اجتهدت كثير من الأمم قديما، ومنها الأمازيغ، في تفسير حقيقة الكون والأرض ومن يتحكّم فيها والظواهر الطبيعية مثل الزلازل والمدّ والجزر.
فكيف رأى الأمازيغ الكون من وجهة نظرهم وما الذي يحمله موروثهم التاريخي بخصوص هذه القضية.
أُمّ العالم
أطلق الأمازيغ على العالم أو الكون أسماء عديدة منها "دُّونيت"، وهي تمزيغ للفظ الدّنيا العربيّ، استناد لما أورده الباحث المغربي محمد أوسوسو في كتابه "كوكرا في الميثولوجيا الأمازيغية".
ويضيف أوسوسو "لفظ دّونيت هو الغالب.. كما يستعمل لفظ آخر هو تادّونيت بالأطلس المتوسط ولدى الطوارق، ولفظ إيغزور لكنه مزدوج الدلالة، فهو يعني الأزل والأمد كما يعني الكون".
نَسب الأمازيغ أصل الكون إلى من سمّوها "إيمّاس ن دّونيت" وتعني الأمّ الأولى للعالم "..فالعالم والأرض تُتصوّر في غالبية المناطق الأمازيغية على أنها قرص دائري يحف به الماء من كل الجوانب على شكل حزام محيط يستوي على قرن ثور أسود ضخم"، وفقا للمصدر السابق.
أزْكر وإيزيمّر
يحمل الكون أو الأرض حيوانان هما الثور "أزكر" أو الكبش "إيزيمّر"، وفق ما يعتقده الأمازيغ في الجزائر.
ويقول كتاب "Signes-symboles-mythes" إنه "حين يتعب الثوّر أو الكبش ويرغب في نقل الأرض إلى قرن آخر لإراحة القرن المتعب فإنّ الأرض تهتزّ، فينشأ عن ذلك هزّة أرضية أو زلزال او كسوف الشمس، وتقول تفسيرات أخرى أن الثور يمرّر العالم من قرن إلى آخر كل سنة ممّا يفسّر الطقوس المحيطة بنهاية السنة وبداية سنة جديدة".
ويضيف "وتذهب أخرى إلى أن الثور يختار بنفسه حين يتعب لحظة نقله العالم إلى القرن الآخر مما يؤدّي إلى حدوث الزلازل، وترى رواية ثالثة أن النموّ البطيء للقرون يتسبب في حدوث هزات أرضية، بينما تفسّر أخرى هذه الزلازل بتحريك الثور لرأسه حين يتعب"، وهو ما يذهب إليه كتاب Tradition et civilisation berbères: Les portes de l'année.
المدّ والجزر
وفي المغرب تقول التفسيرات الأمازيغية إن الثور يقف على قوائمه الأربع فوق أربع بيضات، وأنّ ليلة رأس السنة وتسمّى "إيض ن أوسكّاس" تعتبر لحظة محفوفة بالمخاطر، ففي هذه المرحلة، ينتقل العالم من قرن إلى آخر، بل إن ما يتم إعداده من طعام طقوسي بمناسبة ليلة رأس السنة في سوس مثلا، وتسمى إيض ن يناير، إنما يكون لاسترضائه واتقاء غضبه، وضمان استمرار العالم على قرنه".
أما في شمال المغرب، فيُحكى أن الأرض تطفو على الماء كسفينة تتلاعب بها الأمواج، ولإرساء توازنها أمَر الخالق ثورا بحملها على قرنه، أما منخاراه فقد أوغلهما في البحر، وهو ما يؤدّي إلى المدّ حين شهيقه والجزْر حين زفيره، بحسب ما جاء في كتاب Contes et légendes du Maroc.
وفي في مناطق أخرى في الجنوب مثل تانصفارت (قلعة مكّونة)، فالعالم يحمله ثوران يتناوبان على ذلك، فعندما يأكل أحدهما ويريد تمريره إلى الآخر تحدث هزة أرضية.
المصدر: أصوات مغاربية