Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

عبد الكريم منهمك في عمله
عبد الكريم منهمك في عمله

لكي تجدهم، تحتاج إلى عبور أزقة ضيقة في منطقة "الكَزا" بالمدينة العتيقة بالرباط، وهناك ستعثر عليهم وسط محلات أضيق، يتوسطون أكواماً من الهواتف يُشرِّحونها و"يعالجون كل أمراضها".

أغلبهم لم يَدرُس تخصص "إصلاح الهواتف الذكية"، لكنهم اقتحموا هذا العالم وتمكَّنوا من عوالمه بطريقة فيها بعضٌ من الفلسفة، عبر "التجريب" الذي يعني في هذه الأخيرة مجموع الخبرات التي يُكوِّنها الإنسان في علاقته المباشرة بالواقع.

قصة عبد الكريم

عبد الكريم، 28 سنة، أحد هؤلاء. لم يحصل على شهادة الباكالوريا، لكنه قادر على أي عطل يصيب الهواتف النقالة. ترويض عبد الكريم لمهاراته في هذا المجال بدأ منذ صغره.

عبد الكريم في محله لإصلاح الهواتف الذكية بالمدينة العتيقة في الرباط
عبد الكريم في محله لإصلاح الهواتف الذكية بالمدينة العتيقة في الرباط

​​يحكي: كانت البداية عبر إصلاح سمَّاعات هاتفي وأجهزة MP3 وMP4 خاصتي عندما كان يصيبها عطب، وبعدها بدأت أتكلف بإصلاح أجهزة التلفاز والراديو الموجودة في بيتنا إذا تعطلت.

في سنة 2014، تعطَّل هاتف عبد الكريم، وبدأ يُنقِّب في اليوتيوب على فيديوهات تساعده على إصلاحه. عَثر على فيديو لشخص روسي يوضح فيه طريقة إصلاح ذلك العطل، فجرب تقليده ونجح في إعادة الحياة لهاتفه المحمول.

"بعد ذلك، اكتسبت خبرة أكبر عن طريق التجريب وفيديوهات الإنترنت الذي سهَّل كل شيء، فقررت ولوج هذا المجال. اشتريت معدات بسيطة، وبدأت أُصلح هواتف أصدقائي في بيت أسرتي بمدينة سلا"، يحكي عبد الكريم لـ"أصوات مغاربية".

​​"وقائع لا تنسى"

في بداياته في هذا المجال، طلب منه أحد أصدقائه أن يصلح له مَدخَل الشاحن في هاتفه، وعندما شرع عبد الكريم في القيام بذلك، ونظرا لعدم توفره على معدات متطورة ولقلة خبرته حينها، كسر شاشة الهاتف، واضطُر إلى شرائها بـ2250 درهما (حوالي 236 دولارا أميركيا)، في حين أن صاحب الهاتف لم يدفع له سوى 100 درهم (حوالي 10 دولارات ونصف).

مرور الأيام جعل عبد الكريم يتمرس أكثر فأكثر، فقرر نقل نشاطه إلى محلٍّ في "الكَزا" بالمدينة العتيقة بالرباط. وهناك، عاشَ وقائع يقول إنه لا يمكن أن ينساها.

في 2016، لم يكن أحد من مُصلحي الهواتف الذكية بالمدينة العتيقة بالرباط يستطيع إصلاح عطل معيَّن في شاشة هاتف الأيفون، يقول عبد الكريم، وذلك لعدم توفرهم، في ذلك الوقت، على معدَّات فصل أجزاءِ تلك الشاشة عن بعضها البعض، لكن عبد الكريم استطاع.

عبد الكريم منكب على إصلاح هاتف ذكي
عبد الكريم منكب على إصلاح هاتف ذكي

​​"في إحدى المرات، تجرَّأت وحاولت إنجاز ما عجزوا عنه. جلبت مُجفِّفا للشعر وأجزاءً من البلاستيك الذي تُطبع عليه نتائج فحص أشعة الراديو. عملت على تسخين شاشة الأيفون بالسيشوار (مجفف الشعر)، وبعد ذلك مررت جزءاً من البلاستيك المذكور بين طبقاتها، فنجحت في فصلها عن بعضها البعض"، يسرد عبد الكريم كيف أصبح أول مصلحٍ للهواتف بالمدينة العتيقة يستطيع حل ذلك المشكل.

"الذكور أكثر من يُتلف الهواتف"

يقول عبد الكريم لـ"أصوات مغاربية" إن الهدوء، والدم البارد، وصفاء الذهن، تعد أهم شروط العمل في هذا المجال، الذي يكشف أنه يُربِح لكنه يخسر في الآن ذاته.

خاصية يوضحها عبد الكريم من خلال حكي إحدى الوقائع التي عاشها مع الهواتف الذكية المعطَّلة.

يقول: كنت أُخضِعُ هاتفا من نوع سامسونغ لعملية 'الفلاش'، وذلك عبر توصيله بحاسوبٍ يحتوي على برنامجٍ خاص بذلك. وأثناء العملية، فقدَ الهاتف التواصل مع الحاسوب، فأُتلِفت ما يصطلح عليه بـ'الكارط مير' (بطاقة الذاكرة) الخاصة به، واضطررت إلى شراء واحدة أخرى له بـ200 درهم (حوالي 21 دولارا)، رغم أنني لم أتلق سوى 50 درهما (حوالي 5 دولارات) من صاحب الهاتف بعد أن أعدته إليه".

عبد الكريم ينظف شاشة جهاز آيباد بعدما أصلحه
عبد الكريم ينظف شاشة جهاز آيباد بعدما أصلحه

​​السنوات التي قضاها عبد الكريم في عالم إصلاح الهواتف الذكية، مرَّت عليه فيها كل الأعطاب التي يمكن أن تطالها. يُكلف إصلاحها، بحسب عبد الكريم، ما بين 30 درهما (حوالي 3 دولارات) و500 درهم (حوالي 52 دولارا ونصفا)، وتتعلق في الغالب بمدخلي الشاحن والسماعات، أو تكسر الشاشة بسبب السقوط، أو تعطل الميكروفون والكاميرا.

تلك السنوات مكَّنت، أيضا، عبد الكريم من الخروج بمجموعة من الحقائق. أبرزها أن الذكور هم أكثر من يُتلفُ الهواتف الذكية. يقول: الذكور لا يعيرون اهتماما لهواتفهم، فتجدهم يعبثون بها بأيديهم باستمرار، أو يلعبون كرة القدم وهي في جيوبهم، في حين أن الإناث يحافظن عليها، وحتَّى إذا تسبَّبن في إتلافها يكون العطل بسيطا مقارنة مع الذكور.

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة