قرر مجلس إدارة البنك المركزي التونسي الرفع في نسبة الفائدة المديرية بـ100 نقطة أساسية (من 6.75 إلى 7.75 في المئة)، وسط انتقادات حادة من قبل خبراء في الاقتصاد.
وأكد المجلس، في بيان له، أنّ "استمرار الضغوط التضخمية يشكل خطرا على الاقتصاد وعلى المقدرة الشرائية للمواطنين، وهو ما يستدعي اتخاذ الإجراءات الملائمة للحد من آثاره السلبية."
وقرر المجلس تبعا لذلك "الرفع في نسبة الفائدة المديرية للبنك المركزي التونسي بـ100 نقطة أساسية."
ولاحظ المجلس أن الإجراءات التي تم اتخاذها على مستوى السياسة النقدية منذ سنة 2016 "قد ساهمت في التباطؤ النسبي الذي شهده نسق التضخم خلال شهر يناير 2019، ليتراجع إلى حدود 7.1 في المئة بعد أن بلغ 7.3 في المئة في المعدل خلال كامل سنة 2018."
وكان البنك المركزي قد اتخذ الخطوة ذاتها في يونيو من العام الماضي، وذلك لكبح الضغوط التضخمية.
وكشف المجلس أنّ العجز الجاري لميزان المدفوعات الخارجية ارتفع إلى حدود 11.2 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، خلال سنة 2018، مقابل 10.2 في المئة، في سنة 2017، حيث لم تمكن التطورات الإيجابية للعائدات السياحية وتحويلات التونسيين بالخارج من تغطية تفاقم عجز الميزان التجاري.
بن رجب: ستتضرر المقدرة الشرائية
وتعليقا على هذه الخطوة، قال الخبير الاقتصادي وجدي بن رجب إن "رفع نسب الفائدة المديرية يؤدي نظريا إلى كبح جماح التضخم، لكن الأمر لم يكن كذلك في تونس خاصة أنه تم رفع هذه الفائدة 3 مرات في غضون سنة واحدة، إذ لم تنخفض نسب التضخم إلا بشكل صغير."
وقال بن رجب إن "مشاكل التضخم في تونس لا ترتبط فقط بالسياسات النقدية بقدر ما تتعلق بالعجز في الميزان التجاري، خاصة منها العجز الطاقي."
وسيؤدي رفع هذه الفائدة المديرية، وفق تصريح الخبير الاقتصادي لـ"أصوات مغاربية" إلى "إثقال كاهل نحو 60 في المئة من المواطنين بتكاليف إضافية عند سدادهم القروض التي بذمتهم لدى البنوك."
كما سيدفع هذا الإجراء الشركات التي حصلت على قروض من البنوك إلى "دفع تكاليف إضافية ما سيجبرها على رفع الأسعار لتغطية المصاريف الإضافية."
ومن هذا المنطلق يشدد بن رجب على أن "المقدرة الشرائية للمواطنين ستضرر بشكل كبير بسبب رفع الشركات لأسعار منتجاتها، فضلا عن التكفل بمصاريف إضافية عند سداد ديونهم."
ويخلص الخبير ذاته إلى أن "تردي المقدرة الشرائية للمواطنين، سيعرقل أهم محرك للنمو في تونس وهو الاستهلاك الذي يمثل 76 في المئة من نسبة النمو."
ولمواجهة التضخم، يقترح بن رجب "اعتماد استراتيجية كاملة من بينها تعديل السياسة النقدية فضلا عن رفع نسق التصدير عن طريق إعادة الإنتاج في القطاعات الرئيسية على غرار الفوسفاط إلى جانب كبح جماع الاستيراد العشوائي."
الشكندالي: لا معنى للزيادات في الأجور
وأشار نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن هذا الإجراء سيؤثر على الزيادات في الأجور بالقطاعين العام والخاص.
وفي هذا السياق، قال رئيس مركز البحوث الاقتصادية والخبير الاقتصادي، رضا الشكندالي، إن "ما أُعطي باليد اليمنى من زيادات سيُؤخذ باليسرى، إذ سيلهف رفع نسبة الفائدة المديرية جزءا كبيرا من الزيادات التي أقرتها الحكومة للعمال والموظفين بالقطاعين العام والخاص."
وكانت النقابات قد توصلت إلى إبرام اتفاقيات مع منظمة رجال الأعمال والحكومة يتم بموجبها رفع أجور الموظفين بالقطاعين.
وأضاف الشكندالي أن "هذا الإجراء يمكن أن يؤدي إلى توترات اجتماعية، خاصة لو تم استثمارها من قبل الفاعلين السياسيين مع اقتراب موعد الانتخابات."
واعتبر الخبير الاقتصادي أن "رفع نسب الفائدة المديرية سيؤثر أيضا على ارتفاع نسب البطالة، إذ ستمتنع الشركات الخاصة عن الاستثمار وتشغيل المزيد من العاطلين عن العمل ليضاف ذلك إلى القرار الحكومي بتجميد الانتدابات في القطاع العام."
المصدر: أصوات مغاربية