Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

خلف "الأزمة الصامتة" التي برزت خلال الأشهر الأخيرة بين المغرب والسعودية، تختفي شجرة خلافات بين البلدين في عدد من القضايا التي تهم منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تتفرع مما هو سياسي وتبرز تجلياتها في الجانب الاقتصادي.

ملامح الأزمة بدت بشكل واضح حينما كشفت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية، عن قرار المغرب الانسحاب من الحرب التي يخوضها التحالف العربي بقيادة المملكة السعودية في اليمن، واستدعاء الرباط لسفيرها في الرياض.

خبر انسحاب المغرب من حرب اليمن نشر بداية فبراير الماضي، لكن وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، استبقه بحديثه عن تغيير الرباط لاستراتيجيتها في التعامل مع هذه الحرب.

 

​​

بالموازاة مع الشق السياسي العسكري للعلاقات المغربية السعودية، كشف بنك المغرب (البنك المركزي) عن تراجع المساعدات المالية التي تقدمها الدول الخليجية للمغرب خلال عام 2018، وهو ما كان أحد عوامل ارتفاع عجز الميزانية.

وبحسب تقرير بنك المغرب، الذي صدر يوما واحد فقط قبل المكالمة الهاتفية التي جمعت بين العاهل المغربي محمد السادس ونظيره السعودي، سلمان بن عبد العزيز، فقد تراجعت مداخيل هبات مجلس التعاون الخليجي خلال العام الماضي، وبلغت 2.8 مليار درهم (نحو 193 مليون دولار)، مقابل 9.5 مليار درهم أي حوالي 993 مليون دولار خلال عام 2017.

متاعب اقتصادية للمغرب

يعتبر الباحث في المعهد المغربي لتحليل السياسات، رشيد أوراز أن "تأخر صرف جزء من الهبة التي خصصتها الدول الخليجية للمغرب كان بسبب توتر العلاقات بين المغرب وبعض تلك الدول، خصوصا السعودية التي أصبحت تخط لنفسها سياسة خارجية عدائية ضد حلفائها التقليديين في المنطقة خلال السنتين الأخيرتين"، وفق تعبيره.

ويشدد الباحث المغربي، في حديث لـ"أصوات مغاربية"، على أن هذا الأمر قد سبب بعض المتاعب الاقتصادية للمغرب، لأنه تعود على الحصول على هذه الهبات، مستدركا "لكن لا يمكن أن نغفل على أنها رغم أهميتها فللمغرب قدرة على تدبير ميزانيته العامة بعيدا عن منطق الابتزاز الذي لجأت إليه بعض تلك الدول لإرغامه على الانخراط في سياساتها الخارجية في المنطقة"، بحسب قوله.

​​

ويؤكد المحلل الاقتصادي المغربي، المهدي فقير، أنه كان للهبات المالية الخليجية "دور هام في مشاريع الدولة"، كما أنها تضفي "نوعا من التوازن في ميزان الأداءات، لأنها عبارة عن عملة صعبة"، لكنه يعتبر أن القول بـ"اعتماد المغرب على هذه الهبات، أو أن لها تأثيرا مباشرا على اقتصاده، أمر غير دقيق"، وفق تعبيره.

ويورد رشيد أوراز أنه "من المفترض أن يكون قانون المالية قد وضع بعيدا عن توقع تحصيل هذه الهبات"، مضيفا أنه "يجب على المغرب النظر في نموذجه الاقتصادي وفي حكامته المالية والاقتصادية".

'تعاطف' الرباط مع قطر

ويؤكد المحلل السياسي السعودي سليمان عبد العزيز العقيلي، أن "العلاقات في حالة جمود بسبب ما اعتبر في السعودية انحيازا من المغرب لقطر خلال الأزمة الخليجية والتي تعاطفت فيها الرباط مع قطر كأنها بلد محاصر بينما هي لم تكن كذلك".

ويورد العقيلي في حديث لـ"أصوات مغاربية": "لاحظنا أن المغرب أرسل إمدادات لقطر في حين أن الشعب القطري كان يتمتع بجميع سبل الراحة، وكانت رسالة فهمت في الرياض على أنها تعاطف مع قطر".

​​

التوتر الدبلوماسي بين البلدين لا يرتبط فقط بقطر، يضيف العقيلي، بل يمتد أيضا "لعدم حرص المغرب على التعاطف مع السعودية في أزمة القنصلية السعودية في اسطنبول، وتوج ذلك بما يشبه عدم الاتفاق على زيارة الأمير محمد بن سلمان، كأن المغرب غير معني بنشاطات ولي العهد الخارجية"، حسب تعبيره.

ويربط العقيلي بين هذا التوتر وتراجع الهبات السعودية للمغرب، ويورد في هذا الاتجاه "لا شك أن ضعف وتراجع هذا الدعم الاقتصادي هو نتيجة للبرود في العلاقات السياسية، والسعودية نذرت نفسها لخدمة أهداف التنمية للمغرب، لكن الرباط أصبحت غير معنية بالاصطفاف مع السعودية".

اختلاف وجهات نظر

لكن المحلل السياسي السعودي، خالد الدخيل، يستبعد فكرة وجود توتر واضح بين الرباط والرياض، ويعتبر أن "هناك اختلافا في وجهات النظر أو ربما سوء الفهم بين الطرفين فقط"، مشددا على أن العلاقات السعودية المغربية تعد "علاقات قديمة وليست وليدة اللحظة".

ويقول خالد الدخيل في حديث لـ"أصوات مغاربية"، إن "هناك مصالح مشتركة ورؤى متقاربة للقضايا العربية، وأحيانا يتم تضخيم الخلافات لكنها لا تصل لمرحلة التوتر، فالخلافات موجودة حتى بين أقرب الحلفاء"، وفق تعبيره.

​​

ويشدد المتحدث ذاته على أن "التحالف بين البلدين خلال المرحلة الحالية التي يمر منها العالم العربي يبقى ضروريا، مع انهيار سوريا والعراق واليمن وليبيا، وتراجع الدور المصري في المنطقة".

ويتابع الدخيل في الاتجاه ذاته التأكيد أن "كلا من الدولتين يعد رئيسيا في منطقته"، مضيفا "نحن في حاجة للمغرب، والمغرب في حاجة للسعودية وللخليج، فهناك إشكاليات في تونس وليبيا، بالإضافة للتحول الكبير الذي تشهده الجزائر، ما يحتم التنسيق لتحقيق الأهداف المشتركة"، بحسب تعبيره.

مساعدة 'غير مصيرية'

ظل المغرب يستفيد من المساعدات المالية الخارجية القادمة مع عدد من الدول الصديقة له، سواء من الخليج أو أوروبا أو الولايات المتحدة، لكن يبقى السؤال هو مدى قدرة الاقتصاد المغربي على ضبط ميزانيته في حال تراجع هذه المساعدات أو تأخرها.

وفي هذا السياق، يشدد الخبير الاقتصادي المغربي، مهدي فقير، على أنه "لا يمكن الجزم بوجود تأثير مباشر على المغرب بتراجع أو تأخر المساعدات"، مضيفا أن "الهبات الخليجية كانت تشكل أحد موارد الدولة الاستثنائية، لكنها ليست المورد الرئيسي على عكس بعض الدول التي تعتمد على هذه المساعدات بشكل كبير".

​​

وبخصوص العجز في الميزانية، يشير الفقير في حديث لـ"أصوات مغاربية"، إلى أن هذا العجز وصل إلى 4.1 في المائة، لكنه يستدرك بالتأكيد على أن هذا العجز ليس هيكليا ومرتبط بأسباب أخرى.

ويشير الباحث في المعهد المغربي لتحليل السياسات، رشيد أوراز في الاتجاه ذاته، إلى أنها "مساعدات مهمة لكن ليست مصيرية، بحيث لا يتوقف عليها مصير الاقتصاد المغربي. يمكن تعويضها بطرق شتى، تقنية واقتصادية".

أما الفقير، فيشير إلى أن المغرب يمكن أن يتجاوز تبعات تراجع المساعدات المالية الخليجية، "من خلال الرفع من كفاءة الإنفاق العام والتحصيل من الموارد الجبائية للدولة، وكذا ترشيد النفقات حتى نصل للتوازن المنشود".

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة