Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

الملك محمد السادس
الملك محمد السادس

تحل اليوم في المغرب الذكرى الثامنة لـخطاب 9 مارس 2011، الذي ألقاه الملك محمد السادس في فترة شهد خلالها المغرب احتجاجات "حركة 20 فبراير"، التي جاءت في سياق ما سمي بـ"الربيع العربي".

هكذا وخلافا لما هو معتاد، جاء خطاب 9 مارس في توقيت لا يتزامن مع أي عيد وطني، ليعلن من خلاله الملك، عن "إجراء تعديل دستوري شامل"، وهو ما خلف حينها ردود فعل مختلفة ذهب كثير منها نحو اعتبار المغرب "استثناء" في المنطقة لأنه عرف كيف "يحتوي" الاحتجاجات التي كان يشهدها.

اليوم وبعد مرور ثماني سنوات، تختلف تقييمات المتتبعين لهذه المرحلة، كما تختلف التقييمات لحصيلة تنزيل الوثيقة الدستورية التي أسس لها ذلك الخطاب.

"وضع مقلق"

خطاب التاسع من مارس جاء في سياق احتجاجات شهدها المغرب قادتها حركة 20 فبراير، التي رفعت مجموعة من المطالب السياسية والاجتماعية بالخصوص.

الناشطة الحقوقية والعضوة السابقة في حركة 20 فبراير، سارة سوجار، تعود إلى لحظة الخطاب وردود الفعل التي أعقبته بين من اعتبره "فرصة لاحتواء الاحتجاجات"، ومن رأى أنه "مكسب حقيقي" ليس لتلك اللحظة فحسب إنما لـ"تراكمات نضالات" الحركة الحقوقية.  

"كنا نتمنى أن تتحسن الأوضاع بعد ذلك الخطاب وبعد الوثيقة الدستورية" تقول سوجار، التي تردف مؤكدة بأسف أن "المشهد السياسي لا يزال مغلقا وانتهاكات الحقوق والحريات لا تزال مستمرة".

اليوم وبعد مرور ثماني سنوات على ذلك الخطاب، وعلى مراجعة الدستور، ترى سوجار أن الوضع "مقلق"، وهو ما يُظهره الواقع وتؤكده وفقها حتى تقارير بعض المؤسسات الرسمية، بالإضافة إلى "خطب رئيس الدولة التي تتحدث عن الفساد الإداري وعدم التوزيع العادل للثروة وفشل النموذج التنموي".

لكن هل المشكل في الوثيقة الدستورية التي أسس لها خطاب 9 مارس أم في قراءات تلك الوثيقة وبالتالي تطبيق مقتضياتها؟ الناشطة المغربية، تجيب مؤكدة ضمن تصريحها لـ"أصوات مغاربية" أن "المشكل في الاثنين، الوثيقة في حد ذاتها والقراءات والتأويلات ذات الصلة بمضامينها".

وتتابع سوجار موضحة أن "الوثيقة الدستورية بقيت فضفاضة، خصوصا أننا في المغرب لم نتمكن بعد من الحسم في مرجعيتنا الدستورية"، مبرزة أن "هذه الضبابية وعدم الحسم في المرجعية هي جزء من السبب في الجمود في التأويل الديمقراطي للوثيقة الدستورية" ما أدى إلى المشاكل التي تظهر على مستوى التطبيق.

ملك المغرب محمد السادس وعلى يمينه نجله الأمير الحسن، ويسارا الأمير رشيد
18 سنة على حكم محمد السادس.. ما الذي تغير؟
مرت 18 سنة على اعتلاء الملك محمد السادس الحكم، شهد فيها المغرب مجموعة من التحولات الاقتصادية، السياسية والاجتماعية. يعتبرها بعض المتتبعين لمجرى الأحداث، إرادة ملكية واضحة للسير نحو الديمقراطية، في المقابل ترتفع أصوات أخرى مطالبة بمزيد من الإصلاحات التي يستحقها المواطن.

​​"مناورة سياسية"

الكثير من المغاربة، بمن فيهم نشطاء حقوقيون وسياسيون من تيارات مختلفة، انضموا إلى حركة 20 فبراير ولبوا نداءاتها من أجل الخروج للاحتجاج في الشارع.

غير أنه وبعد خطاب 9 مارس، انقسمت آراء الكثير من هؤلاء بين من ثمنوا ما جاء به ومن اعتبروا أنه "وسيلة لاحتواء" احتجاجات الشارع.

الناشطة الحقوقية والرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، خديجة الرياضي، واحدة من مؤيدي الرأي الثاني، إذ تقول "اعتبرنا أن ذلك الخطاب وما جاء بعده من مراجعة الدستور، كان مناورة سياسية لامتصاص غضب الشارع وإفراغه من الانتفاضات التي كان يشهدها".

وتتابع الرياضي تصريحها لـ"أصوات مغاربية" موضحة أن "ذلك تأكد من خلال الطريقة غير الديمقراطية التي وُضع بها الدستور"وكذا من خلال مضامينه، إذ أنه "كرس مرة أخرى مراكمة السلط في يد المؤسسة الملكية ولم يمكن من فصل السلط"، وغير ذلك من الأمور التي كانت تشملها مطالب 20 فبراير.

ما يؤكد ذلك أيضا، وفق الرياضي، "عدم تطبيق حتى القليل الذي جاء به الدستور" بل إن هذا الأخير "قد وُضع على الرف" حسب تعبيرها، كما أن "المخزن عاد أكثر قوة من الفترة قبل 2011 وعاد ليتحكم في جميع مناحي الحياة السياسية والاقتصادية، وعاد الاستبداد، وحصار المجتمع المدني والاعتقالات وسط الحراكات والمحاكمات السياسية".

كل ذلك يؤكد، حسب الرياضي أن "الشعارات التي رُفعت في تاسع مارس على علتها ومحدوديتها لم يتم الالتزام بها"، ويؤكد أن  الأمر "كان بالفعل مناورة سياسية كما كنا نخشى في ذلك الوقت".​

ملك المغرب محمد السادس
في عهد محمد السادس.. زلازل سياسية 'هزت' المغرب
شهد المغرب عددا من الأزمات السياسية خلال الألفية الحالية، منذ تولي الملك محمد السادس سدة الحكم. ولعل آخر هذه الأزمات السياسية التي عرفتها البلاد كانت أزمة تشكيل الحكومة بعد الانتخابات السابع من أكتوبر 2016، خلال ما سميت بفترة "البلوكاج الحكومي".

​​"خطاب تاريخي"

في المقابل، كانت هناك آراء أشادت ولا تزال بخطاب 9 مارس والدستور الذي أسس له، واعتبرت ولا تزال أنه "مكسب"، وإن كانت ترى أن هناك إشكالات على مستوى تطبيق مضامين الوثيقة الدستورية.

في هذا الإطار يقول المحلل السياسي، محمد بودن إن "'خطاب التاسع من مارس كان خطابا تاريخيا"، كما كان "تفاعلا إراديا مع الديناميات الاحتجاجية التي كان يعرفها المغرب"، وهكذا فإن "ذلك الخطاب أنشأ الاستثناء المغربي".

أما بخصوص الثماني سنوات التي أعقبت الخطاب، فبودن يؤكد أنه"تحقق الكثير" خلالها، ويضيف "على المستوى المؤسساتي تم تفعيل مؤسسات جديدة وعلى المستوى الحقوقي أصبحنا نتحدث عن حقوق لم نكن نتحدث عنها في السابق كالحق في الوصول إلى المعلومة".

ولا ينفي بودن أن "هناك إكراهات وصعوبات على مستوى التنزيل"، حيث أن "التنصيص الدستوري يحث السلطات على القيام بجهود من أجل تمكين المواطن، ولكن على المستوى الواقعي هناك صعوبات جمة تقف عائقا أمام ذلك"، غير أنه يؤكد بالرغم من ذلك أن المغرب حقق منذ مارس 2011 إلى اليوم "الكثير من المنجزات".

وفي الوقت الذي يطرح البعض فكرة إجراء تعديل للدستور ولو بشكل جزئي، فإن بودن من جانبه يرى أن "شروط التعديل الدستوري غير متوفرة الآن"، ويؤكد أن "الأهم هو تنزيل ما جاء في دستور 2011 والوصول إلى نسبة 100% من تفعيل مضامينه".

 

المصدر: أصوات مغاربية 

مواضيع ذات صلة