القانون الجنائي في هذا الباب
في مقابل مآخذ حركة "مالي" على "قانون محاربة العنف ضد النساء"، الذي دخل حيز التنفيذ في سبتمبر الماضي، لكنه "لم يجرم الاغتصاب الزوجي"، تقول النائبة البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية (قائد الائتلاف الحكومي في المغرب)، بثينة القروري، إن تدخل القانون في تفاصيل العلاقة الحميمية بين الزوجين سيكون أمرا صعبا.
"من الصعب إيجاد طرق نثبت من خلالها ممارسة الزوج للجنس بشكل عنيف على زوجته من عدمه، فضلا عن كون مفهوم الاغتصاب الزوجي غير واضح"، توضح القروري لـ"أصوات مغاربية"، مشيرة إلى أن "أي رجل سوي ولديه كرامة، لن يمارس الجنس مع زوجته دون رغبتها".
في المقابل، تفيد المتحدثة بأن الأمر يجب أن يظل محكوما من قِبل القانون الجنائي، الذي يعاقب بحسبها الزوج إذا ارتكب إيذاءً عمديا في حق زوجته أثناء العلاقة الزوجية، مبرزة أن ذلك كافِ، شريطة "أن تكون لدى القاضي نباهة، وأن تكون مقاربة الدفاع عن حقوق النساء حاضرة لديه".
شباش: ابتزاز لا اغتصاب
"ممارسة الرجل للجنس مع زوجته دون رغبة منها يستحسن أن نسميه ابتزازا جنسيا وليس اغتصابا، لأن الزوج يبتزها بطرق معينة كي توافق على معاشرته جنسيا"، تصرح آمال شباش، الأخصائية المغربية في الأمراض الجنسية والمشاكل الزوجية.
وتوضح شباش، في حديث مع "أصوات مغاربية"، أن الزوج "يمكن أن يهدد زوجته بالتوقف عن إعالة الأسرة، أو بمعاملتها أو معاملة أطفالهما بشكل سيء، كي تقبل معاشرته جنسيا، رغم أنها ليست في وضعية تسمح لها بذلك، كي يُظهِر أنه الأقوى وصاحب القرار".
لكن هذا الابتزاز ليس حصرا على الأزواج بحسب الأخصائية في القضايا الجنسية، "فهناك زوجات يقمن أيضا بابتزاز أزواجهن لممارسة الجنس في أوقات لا يكون فيها الزوج مستعدا للقيام بذلك"، تقول المتحدثة، مردفة أن من النساء من تطعن في رجولة زوجها عندما يرفض معاشرتها، وتصفه بأنه "ليس رجلا"، كي تضغط عليه للاستجابة لطلبها.
وتشير شباش إلى أن الابتزاز الجنسي "يمكن أن يُنتج لدى الطرف المرغَم على ممارسة الجنس مشاعر سلبية، من بينها الغضب والكراهية تجاه الطرف الثاني، والنفور من العلاقة الحميمية، مما يؤدي إلى حدوث تباعد وطلاق صامت بين الأزواج".
المصدر: أصوات مغاربية