قال أستاذ الاقتصاد بجامعة البليدة، كمال رزيق، إن الجزائر تتكبد خسارة يومية تقدر بـ"300 مليون دولار يوميا بسبب الحراك". وأكد في حوار مع "أصوات مغاربية" أن استمرار الأزمة الحالية "سيعرض السلطة والشعب لمواجهة كارثة اقتصادية".
نص الحوار
"الحراك الشعبي" في الجزائر يدخل شهره الثاني، ما تأثير ذلك على الاقتصاد الوطني؟
الوضع الاقتصادي في الجزائر يعيش هذه الأيام مرحلة جد حساسة بدأت مؤشراتها الأولى تظهر للعيان، وقد تتفاقم في المستقبل إذا تواصل الحراك الشعبي.
لابد من التأكيد على التراجع الرهيب لقيمة الدينار الجزائري في السوق السوداء بقيمة وصلت إلى 20 بالمائة مقارنة مع عملات أجنبية أخرى، ناهيك عن قيام العديد من المستثمرين والعائلات بسحب أموال طائلة من البنوك العمومية خوفا من تداعيات الوضع.
هذه الوضعية قد تشكل ضغطا على السيولة المالية في الجزائر، خاصة مع الانتشار الكبير لمجموعة من الشائعات التي تسهم بدورها في كهربة المشهد الاقتصادي في بلادنا.
هل هناك تقدير للخسارة المالية الإجمالية التي تسبب فيها هذا الوضع؟
أستطيع القول إن الخسارة كارثية بجميع المقاييس والحسابات الاقتصادية. جل المؤسسات العمومية تعاني من تراجع الإنتاج، ناهيك أيضا عن تسلل أفكار العصيان المدني إلى مجموعة كبيرة من القطاعات، وهو ما يشكل خطرا كبيرا على الوضع.
الأرقام الأولية تتحدث عن خسارة تقدر بـ300 مليون دولار يوميا، وهي مرشحة للارتفاع في الأيام المقبلة إذا استمر الحراك الشعبي.
العديد من المواطنين صاروا يلمسون زيادات كبيرة في أسعار أغلب المواد الغذائية، وأعتقد كذلك أن الوضع سيؤدي إلى تراجع نشاط الخدمات العمومية بسبب نقص العائدات الضريبية.
لا ننسى أيضا أن الجزائر تبقى بدون حكومة إلى غاية اللحظة، وهذا في حد ذاته يمثل تحديا حقيقيا بالنسبة للسلطة وللمواطنين على حد سواء.
هناك أخبار أيضا عن إلغاء عدة صفقات بين مؤسسة سوناطراك وشركات عالمية أخرى، هل الأمر صحيح؟
هذا تحصيل حاصل، ونتيجة منطقية لتداعيات هذا الحراك الشعبي. المستثمرون الأجانب شرعوا في تحسس الوضع وهم الآن بصدد مراجعة خططهم الاقتصادية في الجزائر.
لا يمكن لهؤلاء أن يستثمروا دولارا واحد في مناخ اقتصادي تغلب عليه الهشاشة، وترتفع فيه درجات الخطر.
الأمر لا يتعلق بالمتعاملين الأجانب، بل العدوى انتقلت أيضا إلى المستثمرين الوطنيين الذين يرفضون أيضا المغامرة برؤوس أموالهم في وضع اقتصادي شاحب ومتشنج.
منذ شهر ديسمبر الفارط، لم تسجل الجزائر أي مشروع استثماري سواء مع الأجانب أو مع المتعاملين الوطنيين، وهذا مؤشر قوي يعطي صورة واضحة عن الوضع.
أطراف تدعو إلى تنظيم عصيان مدني، هل سيضاعف من الأزمة الراهنة؟
أكيد سنكون أمام كارثة حقيقية، وأعتقد أن الداعين إلى العصيان المدني لم يدققوا في حساباتهم بشكل جيد.
مؤسسة سنواطراك تضررت بشكل كبير حاليا، وفي حال وصلت إليها دعوات العصيان المدني، فسيدفع كل المواطنين الثمن.
كيف ذلك؟
الجميع يعرف أن مؤسسة سوناطراك تغطي بنسبة كبيرة عائدات الخزينة العمومية، وأن أية حركة إضراب ستؤثر بشكل مباشر على إنتاجها وعائداتها.
الخطر لا يكمن هنا فقط، لأن العديد من متعامليها الأجانب سيقاضونها على مستوى محاكم دولية في حال تخلت عن التزاماتها المبرمة بين الطرفين.
هناك مشكل آخر يتعلق بفقدان مؤسسة سوناطراك للعديد من زبائنها في السوق الدولية التي تعرف منافسة قوية بين العديد من الدول. لذا وجب الحذر.
معنى ذلك أن الحكومة الجديدة ستجد صعوبات كبيرة في التعامل مع الوضع؟
بشكل مباشر أقول إن الحكومة القادمة ستجد نفسها في وضع حرج للغاية، وستضطر إلى تسيير مخلفات هذا الحراك الشعبي.
الديون الداخلية وصلت هذا العام إلى حدود 50 مليار دولار، وسترتفع في نهاية العام الجاري إلى 70 مليار دولار.
لا ننسى أيضا الحديث عن تقلص الورادات الجبائية، وهذا أمر كما سبق ذكره سيمس بشكل واضح المواطن، وسيؤثر على ميزانية الجماعات المحلية.
ما الحل الأمثل في نظرك؟
هناك حل واحد فقط يتمثل في جلوس ممثلين عن السلطة وعن الحراك الشعبي على طاولة حوار جادة من أجل إنهاء الوضع الذي تعيشه الجزائر حاليا.
أما إذا حصل العكس، أقول وأكرر بأن البلاد ستواجه كارثة اقتصادية وخيمة سيدفع الجزائريون ثمنها.
المصدر: أصوات مغاربية