Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

مصطفى التراب
مصطفى التراب

أعد المجلس الأعلى للحسابات بالمغرب (مؤسسة رسمية مغربية لمراقبة تسيير المرافق والأجهزة العمومية) تقريرا عن النشاط المنجمي للمجمع الشريف للفوسفاط، رصد بعض النواقص وأوجه القصور في تسيير هذه المؤسسة.

ورصد هذا التقرير، بشكل خاص، بعض الجوانب المتعلقة بـ"التخطيط والبرمجة المرتبطة بهذا النشاط، وكذلك معالجة الفوسفاط عن طريق الغسل والتعويم"، كما "تطرق إلى استخدام وصيانة المعدات المستعملة في الاستغلال المنجمي، بالإضافة إلى الجوانب البيئية المتعلقة بهذا النشاط".

ولم يكشف المجلس عن تفاصيل مراقبته لتسيير هذه المؤسسة، واكتفى بنشر خلاصة لتقريره، أمس الاثنين، مرجعا ذلك لـ"حساسية الجوانب التي تناولتها المهمة، وطبيعة المعطيات التي تم استعمالها، والتي يمكن أن يؤدي نشرها إلى الإضرار بمصالح المجمع".

هذه بعض من الملاحظات التي سجلها المجلس إثر "مهمة المراقبة"، بالإضافة إلى بعض التوصيات التي يقترحها على المجمع:

تخطيط النشاط المنجمي

يوضح المجلس أهمية التخطيط المتوسط والبعيد المدى للأنشطة المنجمية، إذ يعد ضروريا لـ"استشراف مواقع الإنتاج والمناجم التابعة لها بغية تحديد تلك التي ستعوض المواقع الحالية عند نفاذ مخزونها، وذلك بهدف المحافظة على مستوى الإنتاج والمردودية والرفع منهما".

ومما خلصت إليه المراقبة بهذا الخصوص، أن "التخطيط لفتح مناجم جديدة في المواقع المنجمية من أجل الاستجابة إلى الأهداف المحددة في استراتيجية تنمية القدرات الإنتاجية، التي شرع العمل بها منذ سنة 2008، عرف بعض القصور على مستوى الدراسات المنجمية".

من جهة أخرى، يشير المصدر إلى أن "مسلسل اقتناء الوعاء العقاري اللازم لتطور الأنشطة المنجمية يحتاج إلى تأطير بآلية رسمية وموثقة تحدد المتدخلين وأدوارهم وقواعد التدبير التي تحكم عملية تحديد وبرمجة الحاجيات العقارية".

كما ينبه إلى أن تأمين الحقول الفوسفاطية على المدى المتوسط والبعيد يحتاج إلى "مزيد من التدابير الاستباقية من أجل تجاوز العراقيل التي تعيق إنشاء الوعاء العقاري الكافي".

جانب من عمليات استخراج الفوسفاط في منطقة قريبة من مدينة العيون
في المغرب.. أين تذهب أموال الفوسفاط؟
يتوفر المغرب على أكثر من ثلثي الفوسفاط الموجود في العالم بنسبة تقدر بين 75 و85 في المئة، ويحتل الرتبة الثانية بعد الصين دوليا في الإنتاج بحوالي 29.5 مليون طن سنويا، حسب معطيات المكتب الشريف للفوسفاط، وهو مؤسسة تابعة للدولة تتكفل باستغلال كافة مناجم الفوسفاط بالمغرب.

​​"معالجة الفوسفاط"

تهدف عملية "معالجة الفوسفاط" وفق ما يوضحه المصدر إلى الرفع من جودته وذلك "عبر إغنائه لجعله قابلا للتسويق".

وتتم  معالجة الفوسفاط حسب خصائصه "عبر عمليتين أساسيتين هما الغسل والتعويم، يتم إنجازهما في وحدات للمعالجة تدعى المغاسل".

ومما لاحظه المجلس بشأن عملية المعالجة أن "تدبير مخزونات الفوسفاط يتطلب اعتماد مسطرة تحدد بشكل أساسي المستويات المثلى للمخزونات الواجب توفرها قبل المعالجة، وبعدها من أجل ضمان حد معقول من استقلالية وحدات المعالجة مما يساهم في السير العادي لهذه الوحدات".

ذلك أن التدبير الحالي للمغاسل، "يجعلها تشتغل في كثير من الأحيان دون مخزونات احتياطية، مع ما يمكن أن ينجم عن ذلك من اضطرابات في برامج الإنتاج".

من جهة أخرى، يلفت المصدر إلى أنه قد "لوحظ أن تتبع أنشطة المغاسل في شكله الحالي لا يمكن من توفير قيادة ملائمة"، وهو ما يعود أساسا إلى "التأخير المسجل في تشغيل النظام المعلوماتي الذي من المفترض أن يوفر استخراجا آليا للمؤشرات المتعلقة بالأنشطة المذكورة".

استعمال المعدات وصيانتها

"بالرغم من الأهمية القصوى التي يشكلها العتاد في أنشطة استخراج الفوسفاط فإن تدبيره يشوبه بعض القصور"، ويتجلى هذا الأمر أساسا، وفق ما ورد في خلاصة التقرير في "عدم توضيح وتوثيق كل المعطيات المعتمدة في الدراسات لتحديد عدد الآليات اللازمة في استغلال المناجم، وغياب مخطط لتجديد حظيرة العتاد والتخلي عن المتقادم منه من أجل ترشيد استعماله".

من جهة أخرى، وعلاقة بصيانة معدات الاستغلال، يشير المصدر إلى إطلاق المجمع "مشاريع وأوراش متعددة للارتقاء بالصيانة إلى مستوى المعايير الدولية بغية الرفع من نسبة جاهزية العتاد والتحكم في نفقات الصيانة".

غير أن "العديد من هذه الأوراش يسجل تأخرا مهما بالإضافة إلى إنجازات متباينة بين الوحدات المنجمية كما هو الحال بالنسبة لسياسة صيانة المعدات والتجهيزات المستعملة في استخراج ومعالجة الفوسفاط التي لم يتم اعتمادها سوى سنة 2018 بطريقة لاحقة عن انطلاق العديد من مشاريع الصيانة".

آثار بيئية مختلفة

وفقا لما توضحه خلاصة التقرير فإن النشاط المنجمي يُحدث بطبيعته "آثارا بيئية مختلفة وبحدة متفاوتة"، ويتابع مشيرا إلى أنه "وسعيا منه لتقليص هذه الآثار أطلق المجمع برنامج "التميز البيئي" الذي تم اعتماده سنة 2013.

مع ذلك يؤكد المصدر تسجيل "بعض النواقص بهذا الشأن" والتي "تستوجب تداركها"، ويتابع موضحا في السياق نفسه أنه "بالرغم من التقدم الملموس الذي تم تسجيله خلال السنوات الأخيرة في إطار برنامج التميز البيئي والتدابير المتخذة بهذا الشأن فإن مجهودا إضافيا يجب بذله من أجل إعادة تأهيل المساحات الكبيرة المستغلة والتي لا تزال دون معالجة".

من جهة أخرى، تشير خلاصة التقرير علاقة بالأثر البيئي إلى "استمرار الإشكالية المرتبطة بتصريف الأوحال الناتجة عن غسل الفوسفاط التي تعرف تناميا مستمرا لمساحات الأحواض المستعملة لتخزين هذه الأوحال"، وهو ما يؤدي إلى "تدهور مساحات مهمة من الأراضي بالإضافة إلى الآثار البيئية التي قد تحدثها".

​​توصيات ومقترحات "للتحسين"

إثر الملاحظات التي جرى تسجيلها خلال عملية المراقبة أصدر المجلس مجموعة من التوصيات والمقترحات.

من بين هذا التوصيات، "تحسين نظام تخطيط النشاط المنجمي من خلال وضع آليات مناسبة وذات طابع رسمي" من بين ما تشمله "إعداد مشاريع الاستغلال طويل الأمد والمشاريع الاستراتيجية المحينة لكل موقع ومنجم".

كما دعا علاقة بمعالجة الفوسفاط، إلى "تحسين استغلال القدرة الإنتاجية المتاحة بالمغاسل"، و"تسريع وتيرة تطبيق الإجراءات المتعلقة بحل المشاكل المتكررة" بها.

ومن بين ما أوصى به بشأن صيانة المعدات، "الإسراع في إنجاز أوراش الارتقاء بالصيانة إلى مستوى الاحترافية".

أما بخصوص الأثر البيئي، فقد أوصى المجلس المجمع بـ"بلورة وتنفيذ خطط طموحة لمعالجة وإعادة تأهيل الأراضي المستغلة من أجل تدارك المساحات المتراكمة في أفق زمني معقول"، إلى جانب "البحث عن حلول ملائمة للتحكم في مساحات الأحواض المستعملة لتخزين الأوحال الناتجة عن غسل الفوسفاط".

خطط المجمع الشريف للفوسفاط

من جانبه استقبل المجمع الشريف للفوسفاط، "بارتياح" الملاحظات التي تضمنتها خلاصة تقرير المجلس الأعلى للحسابات، وذلك وفق ما أوضحه مصدر من المجمع لـ"أصوات مغاربية"، والذي قدم في السياق نفسه، بعض الإضافات. 

فبخصوص ما سجله المجلس بشأن تخطيط النشاط المنجمي، يشير المصدر إلى إطلاق برنامج التحول الرقمي سنة 2017، ويتضمن المخطط المنجمي "mine planning" الذي يهدف القيام بـ"تخطيط متعدد الآفاق على منصة واحدة لجميع المواقع"، وهو المخطط الذي يتم اعتماده حاليا في موقعين على أن يغطي جميع المواقع المنجمية خلال السنة الجارية. 

وعلاقة بعملية صيانة معدات الاستغلال، يؤكد المصدر عمل المجمع على استكمال رقمنة أنشطة الصيانة وذلك بنسبة 100% خلال السنة الجارية، مشيرا في السياق نفسه إلى تطوير خوارزميات تتيح التنبؤ بالأعطال باستخدام تقنية الذكاء الصناعي. 

أما بخصوص ما ورد في خلاصة التقرير بشأن الأثر البيئي للنشاط المنجمي، فيشير المصدر إلى إطلاق عملية إعادة التأهيل وغرس ألف هكتار سنويا، وهي المساحة التي تعادل، وفقه، مرتين الاستهلاك السنوي للأراضي، وذلك بهدف، إعادة تأهيل وغرس جميع الأراضي المستغلة. 

كما يتم العمل خلال السنة الجارية، على اختبارات صناعية لترشيح وحل الغسل، وذلك بهدف القضاء بصفة نهائية على الأحواض ابتداء من هذه السنة، الأمر الذي سيمكن من تخفيض استهلاك المياه في المنجم بحوالي 20٪.

​​يشار إلى أن المجمع الشريف للفوسفاط الذي  يُشغل أزيد من 20 ألف عامل يعتبر "أول مقاولة مغربية ذات بعد وطني ودولي"، كما "يعد أول مصدر للفوسفاط ومشتقاته على الصعيد العالمي".

وقد حقق المجمع، وفق ما يوضحه المجلس في تقديم خلاصته، رقم معاملات بلغ 48.5 ملايير درهم خلال سنة 2017، "مساهما بذلك بنسبة 17% من صادرات المغرب و18% من احتياطي العملة الصعبة".

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة