أصبح مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب على موعد، من حين لآخر، مع خرجات رئيس الحكومة المغربية السابق وأمين عام حزب العدالة والتنمية سابقا، عبد الإله ابن كيران، الذي تمكن من البقاء في دائرة الضوء بفضل "لايفات" فيسبوك التي يحرص سائقه على بثها عبر حسابه الخاص.
ورغم أنه لم تعد له لا صفة رئيس الحكومة ولا صفة أمين عام الحزب إلا أن ابن كيران مازال يحظى باهتمام كبير وبمتابعة واسعة، وهو ما تعكسه أرقام مشاهدات "لايفاته" التي يتناول من خلالها مواضيع وقضايا يعبر بشأنها عن مواقف وآراء كثيرا ما تثير الجدل والنقاش.
ولع بالأضواء
"ابن كيران كائن سياسي مولع بالسلطة والأضواء"، هكذا يفسر المحل السياسي والأستاذ الجامعي في العلوم السياسية، عمر الشرقاوي شخصية رئيس الحكومة السابق عبد الإله ابن كيران مبرزا أنه "يقاوم كل مظاهر النسيان، ولذلك يبحث عن خلق الحدث ليشغل الرأي العام".
ورغم أنه يرى بأن ابن كيران يملك من القدرات ما يجعله بالفعل يخطف الأضواء إلا أن الشرقاوي يلفت ضمن تصريحه لـ"أصوات مغاربية" إلى أنه "اليوم لم يستوعب طريقة إبعاده من الحقل السياسي، ولذلك هو يفعل أي شيء من أجل الرجوع ولو أدى به الأمر إلى الخروج عن بعض واجبات التحفظ".
خرجات ابن كيران المتكررة عبر فيسبوك هي بالنسبة للمحلل السياسي المغربي بغرض "إثارة الانتباه، وربما أيضا من أجل الضغط على مراكز القرار لإظهار نفسه كأحد الشخصيات التي يمكن الاعتماد عليها في المرحلة المقبلة".
لذلك، يضيف الشارقاوي، وبدل الخرجات في الساحات العمومية والمنصات والقنوات الكلاسيكية، "فقد تحول إلى خروج إعلامي بسيط ولكنه يترك أثرا سياسيا".
إعلام بديل
من جانبه، يرى المحلل السياسي محمد بودن أن توجه ابن كيران لمواقع التواصل الاجتماعي، وتحديدا فيسبوك، ناتج عن كونه "لم تعد له قنوات كثيرة للخروج خصوصا فيما يتعلق بالإعلام التقليدي".
ويتابع بودن تصريحه لـ"أصوات مغاربية" مبرزا أن اعتماد ابن كيران على "الإعلام البديل" في خرجاته، هو بغرض توجيه خطاب ورسائل للرأي العام مضمونها في الغالب "التأكيد على المرجعيات وتبرير أو تصويب أخطاء قام بها حزبه أو أعضاء في الحزب أو هو نفسه"، بالإضافة إلى التفاعل مع عدد من القضايا التي تمسه أو تمس محيطه.
مضمون تلك الخرجات، يُظهر أيضا، وفق بودن، أن ابن كيران "شعر بالعزلة نوعا ما وصار يبحث عن منفذ للعودة"، وهو ما أتاحته هذه الوسائل التي "أحسن استثمارها"، والتي جعلته إلى الآن في دائرة الضوء خلافا لعدد من المسؤولين السابقين، إذ يؤكد المتحدث في هذا الإطار أن "عددا من قادة الأحزاب يدركون جيدا أن ابن كيران قوي جدا على المستوى التواصلي ولو أنه على المستوى السياسي أصبح بدون صفة".
حضور قوي
رغم أنه اليوم ليس لا رئيسا للحكومة ولا أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية، إلا أن ابن كيران ما زال يحظى بالمتابعة والاهتمام، بشكل يجعل حضوره يبدو أحيانا طاغيا على حضور خليفته في رئاسة الحكومة والحزب، سعد الدين العثماني.
في هذا الإطار، يرصد أستاذ التواصل بـ"المعهد العالي للإعلام والاتصال"، المهدي العامري، عدة أوجه للاختلاف بين الرجلين على مستوى أسلوب كل واحد منهما في التواصل بصفتهما رئيسين للحكومة.
"ابن كيران كان له حضور قوي" يقول عامري، وهو ما يرجعه إلى عدة اعتبارات من بينها "بساطة الأسلوب واللغة العفوية، ولغة الجسد"، وهو ما أسهم في جعله قريبا من الناس وبالتالي "كسر البرج العاجي الذي يحتمي فيه عدد من السياسيين".
في المقابل، فإن العثماني "نهج استراتيجية الصمت حتى في بعض المواقف التي تستدعي أن يتكلم"، وذلك بشكل يثير أحيانا "القلق".
من ثمة يبرز المتحدث ضمن تصريحه لـ"أصوات مغاربية" أن الفرق بين الرجلين يكمن في "أسلوب التواصل" وفي اختيار "المناسبات التي تستدعي الصمت وتلك التي تستدعي الكلام" لافتا في السياق نفسه إلى العامل الثقافي الذي يعطي لربما الأفضلية لأحدهما على حساب الآخر والمتمثل في كون المغاربة من الشعوب التي "تحب الكلام والأسلوب البسيط في التواصل".
المصدر: أصوات مغاربية