نفى رئيس مؤسسة "إسلام فرنسا"، غالب بن الشيخ، إساءته للملك المغربي الراحل الحسن الثاني بخصوص قضية "حجاب بناته"، وقال في حوار مع "أصوات مغاربية" إن "جهات قامت بتحريف تصريحات أدلى بها مؤخرا".
نص المقابلة:
أثرت ضجة كبيرة بتصريحك الأخيرة حول موقف الملك المغربي الراحل الحسن الثاني من الحجاب، وطريقة لبس بناته، ما حقيقة ما تم تداوله نقلا عنك؟
لم أكن أنوي البتة الرجوع إلى هذا الموضوع، لأنني فعلا مندهش مما أوردته بعض الوسائل الإعلامية. لقد تم تحريف كلامي بشكل كبير.
في هذا اللقاء كنت أتحدث عن موضوع الحجاب في المجتمع الأوروبي، وعلى سبيل الاستدلال ببعض الوقائع والأحداث الخاصة بالجالية المسلمة، سردت حكابة يعود تاريخها إلى 30 سنة مضت لأحد المسلمين المغاربة في فرنسا، والذي قرر فرض الحجاب على ابنتيه امتثالا لتوصيات وتوجيهات صادرة من الملك الحسن الثاني كما زعم آنذاك.
وكنت أحاول في كلمتي التي ألقيتها أمام الحاضرين في لقاء مؤسسة "إسلام فرنسا" تقديم مقاربة عن التقديرات والاجتهادات الخاطئة التي يقدمها بعض المسلمين المقيمين في فرنسا حول الحجاب أو غيرها من المسائل الأخرى، قبل أن أؤكد أن ربط بين فرض الحجاب على هذين البنتين بتعليمة صادرة من الملك الراحل هو أمر غير صحيح، بدليل أن بناته لم تكن ترتدين الحجاب، فكيف له أن يفرضه على مواطنين آخرين يقيمون في فرنسا.
هذا كل ما ذكرته، ولم أكن أنوي إطلاقا الطعن في الملك الراحل الحسن الثاني ولا في أي شخصية أخرى، لأن ذلك يتناقض تماما مع مهام المؤسسة التي أشرف عليها.
نحن نسعى إلى توحيد صفوف الجالية المسلمة في فرنسا، ونحاول قدر الإمكان الابتعاد من المساحات التي تدعو للفرقة والخلاف، وعليه أؤكد أن البعض حرف كلامي، وحاول توظيفه في أمور لا تمت بصلة إلى شخصي وقناعاتي.
ولكن مشروع توحيد المسلمين في فرنسا وأوروبا تقابله مشاكل عديدة في ظل الخلافات الكبيرة التي تطغى في صفوف الجالية؟
المسلمون في فرنسا أو في أي مجتمع آخر عاشوا العديد من التجارب والإكراهات التي جعلت صوتهم غير مسموع لدى أصحاب القرار. ذلك يؤكد أنه لا بديل لهم سوى التوحد وإذابة ما أمكن من الخلافات التي تقسم صفهم.
وضعية الفرقة أفقدتهم حقوقا أساسية لدى صناع القرار هنا في أوروبا، لذا يجب مراجعة الأمر بشكل جيد.
وفي اعتقادي أن مشروع توحيد الجالية المسلمة في فرنسا لن يتحقق إلا عن طريق اقتناعهم بضرورة احترام قيم وقوانين الدول التي تستقبلهم.
وهنا أريد التأكيد على شيء مهم يتعلق بالمرونة والسهولة التي جاءت بها تعاليم الدين الإسلامي، وهي كلها عوامل تساعد المسلمين على الاندماج في أي مجتمع عبر العالم.
لكن لم تتحدث عن ظاهرة التطرف الديني التي أضحت تنتشر وسط الجالية المسلمة في أوروبا، كيف يمكن مواجهتها؟
صحيح، هي واحدة من أعقد المشاكل والقضايا التي تمثل تحديا لجميع المسلمين العقلاء الذين وجب عليهم الانخراط في عملية التصدي لها.
لكن قبل ذلك، يجب أيضا التأكيد على أن ظاهرة التطرف الديني هي بالأساس ناتجة عن شعور بالتهميش يعتري العديد من الشباب المقيمين هنا في فرنسا أو في بعض البلدان الأوروبية، وهو العامل الذي يدفع بعضهم إلى الارتماء في أحضان الخطابات المتطرفة.
في تقديري، لا يمكن أبدا الحديث عن حلول للتطرف في أوروبا دون الاهتمام بشكل مباشر بواقع الجالية، والبحث عن إمكانيات إدماج شبابها في المجتمع عن طريق التربية والتعليم والمساواة في الحقوق والواجبات مثلهم مثل أي مواطن فرنسي أو أوروبي آخر.
هل تتحمل الحكومات في أوروبا مسوؤلية في انتشار التطرف الديني؟
بالطبع هذا واضح، الحكومات الحالية أو التي سبقتها تتحمل جزءا كبيرا من مسؤولية انتشار التطرف وسط الشباب المسلم، بسبب تجاهلها لحاجياته وحقوقه الاجتماعية.
هناك أيضا بعض المواقف الأيديولوجية العدائية التي تصدر من مجموعات معنية ضد كل ما يرمز للإسلام والمسلمين، وبالطبع إذا كانت هناك فوبيا وعدائية للإسلام، فأكيد أن ذلك سيقابله تطرف.
ما الحل إذن؟
ليس هناك حل آخر سوى تكوين الفرد المسلم في هذه الديار عبر قنوات التربية والتعليم والانفتاح على الآخر.
المصدر: أصوات مغاربية