يجري الحديث في الجزائر عن تعديل جديد سيطال الدستور في الأشهر القادمة، وهي الخطوة التي أكدها وزير العدل، الطيب لوح، لدى نزوله ضيفا على منتدى الإذاعة.
وبحسب المسؤول ذاته، فإن "التعديلات المرتقبة في حال فاز الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بعهدة خامسة سوف لن تمس الثوابت الوطنية، ولكن ستكون عبارة عن إصلاحات عميقة تستجيب لمقترحات الطبقة السياسية".
وكان الرئيس بوتفليقة قد كشف، قبل يومين، عن هذا الإجراء في الرسالة التي أعلن من خلالها ترشحه إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة، ووعد في حال انتخابه مجددا بـ "عقد ندوة وطنية تشارك فيها مختلف الأحزاب والجمعيات من أجل التحضير لأرضية سياسية واقتصادية واجتماعية جديدة مع إحداث تعديلات عميقة على الدستور".
وخضع الدستور الجزائري في عهد الرئيس الحالي إلى جملة من التعديلات، بدءا من سنة 2002 التي تمت خلالها عملية ترسيم اللغة الأمازيغية، مرورا بسنة 2008 عندما تقرر فتح العهدات الرئاسية، قبل أن يتم حصرها مجددا في عهدتين فقط في التعديل الثالث الذي جرى في 2016.
دواعي المرحلة
ويرى القيادي في حزب جبهة التحرير الوطني والسيناتور فؤاد سبوتة، أن "شكل التعديل الجديد المطروح في الوقت الحالي سيكون مختلفا بشكل كلي عن سابقيه، وسيستجيب تحديدا إلى مستجدات سياسية".
ويصيف المتحدث، في تصريح لـ "أصوات مغاربية"، أن "الهدف الأساسي من هذا التغيير هو جمع العائلة السياسية في الجزائر، سلطة ومعارضة، على قاعدة توافقية تسمح للبلاد بتجاوز الوضع الراهن".
"هذا التعديل سيكون تكريسا لجميع المخرجات التي سيعلن عنها في الندوة الوطنية التي ستعقد في حال فاز الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بعهدة جديدة بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة" يستطرد المتحدث.
ويؤكد سبوتة أن "الوضع في البلاد يتطلب مساهمة جماعية من كافة التيارات السياسية التي يجب أن تشترك في عقد وطني جديد يكون موثقا دستوريا".
وعن طبيعة هذا التعديل، أشار المصدر ذاته إلى "احتمال أن يمس جوانب عدة، مثل استحداث منصب نائب رئيس الجمهورية، أو منح صلاحيات جديدة للمجالس الشعبية المنتخبة على المستوى الوطني والمحلي".
قدسية الدستور
أما الأستاذ الجامعي والعضو السابق في المجلس الدستوري، عامر رخلية، فقد أشار إلى أن "التعديل المتوقع للدستور هو عبارة عن رسالة موجهة للمعارضة السياسية في الجزائر".
وقال المتحدث، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إن "السلطة الآن تسعى لاستقطاب أكبر عدد من الفاعلين السياسيين بدعوى إعداد أرضية توافقية جديدة، لكن الأمر قد تكون له تداعيات سلبية على الدستور الذي يعد الوثيقة الأساسية في سير مؤسسات الدولة".
ويشرح المصدر ذاته فكرته قائلا: "تعرض الدستور الجزائري في الأعوام الأخيرة لعمليات جراحية عدة، وهو أمر يمس بشكل مباشر من قدسيته".
"لقد تحول الدستور في عهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى ما يشبه أي مادة قانونية قابلة للتعديل والتجديد في أي وقت وهو أمر غير صحي على الإطلاق"، يقول رخيلة.
ويبدي العضو السابق في المجلس الدستوري تشاؤمه من عملية التعديل المقترحة متسائلا: "أي قيمة ستكون لهذا الدستور الذي نقوم بتعديله في كل مرة".
سيناريو 2012
في حين أكد الناشط الحقوقي والرئيس السابق للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، صالح دبوز، أن "السلطة وجدت نفسها مخنوقة بثقل المعطيات السلبية على أرض الواقع بشكل قد يعجزها عن تمرير مشروع العهدة الخامسة للرئيس، وهو ما اضطرها لطرح هذه المبادرة".
ويرى دبوز أن "السيناريو الحالي الخاص بتعديل الدستور لا يختلف كثيرا عن الخطة التي أعدتها السلطة في سنة 2012 عندما خرج الرئيس بوتفليقة بخطاب مفاجئ يعلن فيه حزمة من الإصلاحات".
"وقتها كان رهان النظام السياسي منصبا على تجنيب الجزائر معانقة موجة الربيع العربي فاهتدت إلى هذا السيناريو، لكن العكس هو الذي وقع بعد تجاوز هذه المرحلة"، يقول الناشط الحقوقي.
ويشير إلى أن "السلطة كان لديها الوقت الكافي لإجراء تعديلات وتغييرات جذرية، لكنها ضيعت جميع الفرص، وهي تسعى الآن للاستثمار في الوقت الضائع".
المصدر: أصوات مغاربية