دخل قانون تجريم التمييز المتعلق بالعنصرية وخطاب الكراهية حيز التنفيذ في موريتانيا، في أغسطس الماضي بعد نشره في الجريدة الرسمية، حيث يعتبر هذا القانون هو الأول من نوعه بعد مصادقة نواكشوط على عدد من الاتفاقيات الدولية في هذا المجال منذ سنوات.
وكانت موريتانيا قد صادقت خلال سنة 1988 على الاتفاقية الدولية لمناهضة جميع أشكال التمييز العنصري، كما صادقت سنة 1990 على الاتفاقية الدولية لإنهاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة، في حين صادقت كذلك سنة 1999 على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
وقال وكيل الجمهورية بنواكشوط الغربية القاضي، أحمد عبد الله المصطفى في مقال رأي له إن القانون يتضمن عددا من العقوبات، أبرزها "عقوبة الحبس من سنة إلى خمس سنوات، وتترتب على تشجيع الخطاب الديني المحرض على المذهب الرسمي للجمهورية الإسلامية الموريتانية، وعقوبة الحبس من 6 أشهر إلى سنة، وتترتب على ارتكاب أفعال التحريض على التمييز والكراهية والعنف، وعلى ارتكاب أفعال التمييز القائمة على خدمة معينة، وأفعال التمييز الممارسة في إطار جماعة، وعقوبة الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات: بالنسبة للألفاظ والكتابات أو الصور ذات الطابع العنصري".
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، قد انتقدت تعاطي السلطات مع قضايا التمييز والعنصرية من خلال عدة بيانات أصدرتها عام 2018.
وقالت هيومن "رايتس ووتش" إن "الانتماء الإثني والتمييز هما من القضايا الحساسة سياسيا في موريتانيا، ويشكلان الأساس لكثير من القوانين التي تتضمن أحكاما فضفاضة تُستخدم لمعاقبة الخطاب النقدي السلمي"، مشددة على أنه "ينبغي للسلطات الموريتانية مراجعة قانونها الجنائي، وقانون الجرائم الإلكترونية، وقانون مكافحة الإرهاب، وأن تلغي مواد القانون الفضفاضة التي لا تفي بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان في تعريف جرائم كالتحريض على ارتكاب العنف أو الكراهية العنصرية بوضوح ودقة".
قانون يلزمه التطبيق
وينوه رئيس "الميثاق الوطني من أجل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للحراطين"، العيد ولد امبارك، بمضمون هذا القانون، لكنه يربط نجاحه بمدى تطبيقه على أرض الواقع.
ويقول ولد امبارك في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إن "القانون جيد لأنه يستهدف حماية الأشخاص والفئات المهمشة في المجتمع الموريتاني"، مضيفا أن "هذه الفئات ارتبطت تاريخيا بظاهرة العبودية سواء كانوا من الحراطين أو المعلمين أو غيرهم".
ويضيف الناشط الحقوقي الموريتاني أنه "من الضروري تطبيق القانون لأن المفتقد في موريتانيا هو هذا التطبيق"، مستدركا "أما إذا كان الهدف منه التضييق على حرية الناس واستخدامه بشكل سياسي وتعسفي فسيكون ذلك في غاية الخطورة"، وفق تعبيره.

أما في ما يخص جهود السلطات الموريتانية في مجال مواجهة العنصرية والتمييز، فيصفها العيد ولد امبارك بأنها "جهود سلبية"، موردا "لم نلاحظ طيلة ولاية الحكومة أي جهود لا على المستوى الواقعي أو الإجراءات الاقتصادية أو تغيير العقليات الاجتماعية".
ويتابع المتحدث ذاته بأن "انهيار المدرسة العمومية الموريتانية ساهم في تعميق الظاهرة، لأن المدرسة تساهم في تكريس الوعي بالمساواة والأخوة"، مضيفا بأن "المجتمع الموريتاني طبقي مكون من تراتبية هرمية فيها أسياد وعبيد وصناع تقليديون وغيرهم".
ويضيف في السياق ذاته أن "الدولة الحديثة ما زالت تعكس الطبقية الهرمية في عدد من المؤسسات، والعبيد الذين كانوا يمارسون الرعي تحولوا في هذه المؤسسات إلى ممارسة وظائف صغيرة وهامشية".

امعيبيس: نحتاج إلى الصرامة
في مقابل ذلك، فإن القيادية في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، فاتو امعيبيس، تعتقد أن موريتانيا بحاجة إلى التعاطي بحزم وصرامة، من أجل تطبيق قانون مناهضة التمييز والعنصرية.
وتشدد امعيبيس في حديث لـ"أصوات مغاربية"، على أن "الكراهية والعنصرية في المجتمع الموريتاني تراجعتا بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة بعد أن تسلم النظام الحالي للحكم"
وتتابع المتحدثة ذاتها القول إن "قضية الحراطين بدأت تطفو على السطح خلال السنوات الأخيرة نتيجة الانفتاح الذي شهدته موريتانيا، وهو ما استغله البعض في الترويج لمعطيات غير صحيحة في الإعلام ولدى المنظمات الدولية".
وتشير امعيبيس، إلى أن "العبودية في موريتانيا إرث لا دخل للنظام فيه، وجاء الاستعمار ولم يغير شيئا من هذا الواقع، وظلت التراتبية والفقر والتجاهل، حتى جاء النظام الحالي وقام بعدد من الإجراءات، أبرزها إنشاء وكالة للتضامن من أجل الحد من الفقر ومنح القروض الميسرة وتشييد المدارس وغيرها".
المصدر: أصوات مغاربية