بكثير من الحزن الممزوج بالغبن والغضب، يحكي عدد ممن يصفون أنفسهم بـ"ضحايا الشيخ الرضى" في موريتانيا، عن عملية نصب واحتيال تعرضوا لها من قبل هذا الأخير بعد بيع أو شراء بيوت أو قطع أرضية.
وبدأت القصة عندما قام موريتانيون بشراء بيوت أو قطع أرضية من شيخ يدعى علي الرضى بن محمد ناجي الصعيدي، بأثمنة زهيدة، لكنهم اكتشفوا أن عملية الشراء لم تتم رغم أنهم قاموا بدفع المبالغ المتفق عليها.
كما كشف بعض "الضحايا" عن بيعهم لأراضي أو بيوت للصعيدي، لكنه يم سلمهم مستحقاتهم بعد التوقيع على العقود.
🇲🇷 Mauritania: the Ponzi schemer, his name is Sheikh Rada, using his religious position, would buy properties from people at a higher price of its real value, pay only part of the price, then wrote them notes for the remaining amount to be paid later. #FreeSpeech pic.twitter.com/xKebYXH18T
— Weddady (@weddady) March 22, 2019
يتحدث سيديا ولد أحمد عبدي، أحد "ضحايا الشيخ"، عن عملية احتيال تعرض لها من أجل بيع منازل، إذ أنه لم يتلق أية أموال مقابل ممتلكاته.
عبدي ليس الوحيد الذي تعرض لهذه العملية، ما دفعه قبل شهر ونصف، إلى تأسيس منظمة تجمع عددا من الموريتانيين الذين تعرضوا لنفس الأمر، حيث يرأس ولد أحمد عبدي "نادي ضحايا الشيخ الرضى"، ويطالب برد الاعتبار للضحايا، واسترداد الأموال التي لا تزال بذمته.
من يكون الشيخ؟
حرص الرضى بن محمد ناجي الصعيدي خلال المناسبات القليلة التي تحدث فيها للإعلام على إبراز "أصوله المصرية وأنه ينحدر من سلالة الرسول".
يقدم الشيخ نفسه على أنه من سلالة "الجد الجامع للشرفاء الصعيديين في موريتانيا الشريف سيدي محمد الصعيدي هو فتى شريف حسيْنِي صعيديَّ مصريَّ أزهريَّ عالم وليَّ قدم إلى هذه البلاد سنة 1222 هجرية في نهاية سياحة روحية استغرقتْ عشر سنوات كاملة بدأها سنة 1212 هجرية من القاهرة ومكث في هذه الربوع عقدًا من الزمن وتوفي في جنوب البلاد سنة 1232 هجرية".
ادعاء انتسابه لأصول مصرية، أسال الكثير من المداد في موريتانيا، ما جعله ينشر بيانا يقول فيه إنه أرسل إلى مصر سنة 2015 جماعة تبحث في تحقيق نسب جدهم سيدي محمد الشريف الصعيدي، وبعد عودتهم من مصر وصلتهم وثيقة مرسلة من نقابة الأشراف هناك تثبت أن نسب سيدي محمد الشريف الصعيدي ينتهي إلى الحسين بن علي.
وبعد أن بدأت تلاحقه تهمة "الاحتيال على آلاف الموريتانيين"، انتشرت إشاعة تفيد أنه هاجر إلى مصر، وهذا ما نفاه بيان لمستشاره الإعلامي قال فيه "الشيخ علي الرضى بن محمد ناجِ الصعيدي أصلا لا يريد العودة إلى صعيد مصر ولم يبحث عن العودة إلى صعيد مصر بشكل رسمي ولا بشكل غير رسمي، وهو يرضى موريتانيا وطنا له كما رضيها أسلافه، فأرض موريتانيا وطنهم الكريم ولا يريدون السفر عنها".
حسب عدد من الشهادات للذين تعاملوا مع الشيخ علي، فإن هذا الأخير، ظل يقدم نفسه على أنه "الشيخ الورع الذي يريد مساعدة الفقراء المحتاجين"، من خلال إقناعهم ببيع أو شراء قطع أرضية أو بيوت، قبل أن تتحول هذه المساعدة إلى "كابوس حقيقي، إذ من الضحايا من أصبح مشردا"، حسب "نادي ضحايا الشيخ الرضى".
ضحايا الرضى!
بدأت عملية الاحتيال، حسب سيديا ولد أحمد عبدي، رئيس "نادي ضحايا الشيخ الرضا"، قبل 14 سنة، وتطورت بشكل كبير منذ سنة 2008، إذ يقول ضمن حديث لـ"أصوات مغاربية"، إن "عدد ضحايا الشيخ يصل إلى 8900 موريتاني، أغلبهم في العاصمة نواكشوط، ومنهم من يتواجد بالعاصمة الاقتصادية نواذيبو، بالإضافة إلى مناطق أخرى".
وتبرز عدة تساؤلات حول طريقة الاحتيال التي تم اتباعها من أجل خداع هذا العدد في مختلف المناطق بموريتانيا لفترة تمتد لـ14 سنة.
ويفسر عبدي ذلك بكون "الشعب الموريتاني غير ملم بأبجديات الاقتصاد والبيع والشراء، ويصدق أي شخص يلبس العباءة الدينية، ويقدم له ممتلكاته".
ويرد التفسير ذاته على لسان محمد عبد الله سبرو، وهو أيضا أحد "ضحايا الشيخ الرضى"، إذ يقول "الشعب الموريتاني تربى على الإسلام ويثق في الشريعة الدينية ويقبلها بنسبة 100 في المائة، وحينما جاء الشيخ وجماعته دخلوا من هذا الباب من أجل النصب على الشعب والاحتيال عليه".
"حصاد عمري"
"لقد قام الشيخ بالسطو على حصاد عمري"، عبارة تختصر حديث سيديا ولد أحمد عبدي، الذي يحكي بكثير من الغبن عن تجربته مع الشيخ الرضى، ويقول إنه أسس شركة للبناء أسماها "مؤسسة رملة للأشغال العامة"، وشرع في بناء البيوت وبيعها، "وأسست رأسمالا محترما في حدود مليون دولار، وكانت لدي منازل لم أجد من يشتريها، واضطررت للتعامل معه، وبعت له عددا من البيوت والقطع الأرضية، لكنني لم أحصل على مستحقاتي".
ويضيف رئيس "نادية ضحايا الشيخ الرضى" بالقول "هذا الرجل سيطر على السوق الموريتاني، وهو الوحيد الذي بقي فيه، وأصبحنا مضطرين للبيع له أو الشراء منه".
أما محمد عبد الله سبرو، فيقول هو الآخر، إنه "باع منزلين كبيرين للشيخ الرضى بحوالي 102 مليون أوقية، لكن دون أن يتلقى مستحقاته، كباقي 8900 ضحية الذين لا يزالون ينتظرون استرداد أموالهم".
ماذا يقول الرضى؟
بعد هذه الاتهامات الثقيلة التي تلاحق الشيخ علي الرضى بن محمد ناجي الصعيدي، حاولت "أصوات مغاربية" ربط الاتصال بمحمد محمود ولد بدي، أحد وكلاء الشيخ الرضى والمقربين منه، لكن هاتفه ظل يرن دون مجيب.
في المقابل، سبق لموقع الأخبار الموريتاني، أن نشر خلال أبريل العام الماضي، فيديو للشيخ الرضى، ظهر فيه هذا الأخير وهو يقسم على القرآن، ويتعهد بأن يعيد الأموال لمن وصفهم بـ"الدائنين".
المصدر: أصوات مغاربية