يواصل مشروع قانون متعلق بالتربية والتكوين في المغرب إثارة الجدل بين الأحزاب السياسية التي تفاوض منذ أسابيع للوصول لصيغة متوافق بشأنها.
وينصب الجدل بالأساس على مواد بعينها ضمن المشروع الإطار، والتي تسير في اتجاه جعل اللغة الفرنسية، لغة تدريس لبعض المواد العلمية.
وبعد أن وصل منسوب التوافق إلى مستوى مبشر بين الفرق النيابية، تسبب حديث رئيس الحكومة السابق والأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران، في حدوث تراجع وسط صفوف حزبه، الذي يقود الحكومة الحالية.
ويرى متابعون أن خرجة بنكيران، التي دعا من خلالها أعضاء حزبه إلى منع "فرنسة التعليم حتى لو كلف ذلك سقوط الحكومة والبرلمان"، ساهمت في حدوث تراجع في صفوف أحزاب الأغلبية الحكومية.
الزلزال الذي خلفه تصريح الزعيم السابق للحزب الإسلامي أدى إلى تأجيل جلسة التصويت بشأن مشروع القانون الإطار يوم أمس، وهو ما تلاه من غضب وسط باقي فرق الأغلبية البرلمانية.
النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة (معارض) عبد اللطيف وهبي، الذي كان حاضرا خلال جلسة الأمس، أكد أن حزب العدالة والتنمية تراجع عن التوافق، بعد أن قضت الأحزاب وقتا طويلا في سبيل تحقيقه.
تداعيات خرجة بنكيران دفعت عبد اللطيف وهبي إلى التهديد بالانسحاب وعدم حضور جلسة اليوم و إصدار فريقه بيان مقاطعة.
"اتخذنا هذا القرار بالأمس، لكن بعد اتصالات بين الفرق النيابية مساء، تراجعنا عن قرار الانسحاب، وسنكون حاضرين في الجلسة المبرمجة هذا اليوم"، يوضح النائب البرلماني.
أي دور لبنكيران؟
هذا التجاذب، الذي انفجر مباشرة بعد حديث رئيس الحكومة السابق، المعروف بجرأته السياسية، طرح أسئلة حول قدرة رجل بدون مسؤوليات سياسية أو حزبية، على التأثير في مسار المشروع السالف الذكر.
لكن النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية عبد العزيز أفتاتي يرى أن بنكيران لم يكن السبب في موقف حزبه الأخير، الذي صنف "تراجعا" ضمن مسيرة المصادقة على القانون الإطار. "غير صحيح أبدا، صحيح بنكيران تدخل، لكن الحزب كان واعيا بالمسألة واتخذ الموقف المناسب"، يقول أفتاتي.
وفي وقت رفض فيه وهبي التعليق على تأثير رئيس الحكومة السابق على مسار الجلسات البرلمانية، اعتبر بالمقابل أن موقف الحزب الذي يقود الائتلاف الحكومي "غير سليم ويتناقض مع برنامج الحزب ذاته".
مربط الجدل
يقع الخلاف بين الأحزاب الممثلة في البرلمان على مادتين ضمن مشروع القانون الإطار للتربية والتكوين وهما المادتين 2 و13، اللتين حصل فيهما تعديل "غير مبرر "، حسب تعبير أفتاتي.
ويوضح النائب البرلماني عن الحزب الإسلامي أن هذه المواد، المدرجة في الصيغة التي قدمها وزير التربية الوطنية سعيد أمزازي، شابها "تدليس وتشويه" لا يتناغم مع الصيغة الأصلية والمرجع المتمثل في الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم، حسب قوله.
وهو الموقف الذي سبق لبنكيران التعبير عنه، حيث أكد وجود تعديل لم يكن مجدولا حتى لما كان رئيسا للحكومة، متهما أطرافا لم يسمها، بمحاولة "فرنسة التعليم المغربي"، في خرق لدستور البلاد، حسب قوله.
أما النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة عبد اللطيف وهبي، فلا يرى أن الأمر يتعارض مع الدستور ويؤكد أن تعليم اللغات مسألة حيوية بالنسبة للتلاميذ المغاربة من أجل رفع تنافسيتهم على المستوى الدولي.
"نقاش سياسوي"
الشد والجذب بين الفرقاء السياسيين حول هذا الموضوع يعكس، بحسب الباحث أحمد عصيد، وجود صراع سياسوي بين الأحزاب المغربية، سواء من أجل تصفية حسابات أو لأغراض انتخابية.
ويرى عصيد، المدافع عن توظيف اللغات الأجنبية في التعليم، أن الأحزاب المدافعة عن اللغة العربية تدرك تماما أنه لا يمكن تدريس المواد العلمية باللغة العربية، "وما تقوم بها اليوم ليس إلا محاولة نشر أفكار محافظة ستجد صدى في مجتمع محافظ، الأمر الذي يمنحها مكاسب انتخابية".
المصدر: أصوات مغاربية